الواجهة الرئيسيةاليوم الوطني السعوديشؤون دوليةشؤون عربية

السفير البريطاني وليام باتي: دور المملكة محوري في الشؤون الخليجية والعربية وفي العالم الإسلامي

باتي: المملكة قاومت النفوذ التوسعي الخبيث لإيران في المنطقة

كيوبوست

أكد السفير البريطاني الأسبق السير وليام باتي، William Patey، أهمية الدور المحوري للمملكة العربية السعودية في الشؤون الخليجية والعربية وفي العالم الإسلامي، موضحاً أن المملكة قاومت النفوذ التوسعي الخبيث لإيران في المنطقة.

وقال السفير باتي، الذي شغل منصب سفير المملكة المتحدة لدى السعودية، خلال الفترة 2007- 2010، إن المملكة كانت رائدة في إنشاء برنامج للتعامل مع المتطرفين بين فئة الشباب؛ من خلال احتضان المعتقلين والعناية بهم بدلاً من مجرد حبسهم؛ إذ تمكنت من منح الشباب الذين تم خداعهم لدعم أيديولوجية متطرفة فرصةً ثانيةً.

اقرأ أيضًا: السفير الأمريكي الأسبق في المملكة: السعودية تسير نحو الانفتاح.. وأصبحت مركزاً لجذب الاستثمار

السفير باتي الذي شغل أيضاً منصب سفير المملكة المتحدة لدى دول العراق والسودان وأفغانستان سابقاً، أكد أنه لا يمكن فرض الاستقرار في تلك الدول من الخارج، مشدداً على أن بناء مجتمع مستقر بعد الصراعات يستغرق بعض الوقت.

وأوضح السفير باتي أن عمله كنائب سفير وسفير في المملكة العربية السعودية، كان مختلفاً تماماً عن تجربته كسفير في الدول الأخرى؛ حيث كان يتعامل مع بلد راسخ ومستقر ويمر بمرحلة انتقالية سريعة.

وليام باتي عندما كان سفيراً في أفغانستان 2012- أرشيف

الدبلوماسي البريطاني الذي باشر عمله في وزارة الخارجية عام 1975، يرى أن المملكة العربية السعودية تلعب دوراً كبيراً في تنقية سوء الفهم المرتبط غالباً بالتعصب الديني، موضحاً أن العمل الذي تم تأديته لإزالة المحتوى غير المتسامح من المواد التعليمية كان أمراً ضرورياً. كان ذلك في حوار أجراه “كيوبوست” مع سعادة السفير السير وليام باتي، بمناسبة اليوم الوطني السعودي 91، والذي يقول إن ذكرى تأسيسها غالية على قلبه، ليس فقط لأنها أكثر دولة عاش فيها بعد بريطانيا، بل ولكون يومها الوطني يصادف أيضاً ذات اليوم الذي ارتبط به مع زوجته، وفي ما يلي نص الحوار مع السفير الأسبق السير وليام باتي:

* وَفق عملكم الممتد كسفير للتاج البريطاني في عدة دول بالمنطقة، بما فيها السعودية، كيف تقيمون دور المملكة في المنطقة وتعاملها مع قضاياها؟

– المملكة العربية السعودية بصفتها العضو العربي الوحيد في مجموعة العشرين وصاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة، لها دور محوري في الشؤون الخليجية والعربية، وبصفتها محتضنة وخادمة للحرمَين الشريفَين؛ فهي تلعب كذلك دوراً رائداً في منظمة التعاون الإسلامي والعالم الإسلامي بشكل عام.

اقرأ أيضًا: القيادة القوية ضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى

وفي حين حاولت إيران مد نفوذها، وزيادة دورها في الشرق الأوسط، فقد وقعت المسؤولية في كثير من الأوقات على عاتق المملكة العربية السعودية لمقاومة نفوذ طهران التوسعي الخبيث والضار؛ سواء في اليمن أو سوريا أو العراق أو لبنان.

كما أدَّت الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط إلى زيادة الضغط على المملكة العربية السعودية؛ خصوصاً مع بدء الولايات المتحدة ليس فقط التراجع، بل وربما الانسحاب من المنطقة في السنوات المقبلة؛ الأمر الذي يحتم على المملكة أن تكون أكثر اعتماداً على نفسها؛ حيث أصبح دور الولايات المتحدة ونشاطها في المنطقة أقل بكثير مما كان عليه في السابق.

نهج جو بايدن يشير إلى عملية إعادة ضبط للوضع مع المملكة العربية السعودية- أرشيف

باتي: المملكة رائدة في مجال التعامل مع المتطرفين من خلال احتضان المعتقلين والعناية بهم ومنحهم فرصة بدلاً من مجرد حبسهم

* كيف تقيِّمون تجربة المملكة في التعامل مع التطرف؟

– كانت المملكة العربية السعودية رائدة في إنشاء برنامج للتعامل مع المتطرفين بين فئة الشباب السعودي من خلال احتضان السجناء والعناية بهم بدلاً من مجرد حبسهم؛ إذ تمكنوا من منح الشباب الذين تم خداعهم لدعم أيديولوجية متطرفة فرصة ثانية.

قد لا تكون التجربة في المملكة العربية السعودية التي تشمل المجتمع الأوسع والمسار الصحيح للإسلام قابلة للنقل إلى دول أخرى؛ لكنني أعلم أن المملكة المتحدة كانت حريصة على تعلم كل ما في وسعها من هذا البرنامج؛ حتى نتمكن من تطبيق أي دروس على استراتيجيتنا لمكافحة التطرف.

اقرأ أيضًا: المملكة العربية السعودية: ما هو أبعد من مكافحة التطرف

السفير باتي: في الدول التي تشهد صراعات لا يمكن فرض الاستقرار من الخارج

* سعادتكم عملتم سابقاً كسفير في البلدان المضطربة مثل أفغانستان والعراق والسودان. ما برأيك أفضل حل لتحقيق الاستقرار لهذه الدول؟

– من تجربتي في دول الصراع؛ مثل السودان والعراق وأفغانستان، وجدت أنه لا يمكن فرض الاستقرار من الخارج؛ إذ إن بناء مجتمع مستقر بعد الصراعات يستغرق بعض الوقت.

من المهم أيضاً بناء المؤسسات والتركيز على مكافحة الفساد، ومن واقع خبرتي أنه بمجرد أن يتم السماح بانتشار الفساد في المجتمع ويصبح هو القاعدة، فإنه من الصعب للغاية تحقيق تقدم في تطوير بلد ما؛ إذ من الضروري وجود نظام عدالة عادل يثق فيه جميع الناس.

السفير باتي: العلاقة بين العائلتَين الملكيتَين أعطت بريطانيا ميزة في تعاملاتها مع السعودية

* وكيف تقيِّم تجربتك كسفير في المملكة؟

– عملت كنائب سفير وسفير في المملكة العربية السعودية؛ كان الأمر مختلفاً تماماً عن تجربتي كسفير في الدول الأخرى، حيث كنت أتعامل مع بلد راسخ ومستقر؛ ولكن أيضاً بلد يمر بمرحلة تطويرية، وانتقالية سريعة. وعلى عكس السودان والعراق وأفغانستان، لم يكن هناك تاريخ استعماري سابق؛ فقط تحالف راسخ منذ زمن طويل.

ومن السمات الفريدة الأخرى العلاقة بين العائلتَين الملكيتَين، والتي غالباً ما أعطت بريطانيا ميزة في تعاملاتنا مع المملكة العربية السعودية.. قضيت أنا وعائلتي العديد من السنوات الرائعة في الاستمتاع بروعة الصحراء، وأصبحت المناطق الساحلية والجبلية الخلابة متاحة الآن للسياح الأجانب لزيارتها؛ لقد كونت صداقات رائعة وما زلت على اتصال بهم ليومنا الحالي.

الأمير محمد بن سلمان مع الملكة إليزابيث الثانية في عام 2018- أرشيف

* وماذا عن مستقبل العلاقة التجارية والاستثمارية بين المملكتَين في ظل رؤية 2030؟

السفير باتي: الكثير من البريطانيين الذين لم ينالوا شرف العمل والعيش في المملكة سيحرصون على زيارتها بهدف السياحة

  • مع بدء المملكة العربية السعودية تطوير صناعة السياحة والتنويع الاقتصادي بعيداً عن صناعة النفط، تمتلك المملكة المتحدة الكثير من الخبرة لمشاركتها مع المملكة العربية السعودية؛ سيكون هناك الكثير من البريطانيين الذين لم ينالوا شرف العمل والعيش في المملكة العربية السعودية، والذين سيحرصون على زيارة المملكة بهدف السياحة. أتوقع استمرار العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية الوثيقة التي تمتعت بها المملكة المتحدة مع المملكة العربية السعودية على مدار الـ75 عاماً الماضية.

اقرأ أيضًا: هشام الغنّام: السعودية ليست حليفاً حصرياً للولايات المتحدة

باتي: المملكة العربية السعودية لا تزال تلعب دوراً كبيراً في تنقية سوء الفهم المرتبط غالباً بالتعصب الديني

باتي: الإصلاحات الاجتماعية التي تم إدخالها في السنوات الأخيرة مثل قيادة المرأة السيارة قطعت شوطاً طويلاً في تغيير صورة المملكة

* وما تقييمك لتجربة المملكة في الحوار بين أتباع الديانات والثقافات، ومكافحة التعصب ونبذ الكراهية؟

– أعتقد أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به في هذا الإطار؛ لا تزال المملكة العربية السعودية تلعب دوراً كبيراً في تنقية سوء الفهم المرتبط غالباً بالتعصب الديني.

إن العمل الذي تم تأديته لإزالة المحتوى غير المتسامح من المواد التعليمية، كان أمراً ضرورياً، وإن تشجيع المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الحوارَ بين الأديان كان مهماً، وتم دعمه بشكل خاص من قِبل صاحب السمو الملكي أمير ويلز.

لقد قطعت الإصلاحات الاجتماعية التي تم إدخالها في السنوات الأخيرة؛ مثل قيادة المرأة للسيارة وإنهاء قواعد الوصاية، شوطاً طويلاً في تغيير صورة المملكة العربية السعودية.

نالت المرأة السعودية مكتسبات عدة مؤخراً

باتي: الإصلاحات وإعادة التأهيل الجارية في المملكة وكذلك الانفتاح الاجتماعي والديني قطعت شوطاً طويلاً لإظهار احترام الإسلام لجميع الناس

* هناك مَن يعتقد أن الإصلاحات الاجتماعية والانفتاح وإعادة التأهيل الجارية في المملكة قد تتعارض مع رمزيتها للمسلمين.. ما رأيك؟

– لا على الإطلاق.. لا يوجد تعارض! لقد قطعت تلك الإصلاحات السعودية شوطاً طويلاً لإظهار احترام الإسلام لجميع الناس، وتتحمل المملكة العربية السعودية، بصفتها قدوة للمجتمع الإسلامي، مسؤولية خاصة لإظهار أن رسالة المتطرفين، مثل تنظيم “داعش”، لا مكان لها في العالم الحديث، وأن الشعوب من مختلف الأديان يمكن أن تتعايش بسعادة وسلام.

باتي: المملكة تواجه التحديات وهي تواصل السير على طريق يوفر الاستقرار والازدهار الاقتصادي لشعبها من خلال الاستثمار في شبابها ومنحهم الفرص التعليمية للتكيف والنمو

* تحدثت لي قبل اللقاء عن القفزات النوعية التي حققتها المملكة؛ خصوصاً في الآونة الأخيرة. برأيك، هل لذلك انعكاس على مكانتها في المنطقة والعالم؟

– لا شك في أن المملكة العربية السعودية تمر بمرحلة انتقالية كبيرة تمتد إلى ما بعد عام 2030، في محاولة لتوفير اقتصاد متنوع وأجندة إصلاح اجتماعي تلبي تطلعات الأعداد المتزايدة من الشباب.

يتغيَّر العالم مع بدء المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في الهيمنة على القضايا العالمية، ومع ذلك أرى أن المملكة العربية السعودية، وهي دولة عربية وإسلامية وشرق أوسطية رائدة، تواصل مواجهة التحديات والسير بثقة على طريق يوفر الاستقرار والازدهار الاقتصادي لشعبها من خلال الاستثمار في شبابها ومنحهم الفرص التعليمية للتكيف والنمو. أنا واثق من أن المملكة ستتعامل بشكل جيد مع هذه التحديات.

اقرأ أيضًا: المملكة العربية السعودية: ما هو أبعد من مكافحة التطرف

باتي: اليوم الوطني السعودي له معنى خاص لي.. إذ يصادف أيضاً ذكرى زواجي

* في الختام، نود أن نشكرك جزيل الشكر سعادة السفير على حرصك على الانضمام إلينا في الاحتفال باليوم الوطني السعودي، ونود أن نعرف ما تعنيه لكم هذه المناسبة، وما إن ثمة رسالة تودون إيصالها إلى القارئ العربي في هذه المناسبة؟

– الواقع أن اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية له معنى خاص بالنسبة إليَّ؛ ليس فقط بسبب الرابطة التي أشعر بها مع هذا البلد، حيث عشت في المملكة العربية السعودية فترة ممتدة، وأطول من أي بلد آخر باستثناء المملكة المتحدة؛ ولكن أيضاً يصادف هذا اليوم ذكرى زواجي! (يقول مبتسماً).. وأبعث لكل أصدقائي السعوديين بتحياتي في هذا اليوم الميمون وأطيب التمنيات لهم في المستقبل.

السير وليام باتي- (سفير المملكة المتحدة السابق لدى المملكة العربية السعودية) رئيس جمعية الصداقة السعودية البريطانية

لقراءة الأصل الإنكليزي: Sir William Charters Patey

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة