الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

الصحافة التركية بين التحريض والترويج لنظريات المؤامرة

ترجمات-كيوبوست

بول إيدون 

يُقال إن التغطية التي تقدمها قناة الجزيرة، الناطقة باللغة الإنجليزية، تختلف اختلافًا جذريًا عن نظيرتها الناطقة باللغة العربية، حيث تتاجر الأخيرة بمعاداة أمريكا ونظريات المؤامرة بطريقة لا تجرؤ الأولى عليها. وبصفة عامة، يمكن القول إن النسخة العربية “تعكس مصالح قطر الإقليمية”، بينما “تميل النسخة الإنجليزية أكثر نحو الشؤون الدولية”(1).

برز هذا الاختلاف مؤخرًا عندما أذاعت قناة الجزيرة العربية فيديو يمكن اعتباره منكرًا للهولوكوست، ويحتوي على تعليق يسأل المشاهدين: “ما حقيقة الهولوكوست وكيف استفادت الحركة الصهيونية منه؟”(2). ورغم إيقاف الصحفيين المسؤولين عن هذا الفيديو عقب تسببهم في هذا الجدل، فإنه يستحيل أن يظهر مثل هذا المحتوى المعادي للسامية على النسخة الإنجليزية. وبعيدًا عن هذه الازدواجية، فالوضع بالنسبة إلى الصحافة التركية مختلف في هذه الأيام. تنشر الصحف التركية، مثل «يني شفق»، وهي الصحيفة القومية المتطرفة الموالية للحكومة، تنشر بشكل دوري مقالات طويلة ومملة، تتسم غالبًا بالعداء الشديد للولايات المتحدة، ولإسرائيل، وللغرب بشكل عام، باللغتين الإنجليزية والتركية. وتنتشر المواد التآمرية والبغيضة، في الصحافة الموالية للحكومة في تركيا، ويمكن للجميع قراءتها فهي متاحة لأي شخص.

التحريض

تشيع معاداة الولايات المتحدة بشكل مقلق في الصحافة التركية. وكثيرًا ما تُصوَّر الولايات المتحدة في الشرق الأوسط على أنها مُعتدٍ وعدو شرير للأمة التركية. وتستخدم صحيفةُ «يني شفق» السابق الإشارة إليها مصطلحاتٍ مثل “التحالف الصليبي الصهيوني” لوصف الولايات المتحدة وإسرائيل وأنشطتهما في المنطقة، التي تدّعي الصحيفة دائمًا أنها جزء من مؤامرة كبرى لتقسيم تركيا، وفي نهاية المطاف القضاء على الأمة بأسرها(3).

إبراهيم كاراغول، محرر «يني شفق»، لديه عمود يجسد وجهة النظر هذه تمامًا. على سبيل المثال، في فبراير الماضي، عندما كانت هناك تكهنات بأن قواتٍ أوروبية ستعزز القوةَ العسكرية الأمريكية الصغيرة في سوريا، ادّعى كاراغول على الفور أن هذا جزء من مؤامرة كبرى، تعود لمائة عام بعد معاهدة سيفر، لحصار تركيا ثم تقسيمها وتدميرها، قائلًا “إن كلَّ من كان ضدنا قبل قرن من الزمان ينضم الآن إلى هذا الحصار”(4).

اقرأ أيضًا: نظريات المؤامرة في الصحافة التركية: كيف تحولت جريمة خاشقجي إلى مؤامرة سياسية؟

المثال السابق هو نموذج، وإن كان متطرفًا، لما يمكن تسميته “متلازمة” سيفر، وهو اعتقاد مألوف بين الأتراك بأن الغرب يحاول بنشاط فرض معاهدة سيفر التي ألغيت في عام 1923 وتقسيم بلدهم مرة أخرى. ينعكس هذا الاعتقاد بشكل متزايد في الصحافة الموالية للحكومة التركية. وكثيرًا ما يزعم كاراغول أن أنقرة تحتاج إلى التوسع إلى ما وراء حدودها عسكريًا من أجل الدفاع عن نفسها، محتجًا بأن “خط الدفاع التركي لا ينتهي بأي حال من الأحوال عند آخر نقطة في حدودنا. وهذا الخط الدفاعي هو المنطقة بأكملها”. اللافت أن رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو قد عبر عن وجهة نظر مماثلة عندما أشار، في أوائل عام 2016، إلى أن “المنطقة الأمنية” التركية تمتد من حلب في سوريا وصولًا إلى السليمانية في كردستان العراق(5).

وفقًا لسكاي نيوز: 38% فقط من الأتراك يثقون في الصحافة التركية

ينشر كاراغول، وصحيفته، مثل هذه الادعاءات بشكلٍ متكرر. ويصف الولايات المتحدة بأنها “دولة معادية” تُشكل “تهديدًا خطيرًا لوجود بلادنا ووحدتها وسلامتها وحاضرها ومستقبلها”. كما يؤكد، مرارًا وتكرارًا، أن الولايات المتحدة كانت وراء محاولة الانقلاب التي جرَت في 15 يوليو 2016 في تركيا، وبالتالي دعا إلى طرد الأمريكيين من قاعدة “إنجيرليك” الجوية ذات الأهمية الاستراتيجية في مقاطعة أضنة جنوب شرق تركيا. وكتب “يتم التحكم في حزب العمال الكردستاني وداعش من هناك”. وأضاف أن “هجمات 15 يوليو كانت تُدار من هناك أيضًا. وبعد هذه المرحلة، فإن كل وجود عسكري أمريكي في بلدنا، وعلى أرضنا، يشكل تهديدًا لتركيا”. ثم ذهب كاراغول إلى القول بأنه: “إذا لم يتم ذلك، أو لا يمكن القيام به، سيأتي وقت يحيط فيه الآلاف من الأشخاص بقاعدة إنجيرليك ويحاصرونها. وعندما يحين الوقت، لا يمكن لأحد أن يمنع هذه الأمة من محاصرة الوحدات العسكرية الأجنبية؛ لأن هذا الغضب لا يمكن وقفه أو السيطرة عليه”(6).

لقد أصبحت التهديدات المبطنة من هذا القبيل أكثر شيوعًا في الصحافة الموالية للحكومة. بل إن أحد المعلقين المؤيدين للحكومة التركية ألمح إلى أن الولايات المتحدة ستعاني أحداثًا شبيهة بأحداث 11 سبتمبر، إذا ما واصلت إساءة معاملة تركيا. وكتب عبدالرحمن ديليباك في صحيفة «يني أكيت» اليومية الإسلامية الموالية للحكومة بحماس بالغ: “يجب أن نتوقع أنه إذا استمرت التوترات مع الولايات المتحدة على هذا النحو فإن حدوث 11 سبتمبر أخرى ليس احتمالا مستبعدًا”(7). وبالتأكيد هذه الصحيفة ليست غريبةً عن إثارة الجدل. إذ أَنْحَت باللائمةِ، في السابق، على احتجاجات منتزه جيزي المعروف باسم “جيزي بارك” عام 2013 ضد حكومة رجب طيب أردوغان على “بارونات يهود” ونشرت صورة لهتلر في قلب لغزٍ للكلمات المتقاطعة، كانت الإجابة عليه باللغة التركية: “مشتاقون لكم”(8).

كما زعم كاراغول أن الولايات المتحدة متورطة في مؤامرة طويلة الأمد لتدمير الشرق الأوسط بأكمله، تشمل مهاجمة أقدس المدن الإسلامية؛ مكة المكرمة، والمدينة المنورة. وكما هو الحال مع الأغلبية الساحقة من مقالاته، لا يقدم كاراغول أي دليل يثبت هذه الادعاءات الخطيرة. من الواضح أن هدفه هو تصوير الولايات المتحدة وحلفائها كأعداء لدودين للإسلام، وبالتالي المسلمين، لإثارة العنف ضدهم. وهذا تحريض واضح، خاصة عندما يدعو “ملايين” المسلمين علنًا إلى “النزول إلى الشوارع” من أجل “إفساد هذه اللعبة”(9).

هذه ليست كتابات بعض المجموعات الهامشية من المؤمنين بنظريات المؤامرة أو المتعصبين لها. هذه مواقف الصحفيين الذين لديهم أكبر المنصات الإعلامية. البيئة الإعلامية في تركيا معلومة للجميع حيث يوجد لدى الدولة أكبر عدد من الصحفيين المسجونين في هذا الكوكب(10). وفي ظل هذه الأجواء، لا يمكن تفسير ما يحدث سوى أن كاراغول وأمثاله لديهم ضوء أخضر من أردوغان، وحزب العدالة والتنمية، لتبني مثل هذه الآراء.

عندما أجرى إقليم كردستان العراق، الذي يتمتع بالحكم الذاتي، استفتاء على الاستقلال في سبتمبر 2017، روَّجتِ الصحافةُ التركية لسلسلةٍ من نظريات المؤامرة المعادية للسامية التي تهدف إلى مساعدة حكومة أردوغان على تقويض الاستفتاء. وذكرت الصحف التركية أن 200 ألف يهودي إسرائيلي، من أصلٍ كردي، سيتم إعادة توطينهم في كردستان العراق بعد التصويت في إطار اتفاق سري بين الزعيم الكردي مسعود بارزاني والحكومة الإسرائيلية(11). وكانت إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي أعربت عن دعمها العلني لاستقلال كردستان العراق.

اقرأ ايضًا: كيف علقت الصحافة الدولية على فوز أردوغان في الانتخابات التركية؟

وأطلق الرئيسُ أردوغان نفسُه تصريحاتٍ حول مؤامراتٍ ذاتِ طابع معادٍ للسامية بشأن الاستفتاء. واعترض على وجود الفيلسوف الفرنسي بينارد-هنري ليفي ووزير الخارجية الفرنسي السابق برنارد كوشنر في كردستان مع بارزاني، في ذلك الوقت. وفي لقاءاتٍ مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، أصر على أن الاستفتاء كان مؤامرة كبرى تهندسها الاستخبارات الإسرائيلية، مستشهدًا بوجود ليفي وكوشنر -وكلاهما يهودي- كدليل على ذلك(12).

في الوقتِ ذاته، سعت «يني شفق» إلى تعزيز نظريات المؤامرة التي يطلقها زعيمها، مؤكدة أن بارزاني أيّد إنشاء تنظيم داعش- زاعمة مرة أخرى أنه تم إنشاؤه من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل للإضرار بتركيا- عبر الاستشهاد بشكل غريب بوثيقة للاستخبارات العراقية تعود لعهد صدام حسين. كما ادّعت الصحيفة أن الوثيقة المزعومة تورط ليفي في المخطط. وذكر المقال أن “ليفي الذي لا يخفي أنه يهودي هو أحد مهندسي الاستفتاء غير الشرعي في شمال العراق” مشيراً على ما يبدو إلى أن وجود ليفي دليل على مؤامرة شريرة(13). كما نشرت الصحيفة الإسلامية التركية اليومية رسومًا كاريكاتورية تصوِّر بارزاني على أنه بيدقٌ للإسرائيليين، الذين يتم تصويرهم أيضًا باستخدام أكثر صور معاداة السامية بدائية(14).

وكثيرًا ما يتبنى أردوغان مواقف معادية للسامية، وأصبحت تركيا مكانًا أقل أمانًا لأقلية يهودية آخذة في الانكماش بالفعل كنتيجةٍ مباشرة لذلك. وادّعى أردوغان والأبواق الإعلامية التابعة له مؤخرًا أن رجل الأعمال جورج سوروس دعَّم “الممول الإرهابي” عثمان كافالا، الذي يزعم أردوغان أنه كان مسؤولًا عن احتجاجات “جيزي بارك” عام 2013. وفي الواقع، فإن كافالا ليس سوى رجل أعمال ومساهم في الأعمال الخيرية.

إضافة إلى ذلك، أصرّ الرئيسُ التركي على أن “اليهودي المجرى الشهير سوروس” هو “رجل يكلِّف أشخاصًا بمهام لتقسيم الدول وتحطيمها. لديه الكثير من المال وينفقه على هذا الأمر”. استخدامُ أردوغان، ووكلاؤه، في وسائل الإعلام التركية، لمثلِ هذا الخطاب الشعبوي المعادي للسامية، ساهم في التدهور الاقتصادي الأخير في تركيا(15).

تقرير لـ”بي بي سي”: تركيا مرتع لانتشار “الأخبار الكاذبة” ونظريات المؤامرة

الامتثال للخط الحزبي

تشير التقديرات إلى أن  90% من وسائل الإعلام في تركيا مؤيدة للحكومة، والغالبية العظمى منها تخضع لسيطرة أفراد أو منظمات موالية للحكومة بطريقة أو بأخرى. لقد تم عمليًا إزاحة وسائل الإعلام المستقلة. في أوائل عام 2018، اشترت شركة “ديميرورن القابضة” التركية مجموعة “دوغان” الإعلامية. ونتيجة لذلك، استولت مجموعة مؤيدة لأردوغان على قناة “سي إن إن التركية” وصحيفة «حرييت ديلي نيوز» التي كانت تحظى بالاحترام من قبل.

وخلال الانتخابات الوطنية التي جرت في يونيو 2018، خصصت وسائل الإعلام في دوغان، بشكل جماعي تقريبًا، تغطياتٍ إعلامية لأردوغان وحزبه لمهاجمة المعارضة أو تشويهها أو تجاهلها ببساطة. وفي إحدى المرات، قطعت شبكة “سي إن إن التركية” بثًا حيًا لشخصية معارضة في الانتخابات المحلية في إسطنبول، من أجل بثّ خطاب للرئيس أردوغان(16).

ومع ذلك، لا تعتمد جميع وسائل الإعلام الموالية للحكومة التركية نفس لهجة «يني شفق». ففي نهاية أحد الأطراف هناك التحريض العدائي من كاراغول. وفي الطرف الآخر هناك مقالات أكثر اعتدالًا نسبيًا تصدر من منافذ إعلامية مثل وكالة أنباء الأناضول وصحيفة «صباح» اليومية. تغطي وكالة أنباء الأناضول في المقام الأول ما يقوله أردوغان ويفعله، لذا غالبًا ما يشعر المرء وكأنه يقرأ سلسلة من البيانات الصحفية الصادرة من القصر الرئاسي.

اقرأ ايضًا: دراسة تكشف حقائق صادمة حول التنكيل بالصحفيات التركيات

وتسلك صحيفة «صباح» اليومية نهجًا مماثلًا، وتسعى إلى الطعن في منتقدي الحكومة التركية، وإن كان منطقها عادة ما يكون أقل تآمرًا وذُعرًا من منطق كاراغول. لكن على الرغم من أن وسائل إعلام مثل “الأناضولط وصحيفة «صباح»، تعتبر أكثر دهاء، نسبيًا، من غيرها، فإنها لا تزال تعكس الخطَّ الحكومي في معظم القضايا، وبالتالي تدفع في نفس الاتجاه كما تفعل «يني شفق».

علاوةً على ذلك، تنشر هذه الصحف معلوماتٍ مضللة لتعزيز الروايات الحكومية. على سبيلِ المثال، عندما غزَت تركيا عفرين في شمال سوريا، في أوائل عام 2018، في عمليةٍ عسكرية تهدف إلى تطهير جيبٍ تسيطر عليه وحدات حماية الشعب الكردي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، ذكرت وكالة أنباء الأناضول وصحيفة «صباح»، أن الجيش التركي كان يواجه مقاتلي تنظيم داعش إلى جانب وحدات حماية الشعب الكردي/حزب العمال الكردستاني(17). ولم يتم تقديم أي دليل على هذا الادعاء، ونظرًا للعداء المستحكم بين وحدات حماية الشعب الكردي، وداعش، فمن غير الواضح كيف يمكن لـداعش أن تنشط في ذلك الجيب، إلى جانب وحدات حماية الشعب!

الصورة التي تحاول هذه المنافذ الإعلامية رسمها للعمليات التي تقوم بها تركيا في سوريا مثالٌ جيد على التغطية الشبيهة بتلك التي تقدمها صحيفة «برافدا»، حتى عندما لا تكذب أو تختلق من الناحية الفنية. وهكذا، تصور تلك الوسائل الإعلامية احتلال تركيا للجيبين في شمال حلب، ما يسمى بمنطقة درع الفرات في الشرق، وعفرين في الغرب، على أنه مسعى إنساني وخيري يرحب به إخوة تركيا السوريون ترحيبًا حارًا. صحيح أن العديد من السوريين يرحبون بدخول تركيا، لا سيما في منطقة درع الفرات التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش، وصحيح أن تركيا قامت بعملٍ كبير على الصعيد الإنساني، وعلى صعيد إعادة الإعمار(18). ولكن لا شيء مثاليًا على الإطلاق، لذلك يحق للمرء أن يشك في الأسباب التي تقف وراء عدم إلقاء أي ضوء على الجوانب السلبية للإجراءات التركية في الواقع(19).

عملية عفرين أسوأ بكثير من درع الفرات. خلال الغزو، ركزت الصحف التركية مثل «يني شفق» على الشعبية المزعومة التي يحظى بها التحرك التركي بين سكان عفرين، موحيّة بأنهم شعروا أنه يحررهم من الإرهابيين. من بين القصص التي تم تسليط الضوء عليها قصة لفتاة صغيرة في عفرين تم لم شملها مع عنزتها الأليفة بفضل تلك العملية(20). غير أن ما لم يتم التركيز عليه هو تشريد أكثر من 100 ألف كردي في هذه المنطقة ذات الأغلبية الكردية، تاريخيًا، خلال التوغل.

اقرأ أيضًا: منظمة حقوقية: تركيا “أكبر سجان” للصحفيين في العالم للسنة الثالثة على التوالي

وتجدر الإشارة إلى أنه لم يسمح لهؤلاء الأكراد الذين نزحوا من عفرين بالعودة إليها، ويخشى الإيزيديون المشردون العودة إلى عفرين الآن بعد أن أصبحت تحت سيطرة ميليشياتٍ مدعومة من تركيا، بعضها إسلامية، وبعضها شبه إجرامية، التي قد تستهدف هذه الأقلية الأكثر ضعفا(21). ولم تذكر الصحافة الموالية للحكومة التركية أبدًا الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات العميلة لتركيا ضد المدنيين، التي شملت “الاعتقالات التعسفية، والاختفاء القسري، ومصادرة الممتلكات، وأعمال النهب، التي تغاضت عنها القوات المسلحة التركية”(22)، والانعدام العام لسيادة القانون في عفرين.

وفي حين تشير الصحافةُ التركية إلى عملية الهندسة الديموغرافية التي تقوم بها تركيا وأتباعها في عفرين، إلا أنها تبررها. لم تكتف تركيا بمنع الأكراد المشردين من العودة فحسب، بل سمحت للعرب الذين شردوا من أماكن أخرى في سوريا، لا سيما الغوطة الشرقية، بالاستقرار في عفرين، مما خلق حقائق على أرض الواقع تسهم في تحقيق هدف أردوغان المعلن المتمثل في إعادة المنطقة إلى “أصحابها الشرعيين”، أي السكان الأكثر ملائمةً لتركيا وحلفائها.

تركز الصحافة التركية على الجانب الإنساني لتركيا الذي يمكّن السوريين الذين شردتهم وحشية نظام بشار الأسد، من العثور على منازل جديدة في عفرين، متجاهلة الغرض الجيواستراتيجي لإعادة التوطين هذه.

على النقيضِ من ذلك، يُلاحظ أن الصحافة التركية شديدة الحساسية فيما يتعلق بالانتهاكات التي تُرتكب ضد المسلمين. في عطلةِ عيد الفطر من هذا العام، بثتِ القنوات التلفزيونية الموالية لحزب العدالة والتنمية أشرطة فيديو بشعة تظهر المسلمين يتعرضون للضرب على أيدي غوغاء هندوس في الهند. وفي حين أن التركيز على هذه الانتهاكات أمر مشروع تمامًا، فإن الأمر اللافت للنظر، كما أشار الصحفي التركي إلهان تانير، أنه لم تصل أيٌّ من أشرطة الفيديو المماثلة للأكراد في عفرين الذين تعرضوا للضرب من قبل جماعاتٍ مدعومة من تركيا، إلى تلك القنوات التلفزيونية(23).

في كثيرٍ من الأحيان، تبدو جهود الصحافة التركية لإخفاء الأمور التي تحرج الحكومة أو تضعفها هزلية للغاية. على سبيل المثال، أصبحت قناة “سي إن إن التركية” مصدرًا للسخرية عندما تجاهلت احتجاجات “جيزي بارك”، وبدلًا من ذلك بثت فيلمًا وثائقيًا عن طيور البطريق. وبعد مضيّ أكثر من عام، عندما احتج الأكراد في تركيا على تقاعس أنقرة عندما حاصر تنظيم داعش مدينة كوباني الكردية السورية، بثتِ القناةُ فيلمًا وثائقيًا آخر، لكن كان هذه المرة عن النحل(24).

 

سوابق تاريخية

يمكن القولُ بأن الطفرةَ الحديثة في المشاعر المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل في تركيا تعود إلى عام 2003، وقد ساهمت أحداثٌ عدة، منذ ذلك الحين، في تعزيز هذا الاتجاه وتوسيع نطاقه. الجديرُ بالذكر أن البرلمان التركي، الذي يعكس الإرادة العامة، قرر، في اللحظة الأخيرة، عدم المشاركة في غزو العراق في عام 2003 إلى جانب الولايات المتحدة، على الرغم من جهود أردوغان.

وفي 4 يوليو 2003، غضب الأتراك عندما قام جنود أمريكيون بإلقاء القبض على أفراد من قواتهم الخاصة في كردستان العراق -حيث يعتقد أنهم كانوا يخططون لزعزعة استقرار المنطقة كذريعة لتدخل تركيا- وقاموا بتصويرهم وأيديهم مغلولة ورؤوسهم مغطاة بأكياس، قبل أن يُطلق سراحهم. ذلك الحادث لم يتم نسيانه في تركيا، حيث كان يُنظر إليه على أنه إذلالٌ وطني خطير. ووصفت الصحف التركية القوات الأمريكية على الفور بـ “رامبو” و”أمريكيين قبيحين”(25).

اقرأ أيضًا: مركز ستوكهولم للحريات يكشف بالأرقام: حرب إردوغان على دور النشر ووسائل الإعلام

وأصبحتِ القضيةُ منذ ذلك الحين تُعرف في تركيا باسم (Çuval Olayı) أي حادث الأكياس. ومع استمرار الاحتلال الأمريكي، وتزايد الخسائر في صفوف المدنيين، تحوّل الرأي العام في تركيا بصورةٍ أكبر ضد الأميركيين.

طيلة فترة الاحتلال في العراق، تفاقمت المشاعر المعادية للولايات المتحدة في تركيا؛ بسبب الضحايا والفوضى نتيجة لإحباطٍ وطني محدد، وهو أن الأمريكيين لا يبذلون جهودًا كافية لقمع حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، حيث كان الغزو الأمريكي هو الذي أعطى حزب العمال الكردستاني مساحة أكبر للمناورة، بما يكفي لاستئناف حربه الإرهابية ضد تركيا في عام 2004.

وعندما اختارتِ الولايات المتحدة وحداتِ حماية الشعب الكردي، حزب العمال الكردستاني تحت اسمٍ آخر في سوريا، كشريكٍ لها في مكافحة تنظيم داعش في العراق والشام في عام 2014، ازداد الأتراك غضبًا. ولا تزال قضية وحدات حماية الشعب واحدة من أكبر الخلافات العالقة بين تركيا والولايات المتحدة حتى اليوم. إذ لا يكاد يمر يوم واحد حتى تذكّر فيه الصحافةُ التركية قرّاءَها بأن الولايات المتحدة تدعم “وحدات حماية الشعب/حزب العمال الكردستاني الإرهابي في سوريا”(26).

ارتفع منسوبُ العداء الشعبي التركي ضد إسرائيل بشكل كبير -التي كانت تربطها علاقات وديّة بأنقرة منذ عقود، على الأقل على المستوى الحكومي- نتيجة للصراع في غزة بين إسرائيل وحماس في الفترة 2008-2009. وكان أردوغان قد انتقد بشدة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في منتدى دافوس في عام 2009 بسبب تلك الحرب وترك قاعة المسرح الذي كانوا يتناقشون فيه. ثم تراجعت العلاقات إلى أدنى مستوى لها في العام التالي، عندما صعدت قوات الكوماندوز الإسرائيلية على متن سفينة “مافي مرمرة” التركية، التي كانت جزءًا من أسطول مساعدات من النشطاء الذين كانوا يحاولون كسر الحصار الإسرائيلي على غزة، وأطلقوا النار على أفراد طاقمها وأردوهم قتلى. ورغم مضي عشر سنوات تقريبًا، لم تتعاف العلاقات بين الدولتين بشكلٍ كامل بعد. ولا يزال أردوغان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتراشقان إهاناتٍ مريرة(27).

اكتسبت رواية تركية بعنوان «العاصفة المعدنية» شعبية كبيرة في تركيا في عام 2004. تناولت الرواية غزوًا أمريكيًا لتركيا دحرته المقاومة التركية في نهاية المطاف، بمساعدة من قوى خارجية. وفي جزء من الرواية، يدمر عميل تركي واشنطن العاصمة بسلاح نووي، يؤدي لمقتل الملايين من الأشخاص. وفي حين أنه قد تم بيع الكتاب بوضوح “كرواية”، فإن فرضيته “دخلت الخطاب العام التركي بطريقة يبدو أحيانًا أنها تطمس الخط الفاصل بين الخيال والواقع”. وقد أشارت بعض التقارير إلى أن وزارة الخارجية التركية وهيئة الأركان العامة التركية قرأتا الرواية “باهتمام”(28).

علاوة على ذلك، يحكي الفيلم التركي «وادي الذئاب: العراق» الذي أنتج عام 2006، قصة قوات كوماندوز تركية تتسلل إلى كردستان العراق للانتقام لحادثٍ يرتبط بوضوح بحادث الأكياس. صوّر الفيلم الجنود الأمريكيين على أنهم جزّارون باردون للمدنيين العراقيين وأشرار. وقد تم تصوير جندي يهودي أمريكي، جسد شخصيته الممثل جاري بوسي، في الفيلم، يقوم بنزع أعضاء من أجساد العراقيين. لقد كان أغلى فيلم يُنتج في تركيا في ذلك الوقت، وحظي بشعبيةٍ كبيرة(29).

الفيلم التركي «وادي الذئاب: فلسطين»، الذي عُرض في عام 2011، اتبع خطًا مشابهاً جدًا لما سبق، إلا أن الأشرار هذه المرة هم قوات الكوماندوز الإسرائيليون المتورطون في الإغارة على سفينة “مافي مرمرة”(30).

ويمكن القول إن شعبية أفلام «العاصفة المعدنية» و«وادي الذئاب» كانت شاهدًا على مدى غضب الأتراك من العمليات الأمريكية والإسرائيلية في العراق وغزة، على التوالي. ورغم أنهما أُنتجا كرد فعل على حوادث حقيقيّة، فإنهما يظلان من نسج الخيال. من ناحية أخرى، كثيرًا ما تحاول الصحافة التركية، اليوم، الترويج لنظريات مؤامرة غريبة، باعتبارها حقائق، للرأي العام التركي ولغيره. وتسعى إلى تشويه الواقع من أجل نشر رؤية إسلامية متطرفة للعالم يمكن أن تكون لها تداعيات ضارة تتجاوز حدود تركيا.

الخلاصة

وختامًا، توضح هذه الأمثلةُ المختلفة أن تركيا آخذةٌ في أن تصبح أكبر مصدر للمحتوى المتطرف. وفي ظلّ دور تركيا التاريخي؛ باعتبارها الدولة القيادية في محيطها، وتأثيرها الثقافي القوي على العالم العربي، والجاليات التركية الضخمة في الخارج، قد يؤثر هذا المحتوى سلبيًا على الشرق الأوسط الأوسع، وأوروبا، بل وأبعد من ذلك.

لقد كان يُنظر إلى المملكة العربية السعودية، في السابق، على أنها الناشر الرئيس للتشدد الإسلامي عبر العالم(31). غير أن المملكة انتهجت، مؤخرًا، مسارًا معاكسًا ضد الإسلام السياسي، فيما تقوم تركيا بإيواءِ جماعاتٍ من أمثال الإخوان المسلمين، الذين تم طردهم من مصر عقب الثورة، وتوفر لهم منصاتٍ لبثّ مواد دعائية وتحريضية(32).

يحدث هذا التوجه المقلق في وضح النهار. ومثلما حرصت الحكومات الغربية على إثارة قضايا تتعلق بتأثير قناة الجزيرة على علاقاتها الثنائية مع قطر(33)، ينبغي أن يصبح هذا الأمر قضية في العلاقات الغربية مع تركيا.


صحفي مقيم في منطقة الشرق الأوسط

المصدر: عين أوروبية على التطرف


المراجع

[1] David Pollock, Aljazeera: One Organization, Two Messages, The Washington Institute for Near East Policy, April 28, 2011, accessible at: https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/aljazeera-one-organization-two-messages

[2] Al Jazeera suspends journalists for Holocaust denial video, BBC, May 20, 2019, accessible athttps://www.bbc.com/news/world-middle-east-48335169

[3] Tamer Korkmaz, From where are the plans of the Crusader-Zionist alliance running?, Yeni Şafak, October 3, 2017, accessible at: https://www.yenisafak.com/en/columns/tamerkorkmaz/from-where-are-the-plans-of-the-crusader-zionist-alliance-running-2040135

[4] İbrahim Karagül, Seven countries will deploy troops to east of the Euphrates… Turkey will be sieged once more after a century… The situation is urgent, dire. The Syria intervention must be made immediately, or it won’t be possible ever again!, Yeni Şafak, February 9, 2019, accessible at: https://www.yenisafak.com/en/columns/ibrahimkaragul/seven-countries-will-deploy-troops-to-east-of-the-euphrates-turkey-will-be-sieged-once-more-after-a-century-the-situation-is-urgent-dire-the-syria-intervention-must-be-made-immediately-or-it-wont-be-possible-ever-again-2046916

[5] Zhelwan Z. Wali, Davutoglu: Turkey’s security zone extends to Mosul and Sulaimani, Rudaw, March 29, 2016, accessible at: http://www.rudaw.net/english/middleeast/turkey/29032016

[6] İbrahim Karagül, US is the enemy for Turkey. One day thousands of people will siege Incirlik as well, Yeni Şafak, January 26, 2018, accessible at: https://www.yenisafak.com/en/columns/ibrahimkaragul/us-is-the-enemy-for-turkey-one-day-thousands-of-people-will-siege-incirlik-as-well-2042300

[7] Shameful Anti-Semitism From Yeni Akit Newspapers, Aydınlık Daily, July 20, 2014, accessible at:https://web.archive.org/web/20141129025032/http://www.aydinlikdaily.com/Detail/Shameful-AntiSemitism-From-Yeni-Akit-Newspaper/3983

[8] Turkish columnist appears to threaten new 9/11, Ahval News, August 9, 2018, accessible at:https://ahvalnews.com/september-11/turkish-columnist-appears-threaten-new-911

[9] İbrahim Karagül, They’re preparing a doomsday war… Protect Turkey!, Yeni Şafak, December 6, 2017, accessible at: https://www.yenisafak.com/en/columns/ibrahimkaragul/theyre-preparing-a-doomsday-war-protect-turkey-2040236

[10] For 3rd straight year, Turkey jailed more journalists than any other country: Report, ABC News, December 13, 2018, accessible at: https://abcnews.go.com/International/3rd-straight-year-turkey-jailed-journalists-country-report/story?id=59791362

[11] Barin Kayaoglu, 200,000 Jewish Kurds headed for Iraqi Kurdistan, howls Turkish press, Al-Monitor, September 13, 2017, accessible at: https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2017/09/jewish-israeli-kurds-bound-for-krg-after-referendum.html

[12] Ari Khalidi, Erdoğan continues to blame ‘the Jew’ for Kurdistan referendum, Kurdistan 24, October 5, 2017, accessible at: https://www.kurdistan24.net/en/news/0e56db7d-9995-41c3-bea3-0702de5c1d87

[13] Barzani supports Daesh established by US, Israel, Yeni Şafak, October 5, 2017, accessible at:https://www.yenisafak.com/en/world/barzani-supports-daesh-established-by-us-israel-2795120

[14] Nicholas Danforth, @NicholasDanfort tweet, September 28, 2017, accessible at:https://twitter.com/nicholasdanfort/status/913381270096400384

[15] Aykan Erdemir and John Lechner, Erdoğan’s Anti-Semitism Will Sink Turkey’s Economy, Foreign Policy, December 24, 2018, accessible at: https://foreignpolicy.com/2018/12/24/erdogans-anti-semitism-will-sink-turkeys-economy/

[16] Ilhan Tanir, CNN says it will train CNN Turk in objective journalism — too little too late?, Ahval News, March 10, 2019, accessible at: https://ahvalnews-com.cdn.ampproject.org/c/s/ahvalnews.com/node/44320?amp

[17] Operation Olive Branch launched in Syria’s Afrin to clear PKK, Daesh, Turkish military says, Daily Sabah, January 20, 2018, accessible at: https://www.dailysabah.com/war-on-terror/2018/01/20/operation-olive-branch-launched-in-syrias-afrin-to-clear-pkk-daesh-turkish-military-says

[18] Paul Iddon, Turkey consolidates presence in northern Syria, The New Arab, September 19, 2018, accessible at: https://www.alaraby.co.uk/english/indepth/2018/9/20/turkey-consolidates-presence-in-northern-syria

[19] MEE correspondent, Al- Bab patience with Turkey wears thin after rebel lawlessness, Middle East Eye, May 17, 2018, accessible at: https://www.middleeasteye.net/news/al-babs-patience-turkey-wears-thin-after-rebel-lawlessness

[20] Turkey’s Afrin op returns residents home, reunites little girl with goat, Yeni Şafak, February 26, 2018, accessible at: https://www.yenisafak.com/en/world/turkeys-afrin-op-returns-residents-home-reunites-little-girl-with-goat-3135503

[21] David Meseguer, Stranded between Syria’s frontlines, Afrin’s Yazidis yearn for lost homelands, Middle East Eye, October 6, 2018, accessible at: https://www.middleeasteye.net/news/stranded-between-syrias-frontlines-afrins-yazidis-yearn-lost-homelands

[22] Syria: Turkey must stop serious violations by allied groups and its own forces in Afrin, Amnesty International, August 2, 2018, accessible at: https://www.amnesty.org/en/latest/news/2018/08/syria-turkey-must-stop-serious-violations-by-allied-groups-and-its-own-forces-in-afrin/

[23] Ilhan Tanir, @WashingtonPoint tweet, June 4, 2019, accessible at:https://twitter.com/WashingtonPoint/status/1135947672689528832

[24] Patrick Cockburn, Isis in Kobani: Turkey ignores Kurdish fury as militants close in on capturing the town, The Independent, October 9, 2014, accessible at: https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/isis-in-kobani-turkey-ignores-kurdish-fury-as-militants-close-in-on-capturing-the-town-9785903.html

[25] Michael Howard and Suzanne Goldenberg, US arrest of soldiers infuriates Turkey, The Guardian, July 8, 2003, accessible at: https://www.theguardian.com/world/2003/jul/08/turkey.michaelhoward

[26] Levent Tok and Adham Kako, US continuing support for terrorist YPG/PKK in Syria, Anadolu Agency, April 10, 2019, accessible at: https://www.aa.com.tr/en/americas/us-continuing-support-for-terrorist-ypg-pkk-in-syria/1448320

[27] Netanyahu hits back at ‘Turkey’s dictator Erdoğan’, AFP, March 13, 2019, accessible at:https://news.yahoo.com/netanyahu-hits-back-turkeys-dictator-erdogan-072330599.html

[28] Yigal Schleifer, Sure it’s fiction. But many Turks see fact in anti-US novel, Christian Science Monitor, February 15, 2005, accessible at: https://web.archive.org/web/20050215073116/http://www.csmonitor.com/2005/0215/p01s04-woeu.html

[29] ‘Anti-Semitic’ Turkish Blockbuster Denied Release in Germany, Spiegel Online, January 26, 2011, accessible at: https://www.spiegel.de/international/germany/valley-of-the-wolves-controversy-anti-semitic-turkish-blockbuster-denied-release-in-germany-a-741780.html

[30] Sebnem Arsu, New Film Disrupts Turkey’s Holocaust Day, The New York Times, January 27, 2011, accessible at: https://www.nytimes.com/2011/01/28/world/europe/28turkey.html

[31] Dore Gold, Hatred’s Kingdom: How Saudi Arabia Supports the New Global Terrorism, 2003, Regnery Publishing.

[32] Martin Chulov, Israeli government moves to impose ban on al-Jazeera news network, The Guardian, August 6, 2017, accessible at: https://www.theguardian.com/world/2017/aug/06/israeli-government-impose-ban-al-jazeera-news-network; Josh Gerstein, Lawmakers push for Al Jazeera to register as foreign agent, Politico, March 5, 2018, accessible at: https://www.politico.com/story/2018/03/05/al-jazeera-press-foreign-agent-437072

[33] Yotam Feldner, Muslim Brotherhood TV channels, a hotbed of extremism, Jewish News Syndicate, January 9, 2019, accessible at: https://www.jns.org/39412-2/

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة