اسرائيلياتالواجهة الرئيسية
السودان يقترب من التطبيع مع إسرائيل بعد لقاء نتنياهو والبرهان
انقسام في الأوساط السودانية حول اللقاء المفاجئ.. ورئيس المجلس السيادي يؤكد أن اللقاء هدفه تحقيق المصالح العليا للشعب السوداني

كيوبوست
أثار الإعلان الإسرائيلي عن لقاء جمع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس المجلس السيادي السوداني عبدالفتاح البرهان، في أوغندا، حالة من الجدل في الأوساط السودانية؛ خصوصًا أن نتنياهو أعلن موافقة البرهان على بدء التعاون تمهيدًا لتطبيع العلاقات بين البلدَين؛ حيث جرى اللقاء بناءً على دعوة من الرئيس الأوغندي يوروي موسيفيني.
وجاء الإعلان مفاجئًا في الأوساط السودانية الرسمية وغير الرسمية؛ ما دفع الناطق الرسمي باسم الحكومة الانتقالية وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح، إلى التأكيد أن الحكومة لم تبلغ باللقاء قبل انعقاده، وأن التوضيحات الخاصة بتفاصيله سيوضحها رئيس المجلس السيادي.
اقرأ أيضًا: مؤتمر وارسو: هل تنجح واشنطن في اختراق الموقف العربي حيال صفقة القرن؟
توضيح رسمي
وقال البرهان، في بيان رسمي، إن لقاءه نتنياهو جاء انطلاقًا من مسؤوليته بأهمية العمل الدؤوب لحفظ وصيانة الأمن الوطني السوداني وتحقيق المصالح العليا للشعب السوداني، مشيرًا إلى أن بحث وتطوير العلاقات بين السودان وإسرائيل مسؤولية المؤسسات المعنية بالأمر وَفق ما نصَّت عليه الوثيقة الدستورية.
وأكد رئيس المجلس السيادي أن موقف السودان المبدئي من القضية الفلسطينية وحق شعبه في إنشاء دولته المستقلة ظل وما زال وسيستمر ثابتًا، وَفق الإجماع العربي ومقررات الجامعة العربية.
ولا توجد علاقات رسمية بين إسرائيل وأيٍّ من البلاد العربية سوى دولتَين فقط؛ هما مصر والأردن اللتان اعترفتا بإسرائيل بعد توقيع اتفاقيات سلام معها، لإنهاء حروب وصراعات حدودية استمرت عقودًا، وفي حال تطبيع العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب سيكون السودان هو ثالث دولة عربية تعترف بإسرائيل.
كسر العزلة الدولية

وقال الكاتب الصحفي السوداني حسين ملاسي، في تعليق لـ”كيوبوست”: “لا يمكن قراءة اللقاء ودوافعه إلا كمحاولة لكسر طوق العزلة الدولية ولرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”، مشيرًا إلى أنه لا يمكن إغفال تأثير الدافع المتمثل في الرغبة السودانية في أن يؤدي اللقاء وما قد يسفر عنه من تطبيع في ضغط إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة للتأثير على الحركات المتمردة للوصول إلى اتفاقات سلام.
وأضاف ملاسي أن مَن يعارضون لقاء البرهان ونتنياهو حتى الآن هم بعض غلاة السلفيين والإسلاميين، وبعض النشطاء؛ نظرًا لأن البرهان سحب البساط من تحت أقدامهم معززًا موقعه في السلطة بهذا اللقاء.
انقسام في المواقف
وأشار الكاتب الصحفي السوداني إلى إمكانية تقسيم الموقف تجاه إسرائيل إلى موقفَين، موقف رسمي وموقف شعبي؛ فالموقف الرسمي في السابق كان معارضًا للتطبيع وأصبح اليوم بعد اللقاء أقرب إلى التطبيع. أما الموقف الشعبي فقد حدث فيه في السنوات الماضية انكفاء على الداخل وقلة الانشغال بالشؤون الإقليمية، باعتبار أن الإقليم لم يعد مهتمًّا بالشأن السوداني، مؤكدًا عدم وجود عداء بين السودان وإسرائيل إلا من جهة مؤازرة السودانيين للفلسطينيين، وهي مؤازرة عاطفية، وستبقى عاطفية؛ لكن تأثير السودان في هذه القضية سيظل محدودًا.
لقاء المصالح

من جهته، وصف الكاتب والمحلل السوداني عطاف محمد مختار، في تعليق لـ”كيوبوست”، لقاء البرهان ونتنياهو بأنه لقاء مصالح في المقام الأول؛ فالسودان يعاني حصارًا اقتصاديًّا بسبب وضعه على قائمة الإرهاب الأمريكية، وهو أمر يمكن أن تساعد إسرائيل في التغلب عليه، بجانب رغبة البرهان في تعزيز موقعه بالمشهد السياسي عبر استقطاب دعم دولي يضمن تقوية موقفه سياسيًّا.
وأضاف مختار أن إسرائيل تنظر إلى السودان في ظروفه الحالية باعتباره جوهرة، مشيرًا إلى أن اللقاء بين نتنياهو والبرهان وجد اعتراضًا شديدًا من قِبَل اليسار السوداني وبعض الجماعات السلفية، وتأييدًا من بعض أطراف الحرية والتغيير والحركات السودانية المسلحة، وهو انقسام موجود في الشارع أيضًا ما بين مؤيد ومعارض.
وتوقع الكاتب والمحلل السوداني أن تسعى إسرائيل لمحاولة استغلال الوضع الحالي في السودان؛ من أجل التغلغل سريعًا لتكون موجودة بقوة إذا ما أُخذ بعين الاعتبار الوضع الجيوسياسي للخرطوم في المنطقة وما يمكن أن يمثله من إمكانات مهولة لم تُستغل بعد؛ فالأمر قائم على المصالح المتبادلة.. البرهان يسعى لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، ونتنياهو يرغب في فتح الأجواء السودانية للطيران الإسرائيلي، فإسرائيل لن تقبل أن تقدم دعمًا دون أن تحصل على ثمن له.