الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

السودان يطارد فلول الإخوان في الخارج.. فهل ينجح؟

تقرير يرصد فرضيات النجاح واحتمالات الفشل في مساعي الحكومة السودانية لاجتثاث بؤر الإخوان في منفاهم التركي

كيوبوست- عبدالجليل سليمان

لم يكن تصريح وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني، الأسبوع الماضي، بأن حكومته تخطط لملاحقة عناصر نظام البشير البائد الإخوانية في الخارج تغريداً خارج السرب؛ فقد دأبتِ الحكومة الانتقالية في السودان على تفكيك نظام الإخوان الذي سيطر على البلاد نحو ثلاثين عاماً، قبل أن تطيح به ثورة شعبية جارفة في 11 أبريل 2019؛ ما أدى إلى اعتقال بعض سدنته، وهروب آخرين إلى الخارج وبحوزتهم أموال وأحراز طائلة، تم نهبها وسرقتها من مقدرات الدولة وثروة الشعب، لصالح الجماعة وتنظيمها الدولي.

اقرأ أيضاً: السودان.. محاسبة الإخوان بعد سنوات من سرقة ثروات الشعب!

وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني

 تصريحات الوزير خالد عمر، لم تأتِ من فراغ؛ فقد بدأت خطواتها العملية منذ صدور قانون تفكيك نظام الإنقاذ (الإخواني)، 28 نوفمبر 2019، والذي يقضي بتفكيك نظام الرئيس السابق عمر البشير، وإزالة تمكين حزب المؤتمر الوطني المنحل.

 وقد نجحت لجنة تفكيك نظام الإنقاذ وإزالة التمكين، التي أُنشئت وفقاً للقانون سالف الذكر، في تجفيف مصادر تمويل الإخوان بالداخل، وقد تم حل قرابة 42 منظمة تتبع هذه الجماعة الإرهابية، واستعادة الكثير من الأموال والأراضي والمباني المنهوبة لصالح الدولة السودانية، وقضت على الواجهات الاقتصادية لما تُسمى بالحركة الإسلامية السودانية، وحزبها (المؤتمر الوطني)، فضلاً عن تنظيف مناحي الدولة من العناصر الفاسدة الموالية للجماعة.

اقرأ أيضاً: السودان دولة علمانية.. وجماعة الإخوان تشعر بالمرارة!

عمر حسنين

توالي الضربات الموجعة ضد العناصر القيادية الفاسدة بالجماعة، دفع معظمهم للهروب إلى الخارج؛ خصوصاً إلى تركيا، وبحوزتهم أموال ومقدرات طائلة تقدر بمليارات الدولارات الأمريكية، وضعت تحت تصرف الجماعة الدولية للإخوان، وحزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة؛ الأمر الذي يعتبر مخالفاً للقانون والدستور، ويستوجب ملاحقتهم؛ لاستعادتها وإخضاعهم للمحاكمة القضائية. 

تركيا.. مهرب الفلول

“بطبيعة الحال؛ فإن اختيار العناصر الهاربة من جماعة الإخوان السودانية تركيا مهرباً وملاذاً، تم بعناية ودقة وبمساعدة تركية رسمية.. لا أشك في ذلك لحظة”، هكذا ابتدأ المحلل السياسي عمر حسنين، إفادته لـ”كيوبوست”، قبل أن يضيف: معظم مَن هربوا إلى تركيا هم من قيادات الصف الثاني في الجماعة؛ حيث تمكنتِ الحكومة الانتقالية من اعتقال نحو 39 من قيادات الصف الأول، ويخضعون الآن للمحاكمة، بينما حظرت بعضهم من السفر؛ لكن مَن تمكنوا من الهرب إلى تركيا يحاولون بمساعدة من حكومة أردوغان إعادة تنظيم صفوف جماعتهم؛ تمهيداً للعودة إلى السلطة مرة أخرى، كما يظنون.

اقرأ أيضاً: “مؤتمر باريس لدعم السودان”.. لهث وراء سراب الوعود أم جني لثمار حقيقية؟

الفريق محمد عطا مدير جهاز الأمن والمخابرات الأسبق.. أبرز قادة الجماعة الهاربين إلى تركيا- وكالات

على كل حال، يواصل حسنين حديثه: لن يتمكنوا من ذلك؛ فقد تجاوزهم الوقت، إلا أن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلى الشعب السوداني هو أن تنجح الحكومة في استعادة المسروقات التي هربوا بها إلى تركيا؛ وهذا أمر شائك باعتقادي، فأردوغان لن يسمح بذلك إلا بمقابل سيكون في الغالب باهظ الكلفة، وقد حاولتِ الحكومة التركية أكثر من مرة الضغط على الحكومة السودانية الانتقالية من أجل سحب لجنة إزالة التمكين عن المشهد العدلي والسياسي في البلاد، والسماح بعودة بعض عناصر الجماعة من الصفَّين الثاني والثالث إلى الفضاء السياسي، بتكوين حزب جديد تحت اسم جديد لا يحمل صفة (إسلامي)، مثلما كان حزبهم المحلول “المؤتمر الوطني” أو حزب أردوغان في تركيا “العدالة والتنمية”؛ لكن هذا الاقتراح تم رفضه جملةً وتفصيلاً، وها هي الحكومة تشرع في ملاحقة فلول الجماعة الهاربة خارج السودان، عبر طرقٍ وقنوات كثيرة؛ منها الإنتربول الدولي، إلا أن الأمر لن يكون سهلاً، ولربما يستغرق أعواماً طويلة.

اقرأ أيضاً: ما الدوافع خلف حملة الاعتقالات ضد عناصر الإخوان في السودان؟

فيصل إبراهيم نائب البشير.. أحد أبرز الفارين إلى تركيا- صحيفة الراكوبة السودانية

فرض عين

آمنة بابكر خليفة

من جهتها، اعتبرت الصحفية والمحللة السياسية آمنة خليفة، في حديثها إلى “كيوبوست”، تصريحات الوزير خالد عمر، أمراً بديهياً لا مناص منه؛ لأن استعادة الأموال المسروقة ومحاكمة فلول جماعة الإخوان المسلمين “تعتبر فرض عين على الحكومة”، على حد تعبيرها؛ إذ تأتي على رأس قائمة المطالب لدى الشباب الذين أنجزوا الثورة وجاءوا بهذه الحكومة، لذلك فمن واجبها أن تحقق مطالبهم، وتفي بشعاراتهم.

وأضافت خليفة: لا أحد يعرف حتى الآن الطريقة التي يمكن بها ملاحقة الفلول الهاربة إلى أنقرة، وجلبهم إلى المحاكمة في الداخل، واستعادة الأموال والمقدرات المنهوبة التي بحوزتهم؛ فلربما تتم عن طريق ملاحقتهم عبر الإنتربول بعد صدور أحكام قضائية غيابية بحقهم، أو عن طريق إبرام صفقة سياسية مع الحكومة التركية؛ خصوصاً أن الرئيس التركي أبدى مؤخراً تذمره وضيقه من وجود إخوان السودان ومصر في بلاده، وأطلق عدة تصريحات يُفهم منها أنه على استعداد لعقد صفقاتٍ أو تسويات في هذا الصدد، ولعل تصريحات وزير رئاسة مجلس الوزراء السوداني الأخيرة يمكن قراءتها وتفسيرها في السياق أيضاً، لِمَ لا؟

اقرأ أيضاً: السودان يسحب الجنسيات من 3548 شخصاً غالبيتهم إخوان

تواصل خليفة حديثها إلى “كيوبوست” بالقول: صحيح أن عناصر تنظيم جماعة الإخوان يخضعون لمحاكماتٍ داخلية؛ لكنها تسير ببطء، لربما توخياً لتحقيق أكبر قدر من العدالة والنزاهة؛ لكن الشعب يريد إنهاء هذا الملف بأسلوبٍ ثوري أيضاً، خصوصاً أن الجماعة لم تحصل على السلطة بطريقة ديمقراطية سلمية؛ بل عن طريق انقلاب دموي عام 1989، لذلك فلا بد من تسريع إجراءات المحاكمات الداخلية والملاحقات الخارجية حتى يتجاوز السودان عقبة تنظيم الإخوان، ويستمر في التقدم نحو الأمن والاستقرار.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة