الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

السياسة الخارجية لأردوغان تُعَجِّل بانهيار تركيا

كيوبوست

نظَّم معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، ندوة تحت عنوان “إمبراطورية أردوغان.. تطور السياسة الخارجية التركية”؛ لمناقشة كتاب “إمبراطورية أردوغان.. تركيا وسياسات الشرق الأوسط” للباحث سونر كاجابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية بمعهد واشنطن، بحضور الباحثين: أماندا سلوت ومولي مونتجمري وتوماس هوسكينز.

والكتاب هو الثالث لكاجابتاي في ما يخص تعرضه لتحليل السياسات التركية تحت قيادة أردوغان، وذلك بعد كتابَيه السابقَين “السلطان الجديد.. أردوغان وأزمة تركيا الحديثة” عام 2017، وقبله “الصعود التركي” عام 2014.

اقرأ أيضًا: انشقاقات رسمية في تركيا وغضب شعبي ينذران بانتهاء عهد أردوغان

من جانبه، قال مؤلف الكتاب سونر كاجابتاي: “إن أردوغان اتبع سياسات متعجرفة في ما يخص تعامله مع الدول العربية في المنطقة؛ إذ إنه بدلًا من أن يقيم معها علاقات مستقرة، ويزيل آثار الماضي لدى العرب الذين لم ينسوا حتى الآن أن الخلافة العثمانية ظلت تحكمهم لعشرات السنين حكمًا استبداديًّا؛ فإنه اختار دعم جماعة الإخوان المسلمين، والوقوف خلفها وتبنِّي مواقفها السياسية”.

وتابع كاجابتاي: “كان على أردوغان أن يعرف أنه لو خسر رهانه على الإخوان، فإنه بذلك قد خسر المنطقة كلها، وهو ما حدث بالفعل؛ إذ خيَّبت الجماعة آماله ولم تصمد على الإطلاق، وبدلًا من الوقوف لمراجعة السياسات ومحاولة ترتيب الأوراق مرة أخرى، استمر أردوغان في اتباع سياسات ليست حكيمة، تمامًا كسياسات أردوغان تجاه أمريكا التي يمكن وصفها بالمتعجرفة”.

وأوضح مؤلف الكتاب أن الرئيس التركي يتبع سياسة عشوائية في ما يخص العلاقة مع الولايات المتحدة، وهذا ما دفعه إلى عقد صفقات مع روسيا؛ بعضها سياسي في ما يخص التفاهم بشأن الوضع في سوريا، وبعضها عسكري في ما يتعلق بشراء أنظمة الدفاع الجوي الروسية “إس- 400″، غير أن أردوغان يهدف من وراء ذلك إلى استغلال العداء التاريخي بين واشنطن وموسكو؛ وهو الأمر الذي يمكن له أن يضمنه، وهكذا يفقد الرئيس التركي كل يوم حليفًا له، ولم يعد قادرًا على الاحتماء بأصدقائه؛ إذ باتت تركيا في عزلة عن معظم دول الشرق الأوسط، باستثناء قطر.

اقرأ أيضًا: “إس- 400” تزيد حيرة أردوغان.. العداء مع روسيا أم أمريكا؟

وقال كاجابتاي، ردًّا على سؤال روبرت ساتلوف، الذي أدار الندوة، حول ما إذا كانت الهوية التركية قد شهدت تغييرًا مؤخرًا: “الهوية التركية مع أردوغان باتت مهتزة تمامًا، الأتراك باتوا لا يعرفون هل هم شرق أوسطيون أم يتبعون أوروبا والغرب، أم يحالفون المسلمين باعتبارهم دولة مسلمة، تركيا لا تقف على هوية واحدة اليوم، وهي مشكلة كبيرة بالطبع”.

واستشهد توماس هوسكينز، رئيس تحرير السياسة في مجلة “آي بي توريس”، بجملة أوردها كاجابتاي في كتابه؛ وهي: “من الشرق تبدو تركيا دولة غربية، ومن الغرب تبدو دولة شرقية”؛ حيث إن هذا هو مكمن المشكلة في رأيه، وهو أنها تقع في منطقة بين بين، ويتعامل أردوغان مع المسألة من هذا المنطلق؛ حيث يبدو متخبطًا باستمرار ولا يدرك جيدًا ما يريد؛ ولذلك نجده يتبع سياسات عشوائية.

وركزت أماندا سلوت، الباحثة في مركز شؤون الولايات المتحدة وأوروبا في معهد بروكينجز، على العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة، التي بدأت مبشرةً عندما تسلَّم أردوغان منصبه عام 2003، وتفاءل صانعو القرار في أمريكا بالخطوات التي اتخذها وقتها لتحسين العلاقات وتطوير الاقتصاد التركي والأخذ بأسباب الديمقراطية، فضلًا عن الرغبة الحقيقية للبدء في محادثات جادة بشأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، غير أن تحولًا طرأ على سياسة أردوغان أثر سلبًا على العلاقات بين البلدَين، وبالنظر إلى السياسات التركية حاليًّا، فإن الحديث حول استعادة العلاقات القديمة لا يمكن التفكير فيه حاليًّا.

واستعرضت أماندا بعض الأسباب التي لعبت دورًا كبيرًا في تدهور العلاقة بين أنقرة وواشنطن؛ حيث رفضت الولايات المتحدة تسليم رجل الدين فتح الله جولن، الذي اشتبهت فيه تركيا بأنه كان وراء محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، كما تزايدت المخاوف التركية في الفترة الأخيرة من تنامي التعاون بين الولايات المتحدة والأكراد شمال سوريا، والذين يفرضون سيطرتهم على مناطق واسعة منها يومًا بعد يوم؛ وهو ما يزعج تركيا ويقف أمام أطماع أردوغان، وهو الرجل الذي رفع من سقف المخاوف الأمريكية من انقلابه عليهم بعد شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية “إس- 400″، واتباعه ممارسات غير ديمقراطية بالمرة ودعم جماعات متطرفة في المنطقة.. وكلها أمور، حسب أماندا، لا تبشِّر بشأن العلاقات بين البلدين على كل المستويات.

اقرأ أيضًا: تراجع الديمقراطية والحريات والليرة.. سياسة أردوغان في أسبوع واحد

أما مولي مونتجمري، نائبة رئيس مجموعة “أولبرايت ستونبريدج” ومستشارة سابقة في وزارة الخارجية الأمريكية، فقالت: “إن السياسات الحالية لأردوغان ربما ترغم تركيا مستقبلًا على الخضوع للسيطرة الروسية”، موضحةً أن انهيار أنقرة ليس بالأمر البعيد.

وتابعت مونتجمري: “الخلاف التركي مع الولايات المتحدة لا يقتصر على سبب واحد فقط أو أكثر؛ بل إن الأمر يختص بسياسات كاملة، ولعل واشنطن باتت قلقة بشأن الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها الرئيس التركي في حق شعبه، وخروجه على مواثيق حقوق الإنسان على نحو يثير القلق؛ حيث شكَّلت محاولة الانقلاب في 2016 شبحًا مرعبًا لأردوغان الذي عصف بكل شيء لتوطيد سلطته، ما أدخله في صراعات واضحة مع الإدارة الأمريكية”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة