الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

السلاح في الساحل.. تجارة إفريقية رائجة ومتعددة الأطراف

سيطرة المتشددين على طرق النقل تعتبر أمراً أساسياً لنجاح تهريب الأسلحة في منطقة الساحل

كيوبوست- عبدالجليل سليمان

لم يكن التقرير الصادر، الأسبوع الماضي، عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، عن تجارة الأسلحة بين موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، إلا إقراراً متأخراً نسبياً لواقع ظلت تعيشه دول إفريقية كثيرة؛ خصوصاً في منطقة الساحل، منذ نحو عقدَين، مع الانتشار التدريجي للجماعات الإرهابية والمتمردة وتفكك بعض الدول وضعف الجيوش والقوات الأمنية فيها.

تقرير الأمم المتحدة الأخير، أشار إلى أن أكثر من 9300 شخص لقوا حتفهم في حوادث عنف متفرقة في دول الساحل خلال عام 2022، بينما أشارت مصادر وتقارير صحفية محلية إلى أكثر من ذلك.

بطبيعة الحال، فإن عوامل كثيرة أسهمت في انتشار تجارة الأسلحة والمخدرات بين موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، وتنامي العصابات (اللصوص المسلحين)، وتكاثر حركات التمرد ضد الحكومات، والتوترات بين المجتمعات المحلية (القبائل)، وتفاقم حدة العنف بين المزارعين والرعاة في خضم التنافس على الموارد الشحيحة؛ مثل المياه والأراضي الصالحة للزراعة والرعي، وانتشار التطرف الديني.

اقرأ أيضاً: القمة الإفريقية (36).. لا جديد في قارة تحكمها الانقلابات العسكرية

واقع سائل

حزام تجارة الأسلحة في غرب إفريقيا والساحل- وكالات

بالنسبة إلى النعيم ضو البيت، الخبير في الشؤون الأمنية، فإن العوامل البيئية هي الأساس والقاعدة التي خلفت هذا الواقع شديد السيولة والرثاثة؛ بما في ذلك الحكومات الفاسدة والانقلابات العسكرية المتتالية وانتشار تجارة الأسلحة والمخدرات وصعود الجماعات الإرهابية إلى الواجهة رغم أن أكثر من 95% من مسلمي غرب إفريقيا متصوفون من أتباع الطرق المريدية والتيجانية والقادرية.

النعيم ضو البيت

هذه العوامل المناخية -يواصل ضو البيت حديثه إلى “كيوبوست”- أفضت إلى نزاعات بينية بين الجماعات العرقية (مزارعين/ رعاة)؛ الأمر الذي حدا بها إلى الحصول على الأسلحة لمقارعة بعضها البعض، وهكذا سنحت الفرصة لمهربي وتجار الأسلحة التي أصبح الحصول عليها بعد سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا أمراً سهلاً. لكن منذ عام 2019، أصبحت ليبيا مركزاً رئيسياً لتهريب الأسلحة الحديثة إلى منطقة الساحل؛ حيث أكدت تقارير استخبارية وأمنية صادرة عن أجهزة مخابرات في العديد من دول الساحل خلال العامَين الماضي والجاري، تهريب البنادق الهجومية الحديثة من طراز AK، التي تسربت إلى قُطَّاع الطرق والجماعات الإرهابية والحركات المتمردة؛ حيث تتوفر حتى هذه اللحظة في الأسواق السوداء لتجارة السلاح في مناطق غاو وتمبكتو وميناكا في شمال مالي.

ليست ليبيا وحدها هي مصدر الأسلحة المهربة، وإنما تُظهر العديد من الأدلة أن الكثير منها يخرج من مخازن الجيوش الإفريقية نفسها، سواء من خلال الاستيلاء عليها في سوح المعارك أو من خلال السرقة من المستودعات أو الشراء من العناصر الفاسدة في الجيوش، يختتم ضو البيت إفادته.

اقرأ أيضاً: الإرهاب يهدد العملية الانتخابية في نيجيريا

التداخل الإثني

إبراهيم حالي

يعتقد إبراهيم حالي، المحلل السياسي والباحث المهتم بالشؤون الإفريقية، أن الروابط والعلاقات العرقية تعتبر أيضاً عوامل مهمة لتسهيل تهريب الأسلحة عبر الحدود الوطنية في منطقة الساحل، ويشير في حديثه إلى (كيوبوست)، إلى أن العديد من النزاعات في المنطقة لها أبعاد عرقية؛ لذلك تفضل بعض الجماعات بيع الأسلحة النارية أو نقلها إلى الأعراق المشتركة في بلدان أخرى.

إلا أن حالي لفت إلى أن الجماعات المتطرفة العنيفة، لا تشارك بشكل أساسي في تهريب الأسلحة في منطقة الساحل، وإنما دائماً يكون لديها “عميل- بائع” مع المجتمعات المحلية أو الجماعات المسلحة الأخرى التي تتعامل معها، ومن المرجح أنها تحصل فقط على عائد مالي غير مباشر من استخدام الأسلحة النارية بدلاً من الاتجار بها.

اقرأ أيضاً: جيوش موازية… الميليشيات تشكل خطراً على الدول الإفريقية

أسواق مفتوحة

مفرزة من إحدى الجماعات الإرهابية في الساحل- وكالات

إن سيطرة المتشددين على طرق النقل يعتبر أمراً أساسياً لنجاح تهريب الأسلحة في منطقة الساحل -يواصل حالي حديثه إلى (كيوبوست)- مفسراً ذلك بأن العدد المحدود من طرق عبور الصحراء الكبرى يعني أن الجماعات القادرة على فرض الضرائب والسيطرة على التجارة عبر الصحراء؛ يمكنها جمع الأموال لشراء الأسلحة النارية وحماية سلعها.

هنالك أيضاً عامل آخر يتمثل في الميليشيات المسلحة التي تديرها وترعاها حكومات بعض الدول للاستعانة بها في قمع التمردات المسلحة؛ حيث تتسرب منها الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية والإجرامية في كثير من الأحيان.

غالباً ما توجد الأسواق المفتوحة لبيع الأسلحة النارية في منطقة الساحل في البلدات والقرى الصغيرة على طول الطرق الاستراتيجية، وهناك العديد من المناطق المعروفة بأنها مراكز لتهريب الأسلحة؛ هي ببساطة مناطق ذات وجود منخفض للدولة على طول الحدود بين الدول، وفقاً لحالي الذي أكد لـ(كيوبوست) ما أطلق عليه تعدد سلاسل التوريد والمتاجرين بالبشر وتنوعهم.. يبدو أن عدد الأفراد الذين يشاركون بشكل أساسي في تهريب الأسلحة على نطاق واسع في بلدان الساحل محدود. بدلاً من ذلك، يبدو أنه يتم تبادل الأسلحة بطريقة انتهازية اعتماداً على التحولات في العرض والطلب.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

عبد الجليل سليمان

مراسل السودان

مقالات ذات صلة