الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
الصراع الأمريكي- الروسي على إفريقيا

كيوبوست- ترجمات
ثيودور كاراسيك♦
شهدت إفريقيا نشاطاً محموماً لكل من روسيا والولايات المتحدة خلال الشهر الماضي؛ حيث زارها كل من وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف؛ بهدف التأثير على عدد من دولها الرئيسية. وتتصارع موسكو وواشنطن على بسط نفوذهما في إفريقيا، بينما يتراجع النفوذ الأوروبي وتتغلغل الصين في القارة. وشملت زيارة يلين كلاً من السنغال وجنوب إفريقيا وزامبيا، بينما زار لافروف جنوب إفريقيا وإسواتيني [سوازيلاند سابقاً- المترجم] وأنغولا وإريتريا، في ثاني جولة له في القارة خلال ستة أشهر.
وتأتي زيارة يلين إلى إفريقيا كبداية لجهود إدارة بايدن لإعادة بناء العلاقات مع إفريقيا التي ستلعب دوراً رئيسياً في مستقبل الاقتصاد العالمي، والتي يتزايد فيها النفوذ الصيني بشكل كبير، وتحتفظ روسيا فيها بموطئ قدم عسكري ودبلوماسي. وركزت يلين في زيارتها إلى زامبيا على فخ الديون ومشروعات التعدين الصينية، وذلك يندرج في سياسة الولايات المتحدة لعرقلة التوسع الصيني في إفريقيا؛ حيث تتواصل الولايات المتحدة مع شركاء أوروبيين وعرب، للمساعدة في توفير بدائل جديدة وشفافة للعروض الصينية والروسية في مجال التعدين. وقد وقعت جمهورية الكونغو اتفاقية مع الإمارات العربية المتحدة كجزء من برنامج الولايات المتحدة السياسي في إفريقيا.
كما زارت يلين مقاطعة مناجم الفحم مبومالانجا في جنوب إفريقيا، وأعلنت إجراءات أكثر تشدداً بخصوص سقف أسعار النفط الروسي، وطالبت الحكومة الجنوب إفريقية باتخاذ إجراءات بحق الشركات المحلية والحكومات الأخرى التي تنتهك العقوبات الأمريكية على روسيا. وتزامنت تصريحاتها مع إعلان واشنطن مجموعة فاغنر الروسية منظمة إرهابية أجنبية موجودة في عدد من المناطق الساخنة في إفريقيا.
اقرأ أيضاً: هل يصنع “طباخ بوتين” من ثروات إفريقيا طبقاً روسياً شهياً؟
وفي غضون ذلك، زار لافروف إسواتيني، وهي واحدة من الدول القليلة في العالم التي تعترف بتايوان التي وقعت معها اتفاقية لاستضافة أكبر مراكز البيانات في إفريقيا. وربما تهدف زيارة لافروف إلى عرقلة هذه الصفقة أو التأثير عليها لصالح شركات التكنولوجيا الصينية. وتتعارض زيارة لافروف إلى أنغولا وإريتريا مع المصالح الأمريكية التي عرضتها يلين في جولتها الإفريقية؛ حيث يسعى لافروف إلى حشد الدعم لروسيا في الأمم المتحدة بشأن حرب أوكرانيا. وقد كانت إريتريا واحدة من خمس دول فقط صوتت ضد إدانة روسيا؛ وهي سوريا وكوريا الشمالية والصين وبيلاروسيا.

وأثناء زيارته، أجرى لافروف محادثات مع كبار القادة الأنغوليين والإريتريين حول استمرار الدعم الإفريقي لموسكو في المحافل الدولية، وفي أنغولا ناقش لافروف بناء محطات نووية في البلاد على الرغم من أن العقوبات الدولية والمناخ الدولي يشكلان عائقاً كبيراً يحول دون تنفيذ تلك المشروعات. كما ناقش أيضاً في العاصمتَين مسألة الوصول الروسي إلى موانئ البلدَين؛ خصوصاً ميناء ماساوا الإريتري، الأمر الذي سيثير مخاوف أمنية كبيرة لقرب ذلك الميناء من اليمن، ولأهميته للخطوط اللوجستية السودانية التي تخضع للتطوير. وتكتسب مسألة الوصول إلى الموانئ الإفريقية أهمية متزايدة بالنسبة إلى موسكو مع بدء تأثير العقوبات الغربية عليها بشكل كبير.
اقرأ أيضاً: جنوب إفريقيا تستضيف مناورات بوتين البحرية
بشكل عام، ركزت زيارة يلين ولافروف على الجزء الجنوبي من القارة، باستثناء زيارة لافروف إلى إريتريا، التي تتمتع بأهمية كبيرة بسبب الطبيعة الاستراتيجية للتقسيم الجغرافي لإفريقيا. من الضروري معالجة الأسباب الجذرية لمشكلات إفريقيا بطريقة واقعية بدلاً من اللجوء إلى روايات تحجب الواقع. ولا بد من الاهتمام أكثر بالأجواء بدلاً من الاعتماد على مصادر حرب المعلومات. ولا شك أنه ستتم معاقبة الحكومات الإفريقية التي تنتهك سياسة العقوبات الأمريكية؛ لكن تبقى مسألة انحسار النفوذ الشرقي في القارة أمراً آخر وموضع تساؤل.
♦زميل أول في معهد ليكسينغتون في واشنطن، ومستشار سابق ومدير أبحاث لعدد من المؤسسات الإماراتية، ومحاضر سابق في كلية دبي للإدارة الحكومية وجامعة ميدلسكس وجامع ولونغونغ في دبي.
المصدر: أوراسيا ريفيو