فلسطينيات
السيناريوهات المحتملة: هل تصمد السلطة الفلسطينية في وجه الحصار المالي؟
بدعم من الدول العربية، يمكن أن يحدث ذلك

كيو بوست –
بشتى الطرق، لا تزال الولايات المتحدة عازمة على إخضاع السلطة الفلسطينية للتفاوض حول صفقة القرن وفق الخطوات المسبقة التي اتخذتها بشأن القدس واللاجئين الفلسطينيين.
بدأت واشنطن خطواتها بالسعي خلف العرب، في خطوة تهدف إلى عزل السلطة الفلسطينية عن حاضنتها العربية، لكن حتى الآن يفشل هذه المسعى في ظل موقف عربي موحد، خصوصًا من دول المحور – السعودية والأردن ومصر.
اقرأ أيضًا: مؤتمر وارسو: هل تنجح واشنطن في اختراق الموقف العربي حيال صفقة القرن؟
الخطوة التالية هي الحصار المالي، وكما هو معلوم فإن السلطة الفلسطينية تسير أعمالها وتقوم بدورها اعتمادًا على التمويل الخارجي بالدرجة الأولى، لذا تعتقد واشنطن أن قطع المال عن السلطة سيدفعها إلى الرضوخ. حتى الآن، تبدي الأخيرة موقفًا ثابتًا وتؤكد على الصمود.
حصار مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل
بشكل تدريجي، بدأت إدارة ترامب خطواتها المالية ضد السلطة؛ ففي بادئ الأمر، أعلنت عن تخفيض المساعدات، ثم تدريجيًا وصلت إلى حد قطع كامل للمساعدات مع وقف مشاريع الوكالة الأمريكية داخل فلسطين، ومؤخرًا بات الحديث عن حصار مالي حقيقي يتردد على ألسنة مسؤولين فلسطينيين.
الخطوات الأمريكية ليست منفردة، إنما جاءت بشكل متزامن مع خطوات هددت بها حكومة الاحتلال، وذلك عبر الاقتطاع من عائدات الضرائب الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل؛ كونها تسيطر على كامل المعابر المؤدية إلى فلسطين وتمر منها الحركة التجارية.
وتمثل عائدات الضرائب أكثر من %50 من واردات الخزينة الفلسطينية، وهي تسد نحو %70 من المصاريف الجارية للسلطة ورواتب موظفيها.
حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس قالت إن الإدارة الأمريكية وإسرائيل بدأتا بتشديد الحصار المالي على السلطة الفلسطينية.
اقرأ أيضًا: كيف عملت السعودية مع الفلسطينيين لمواجهة “عقوبات صفقة القرن”؟
وقال رئيس المكتب الإعلامي لفتح منير الجاغوب إن هذا الإجراء يأتي “بسبب رفض الانصياع لما يحاولون فرضه على الشعب الفلسطيني من خطط ومشاريع لا هدف لها سوى تصفية القضية الفلسطينية”.
وذكر الجاغوب أن واشنطن “تهدد البنوك لكي تمتنع عن قبول أية تحويلات مالية للسلطة الفلسطينية، فيما تستعد إسرائيل من جانبها لمصادرة أموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها بحسب اتفاق باريس الاقتصادي، وهي حق فلسطيني وليست منّة من أحد”.
تطور لافت
وفي وقت أظهرت السلطة الفلسطينية فيه تحديًا تجاه خطوات ترامب بأنها قادرة على مجابهة قطع التمويل الأمريكي -الذي كان يستحوذ على حصة كبيرة من التمويل- يبدو أن سياسات جديدة ستتخذ لإلحاق الأذى بالفلسطينيين.
ففي حين حافظت دول عربية -على رأسها السعودية- على دعمها المالي الكامل للسلطة، عملت الأخيرة على وضع سياسات للحد من الاعتماد على التمويل الخارجي، كما أخذ الحصار المالي أشكالًا جديدة، وفقًا لتصريحات لرئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات حين قال “واشنطن طلبت وقف تقديم أي مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية”.
اقرأ أيضًا: صفقة القرن في محطتها الثانية: اللاجئون الفلسطينيون في عين العاصفة
وأشار عريقات إلى أن الولايات المتحدة أصدرت تعميمًا على البنوك بعدم استقبال أي حوالات إلى حسابات السلطة الفلسطينية.
وقالت مصادر فلسطينية إن الحصار بدأ بمنع منحة عراقية بقيمة 10 ملايين دولار سلمت إلى الجامعة العربية أخيرًا، لم تستطع الجامعة تحويلها بسبب رفض جميع البنوك تسلمها، أو تحويلها لمالية السلطة أو للصندوق القومي الفلسطيني.
السيناريوهات المحتملة
يعد التمويل من مقومات وجود السلطة الفلسطينية التي تشرف على مؤسسات ووزارات المجتمع الفلسطيني وأمنه، وبدون هذا التمويل فإنها لا تستطيع البقاء، حسب مراقبين.
ويتوقع المراقبون في حال سريان الحصار المالي، أن يقدم الرئيس محمود عباس على خطوات جريئة من قبيل الإعلان عن حل السلطة، وهي خطوة هدد بها مرارًا.
اقرأ أيضًا: وثائق وتسريبات صوتية: إسرائيل تعتبر أن السعودية خذلتها وقطر ساعدتها
سيناريو آخر متوقع، يتمثل بإقدام واشنطن على تخفيف الحصار المالي مع إبقاء السلطة في دائرة ضيقة. والمقصود هنا -وفقًا لتقارير رشحت مؤخرًا- هو إبقاء السلطة قادرة على ضبط الأمن في الضفة ومنع التدهور؛ إذ نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين عسكريين في جيش الاحتلال دعوتهم لعدم قطع دعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لأن الإضرار بها يعني تدهور الوضع الأمني في الضفة بما ينعكس فورًا على الاحتلال.
فيما يرى مراقبون احتمالية لسيناريو أخير يتمثل بالتفاف الدول العربية على دعم السلطة ماليًا بما يبدد آثار الحصار الأمريكي.