شؤون خليجيةشؤون عربيةغير مصنف
الصدر في السعودية.. ما وراء الزيارة المثيرة للجدل

كشفت زيارة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر للسعودية، الاحد 30 يوليو 2017، اللثام عما يبدو مرحلة جديدة يشارف العراق على دخولها، ما بعد سقوط “داعش”، لكن هذ المرحلة قد تشهد “داعش سياسي” على حد وصف مراقبين عراقيين، عنوانها السعي العربي بقيادة السعودية لمنع سقوط بغداد بيد ايران، مقابل السعي الإيراني لاحكام الامساك بمفاتيح حكم العراق.
وعلى ضوء ذلك بدأت تحالفات جديدة، تطفو الى السطح بزيارة الزعيم الشيعي ولقائه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في خطوة مفاجئة ونادرة، بعد 11 عاما من القطيعة.
الزعيم الشيعي الذي يملك قاعدة شعبية كبيرة في وسط وجنوب العراق، ويترأس التيار الصدري، يمكن ان يشكل جوهرة السعودية لإزاحة مؤيدي طهران وحلفائها عن مقاليد الحكم في العراق، او على الأقل تشكيل قاعدة معارضة قوية تمنع سطوة النفوذ الإيراني.
وقال مكتب الصدر في بيان حول الزيارة، إن “سماحة السيد القائد مقتدى الصدر أعزه الله توجه لزيارة المملكة العربية السعودية، بدعوة رسمية منها”.
وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية ان اللقاء شهد استعراض العلاقات السعودية العراقية، وعدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك.
من هو مقتدى الصدر وكيف علاقته بإيران؟
عرف عن مقتدى الصدر انه رجل دين شيعي وزعيم التيار الصدري، اكبر تيار شعبي شيعي في العراق، وقائد لاجنحة عسكرية تابعة لتياره متمثلة بكل من جيش المهدي ولواء اليوم الموعود وسرايا السلام، ويعتبر قائدا وزعيما لشريحة كبيرة من المجتمع الشيعي في وسط وجنوب العراق.

وسبق وان اتخذ الصدر مواقف وادلى بتصريحات، قد تبرر التقارب مع السعودية، وحدوث اللقاء الذي وصفته وسائل إعلام عربية بالتاريخي، في حين اعتبرته وسائل اخرى “قنبلة سياسية”.
ومن هذه المواقف دعوته الرئيس السوري بشار الأسد الى التنحي عن الحكم، معتبراً انها خطوة منصفة لتجنيب سوريا ويلات الحروب، وذلك في موقف معارض تماما للسياسة الإيرانية الداعمة بكل ما أوتيت من قوة للنظام السوري.
وكان قد دعا في تصريحات له في أيار 2017، الحكومة الإيرانية إلى “التخلي عن المهاترات السياسية والطائفية والانفتاح على دول المنطقة”، قائلا “على الحكومة الانفتاح على بعض دول المنطقة، وترك المهاترات السياسية والطائفية التي ما جرت عليهم وعلى المنطقة جمعاء إلا الويل”.
طموح إقليمية
ويبدو ان طموحا إقليمية تقف خلف الالتقاء السعودي الصدري، اذ ان مساعي الصدر للعب دور سياسي مؤثر يحتاج لحاضنة إقليمية داعمة، قد تلبيها السعودية، مقابل إيجاد جسم عراقي من داخل التيار الشيعي الذي فرض سيطرته، ينسجم مع سياساتها في الحد من اتجاه بغداد من الحاضنة العربية الى ايران.
ويقود التيار الصدري فصيلا بارزا يدعى “سريا السلام” في قوات “الحشد الشعبي” الموالي لإيران وتتخوف السعودية من توسع قوته العسكرية وفرض نفسه كقوة أمنية في العراق. لكن تسريبات في بعض وسائل الاعلام تفيد بأن الصدر سيدعو لتفكيك الحشد، خاصة وانه دعا في تصريحات سابقة الى استئصال العناصر المجرمة من تشكيلاته، وعارض توجهات ايران لابقائه على حسب الجيش العراقي.
وكان في استقبال الصدر في مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، والذي كان سفير السعودية لدى بغداد سابقا، ولديه علاقات طيبة مع الصدر.

وقال مصدر بالتيار الصدري: “إن زيارة الصدر إلى السعودية تأتي تأكيدًا منه على أهمية إعادة العلاقات بين السعودية والعراق”، وان الاتجاه العام للصدر يتمحور حول السعي لإزالة الفكرة المأخوذة عن العراق بأنه بلد يدور في فلك إيران.
واضاف في تصريحات لوكالة الأناضول، ان “الصدر يخالف التوجه الإيراني في عديد من قضايا المنطقة لا سيما الوضع في سوريا”.
وفي ظل الازمة الخليجية التي يتمحور احد أسباب اندلاعها حول العلاقة مع ايران، انقسم الشارع السعودي والخليجي بين مستهجن لهذه الزيارة ومؤيد يرى فيها خطوة لإنهاء انقسام طائفي مريع ذاقت ويلاته الشعوب العربية في عدة دول.
وذهب بعض المعارضين الى استذكار إدانات الصدر للحرب الخليجية في اليمن. لكن كما يبدو فإن عوامل التقارب تبدو أقوى بالنسبة للسعودية من الابتعاد، وكلا الطرفين لديه مصالح يتحين الفرصة السانحة لتحقيقها، من منطلق ان لا ثابت في السياسة.