الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

السودان.. محاسبة الإخوان بعد سنوات من سرقة ثروات الشعب!

مصدر مطلع بلجنة إزالة التمكين لـ"كيوبوست": استثمارات "حماس" في السودان تشكل تهديداً للأمن القومي السوداني.. وتتناقض مع التزامات السودان وفق المواثيق الدولية

كيوبوست- عبدالجليل سليمان

لم يكن جُل السودانيين يتصورون أن تكون مفاتيح بلادهم ومغاليقها، قد سُلمت بواسطة نظام البشير المنصرف إلى التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين وفروع الجماعة المنضوية تحت لوائه، إلى حد أنها أصبحت تمثل خطراً على الأمن القومي لبلادهم، إلا حين أعلنت “لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال” التابعة لمجلس السيادة الانتقالي بالسودان بداية الشهر الجاري، الحجز على عددٍ من ممتلكات واستثمارات حركة حماس الفلسطينية في السودان، بجانب مصادرة والحجز على ممتلكات واستثمارات التنظيم الدولي للإخوان بالسودان.

اقرأ أيضاً: قافلة مصريةسودانية لمواجهة التطرف ونشر الاعتدال

وفي هذا الصدد، كان مصدر مطلع بلجنة إزالة التمكين، قال لـ”كيوبوست”، الأسبوع الماضي: إن استثمارات “حماس” بالسودان تشكل تهديداً للأمن القومي السوداني، وتتناقض مع التزامات السودان وفق المواثيق الدولية التي تحظر التدخل في شؤون الدول الأخرى؛ خصوصاً ما يتعلق بدعم منظمات مسلحة، ما يتناقض مع المصالح الوطنية السودانية بسبب تصنيف “حماس” لدى عددٍ من الدول المؤثرة؛ ومن بينها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.

تمويل الإرهاب

 من جانبه، قال عضو لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وجدي صالح: إن نظام البشير أنشأ تحالفاتٍ مع بعض المؤسسات خارج الحدود، وأصبح يستقبل مجموعات ترتبط به من الناحية العقائدية والمصالح الاقتصادية، كما سهل لتلك المجموعات اتخاذ السودان معبراً لعمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

جانب من العقارات التي استردتها اللجنة من شركة الرواد للتطوير العقاري الإخوانية

اقرأ أيضاً: تنافس روسيأمريكي في مياه السودان الإقليمية

وهنا تشير الباحثة السياسية في حركات الإسلام السياسي مي هاشم، في حديثها إلى “كيوبوست”، إلى أن ممتلكات واستثمارات حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” في السودان، كانت في غالبها ممتلكات عامة تمت خصخصتها في عهد النظام البائد، ومن ثم بيعها بأسعار غير مناسبة إلى جماعاتٍ إسلامية خارجية؛ من بينها “حماس” بدعوى خسارتها. وأضافت هاشم أن نافذين في حكومة البشير والحركة الإسلامية السودانية، وذراعها حزب المؤتمر الوطني، كانوا شركاء أصليين في هذه الاستثمارات، التي كانت تُسخر عوائدها وأرباحها لدعم الحركات الجهادية خارج البلاد، الأمر الذي شكَّل عبئاً على الاقتصاد المحلي، وكان أثره على الوضع المعيشي للسودانيين فادحاً.

اقرأ أيضاً: ما الدوافع خلف حملة الاعتقالات ضد عناصر الإخوان في السودان؟

 

مي هاشم

وكشفت هاشم عن أن استثمارات التنظيم الدولي للجماعة تقدر قيمة أصولها بنحو 1.2 مليار دولار، كانت تُدار بواسطة الإخواني السوداني عبدالباسط حمزة، المعروف بلقب “المستثمر السري” للجماعة.

وقد تمكنت لجنة إزالة التمكين حتى الآن من الحجز على شركات “الفيحاء” و”حسّان” و”العابد” وفندق “برادايز” بالخرطوم، والكثير من شركات الأموال والأعمال التجارية والمنشآت.

واستطردت هاشم بالقول: إن من بين أهم الكوادر الإخوانية التي كانت تدير تلك الأموال في السودان، محمد الفرا، ومحمد الشامي، ويس ومحمد بن محفوظ.. وغيرهم.

وأكدت هاشم لـ”كيوبوست” أن الخسائر المباشرة وغير المباشرة للاقتصاد السوداني إبان فترة حكم الإخوان للسودان تقدر بأكثر من تريليون دولار، نجمت عن الفساد وسوء الإدارة ومحاباة الجماعة على حساب الوطن.

اقرأ أيضاً: السودان يسحب الجنسيات من 3548 شخصاً غالبيتهم إخوان

قنوات فضائية موجهة

فساد مستشرٍ

من جهةٍ أخرى، قال المفوض الإداري لقنوات “طيبة” التليفزيونية التي يملكها الإخواني السوداني الهارب إلى تركيا عبدالحي يوسف، في تصريحاتٍ صحفية عقب صدور قرار اللجنة بمصادرة وحجز ممتلكات “حماس” والتنظيم الدولي للإخوان، إن استثمارات الحركة بالسودان تضمنت تأسيس قناة “طيبة” الفضائية، وباقة قنوات (إفريقيا) بثلاث لغات.

وجدي صالح عضو لجنة إزالة التمكين

اقرأ أيضاً: أهوال المدارس الدينية السودانية.. حبس وضرب وانتهاكات جنسية للأطفال

وكشفت اللجنة عن أن عوائد وأرباح تلك الأصول كان يتم تخصيصها لتمويل التنظيم العالمي للإخوان؛ خصوصاً أموال وأرباح شركة “الرواد” للتطوير العقاري التي تمتلك مشروعات عقارية ضخمة في قلب الخرطوم، فضلاً عن شركات أخرى تنشط في الاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني والخدمات المالية؛ مثل “نعائم والبداية وشافكو والفيحاء”.

ثراء “حمساوي” في ظل وضع سوداني مُتردٍّ

عبدالله أحمد عبدالقادر

وفي السياق ذاته، قال الباحث والمحلل السياسي عبدالله أحمد عبدالقادر، لـ”كيوبوست”: ربما لم يدر بخلد كثير من المراقبين هنا في السودان، أن العلاقة بين نظام عمر البشير، الذي أطاحت به الثورة السودانية في أبريل 2019 وحركة حماس بهذا العمق، وأن لحركة حماس الفلسطينية وجوداً راسخاً في المجال الاقتصادي والاستثماري بالسودان؛ بحكم أن الأوضاع المتردية اقتصادياً في البلاد لا تسمح بدعم أو توفير تسهيلات لجهات خارجية لاستدرار الأموال، ومن ثم تحويلها إلى الخارج؛ ولكن كان لنظام البشير رأي آخر على ما يبدو.

يضيف عبدالقادر: بحكم الارتباط العقدي لجماعة الإخوان المسلمين على مستوى العالم؛ فقد كان نظام البشير تحت خدمة الجماعة في تقديم أي نوع من الدعم، من جمع الأموال والمصوغات الذهبية، والتي كان يتم جمعها من المواطنين الفقراء على صيغة تبرعات لـ”المجاهدين”، وهذا كان يحدث علناً.

طوابير أمام البنوك السودانية- “باج نيوز”

اقرأ أيضاً: الوجود التركي في غرب إفريقيا بين ضربات القراصنة والرفض الشعبي

أما تحت الطاولات، فقد كان بعض المحسوبين على حركة حماس بصفة خاصة، قد نالوا حظوة النظام البائد، وأصبح لهم باع وذراع في سوق العمل والاستثمار السودانية، إلا أنه لا أحد من السودانيين كان يعتقد بصحة ذلك؛ لولا أن كشفت قرارات “لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة” أن التنظيم الدولي للإخوان وحركة حماس أسهما في نهب مُقدرات البلاد إلى هذه الدرجة المروعة.

الإخوانيان الهاربان إلى تركيا الفسلطيني ماهر سالم “بالزي السوداني” وشريكه السوداني عبدالحي يوسف

وكشف عبدالقادر، لـ”كيوبوست”، عن ارتباط كل من ماهر سالم وبسام حسن، المحسوبَين على “حماس”، بالإخواني السوداني الهارب إلى تركيا عبدالحي يوسف، في ممارسة أنشطة تجارية واستثمارية، حسب اللجنة، يعتقد أنها تمت بصورة فاسدة؛ مثل إنشاء منصة الأندلس الفضائية وإذاعة وقناة “طيبة” وحزمة قنوات موجهة إلى إفريقيا بلغات محلية، وقد وردت أسماء هؤلاء الثلاثة في قضايا أخرى استهدفتها قرارات لجنة التفكيك، وقد تم في هذا السياق استرداد فندق وشركات تعمل في مجال التشييد وتجارة العقارات، والمعدات والآليات والأراضي الزراعية.

اقرأ أيضاً: التغلغل التركي الناعم في إفريقيا بين الاقتصاد والمسلسلات المدبلجة

وشدد عبدالقادر على أن هذه القرارات لم تكن تستهدف الفلسطينيين، فهم محل ترحيب واحترام؛ لكنها استهدفت الفاسدين من حركة “حماس”، مثلما استهدفت الفاسدين السودانيين من الحركة الإسلامية؛ لما لذلك من آثار إيجابية على الاقتصاد السوداني، من حيث تبديد قلق الكثيرين ممن يربطون بين السودان وتمويل الإرهاب على مستوى العالم؛ خصوصاً أن “حماس” تصنف كحركة إرهابية، وبالتالي فإن أي أنشطة استثمارية تكون حركة حماس والتنظيم الدولي للإخوان طرفَين فيها؛ ستجعل السودان يعود إلى المربع الأول كدولة راعية للإرهاب، وهذا ما لن تسمح به حكومة الثورة.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

عبد الجليل سليمان

مراسل السودان

مقالات ذات صلة