الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة

الشعر كوسيلة للتواصل وتحسين الحالة النفسية والصحية

كيوبوست – ترجمات 

فيرونيكا ألفانو♦

يحرص القائمون على التخطيط لتدريس الأدب، اليوم، على بعض الأمور؛ من بينها تعليم الطلبة كيفية تحليل القصائد أكثر من حرصهم على استظهارها. ولعلنا نتفق معهم على الأهمية الكبيرة للمهارات التحليلية. لكن على الجانب الآخر، يمكن أن نضع أيدينا على بعض المكاسب المهمة لاستظهار وحفظ القصائد الشعرية؛ حيث يمكن اعتبارها تمرينًا ذهنيًّا للكشف عن الطريقة التي تم بها بناء تلك النصوص، وكذلك المنطق الخاص بكل نص على حدة.

ويملك الشعر طريقة سحرية تستطيع بها القصائد التعبير بدقة عن مشاعرنا الغامضة؛ فكثيرًا ما نشعر بأشياء نكون عاجزين عن التعبير عنها، حتى تلك المشاعر التي لا تمثل أهمية كبيرة بالنسبة إلينا أحيانًا فإننا نشعر بها على نحو مختلف بمجرد تذوق قصيدة ما، وهكذا يمكن أن نفهم أهمية حفظ القصائد حين يتلو كل منا قصيدته المحببة وكأنه هو نفسه الذي يتحدث لا الشاعر.

اقرأ أيضًا: هل يمكن فهم ظاهرة الانتحار من خلال الأعمال الأدبية؟

المعرفة القلبية

وَفقًا للجمعية الوطنية للعلاج بالشعر، يعود استخدام الشعر في الأغراض العلاجية إلى الطقوس البدائية التي كان يردد فيها الوسطاء الروحانيون بعض القصائد؛ بغرض استحضار الخير والرفاهية للفرد أو القبيلة. كما يمكن أن يرجع استخدامه كعلاج إضافي للاضطرابات العقلية إلى طبيب يوناني في القرن الثاني قبل الميلاد يُدعى سورانوس.

وحديثًا يستخدم بعض المعالجين النفسيين قراءة الشعر أو كتابته لتسهيل عملية الشفاء أو تعزيز النمو الشخصي.

يمكن للشعر أن يساعد على تحسين الصحة النفسية – أرشيف

تقول ليا تافورد، الباحثة في مجال العمل المجتمعي بجامعة تورنتو في كندا: “إن كتابة الشعر قد تساعد على تجميع وإطلاق المشاعر الحادة التي أثارتها تجربة مؤلمة”، مشيرةً إلى أن التقاط المشاعر الصعبة على ورقة يمكن أن يساعد الناس على فهم أنفسهم بشكل أفضل.

اقرأ أيضًا: هل أصبح المرض العقلي وباءً عالميًّا؟

ويمكننا أيضًا أن نتعامل مع استظهار القصائد كشكل من أشكال الاستثمار في ما يسمى “المعرفة القلبية”؛ فحينما نحفظ القصائد في ذاكرتنا يتم ادخار صوت داخلي يمكنه أن يعيننا في أوقات الأزمات، كما يمكنه أن يلهمنا ويمنحنا الراحة؛ حيث يشبه الأمر ادخار مخزون ذهني من اللغة المحفزة للذكريات والمصنوعة بمهارة، وبهذا الشكل يمكننا استرجاعها وقت الحاجة.

وعلى مدى العقدَين الماضيين، تم عمل أكثر من 200 دراسة للتحقق من فوائد التعبير بالكتابة على الصحة العقلية والبدنية. وأكدت هذه الأبحاث أن الكشف عن العواطف من خلال الشعر أمر مفيد حتى لو لم يتم بمساعدة معالج نفسي. كما أظهرت الدراسات أن الكشف عن التجارب الصعبة في الكتابات الشخصية يمكن أن يؤدي إلى تحسنات على نطاق واسع في النتائج الصحية، بدءًا من تغيُّر المزاج أو موافقة المريض على زيارة الطبيب وحتى زيادة تعداد الخلايا المناعية ومستويات أنزيم الكبد.

اقرأ أيضًا: حجم السوق العالمية لأدوية الاكتئاب يتضاعف بين عامَي 2015 و2025

سر اللغة

إن محاولة فهم الإنسان مشاعره الخاصة من خلال تأمُّل كلمات شخص آخر هو أمر بالغ الأهمية؛ لأنه يعي بذلك أن هناك شخصًا آخر يتشارك معه المشاعر ذاتها، ويمنحه ذلك إحساسًا منعشًا بالتواصل. والقصيدة ما هي إلا مشاعر إنسانية عابرة للزمان والمكان. وربما يمكن للمرء أن يحصل على مواد ترفيهية أو فنية باستخدام الهواتف الذكية؛ لكنها لن توفر له الشعور بالجمال نفسه، كما تفعل لغة الشعر.

الشعر وسيلة للتعبير العاطفي – أرشيف

وهناك عدد من الأسباب التي تجعل الشعر مناسبًا بشكل خاص كوسيلة للتعبير العاطفي؛ حيث يساعد استخدام الاستعارات والصور في التعبير عن مستويات عميقة من العاطفة يصعب التعبير عنها. وقد يفيد استخدام الإيقاع في إثارة ردود فعل قوية غير لفظية، كما تفعل الموسيقى؛ لأنه بإمكان الطبيعة المجردة للشعر تسهيل مواجهة التجارب المؤلمة التي قد نشعر بالخوف من الاقتراب منها بطريقة مباشرة دون استخدام المجازات والاستعارات.

كما تم استخدام العلاج بالشعر كجزء من منهج علاجي لعديد من المخاوف؛ بما فيها اضطرابات الشخصية الحدية، والأفكار الانتحارية، ومشكلات الهوية؛ حيث تظهر الأبحاث أن هذه الطريقة مفيدة في عملية العلاج. كما أن كثيرًا من الدراسات يدعم العلاج بالشعر كمنهج وحيد لعلاج الاكتئاب؛ حيث أثبت جدواه مرارًا في تخفيف أعراض الاكتئاب، وتحسين تقدير الذات وفهمها، وتشجيع التعبير عن المشاعر.

♦باحثة في الجامعة الكاثوليكية الأسترالية

المصدر:  ذا كونفرزيشن

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة