الواجهة الرئيسيةاليوم الوطني السعوديشؤون خليجيةمقالات

السعودية في عيدها الوطني 91.. إنجازات نوعية في مكافحة التطرف

كيوبوست- خالد العضاض♦

تبذل المملكة العربية السعودية جهوداً استثنائية في مكافحة ظاهرة التطرف على عدد من المستويات المحلية والإقليمية والدولية؛ لإيمانها التام بخطورة ظاهرة التطرف على الأمن والسلم المحلي والدولي، وعلى جميع المجتمعات البشرية، أياً كان دينها أو جنسها أو لونها.

ويُعد التطرف والإرهاب ظاهرة عالمية لم يسلم منها بلد، والمملكة العربية السعودية كغيرها من دول العالم تعرضت إلى عمليات إرهابية استهدفت مواطنيها ورجال أمنها والمقيمين فيها على حد سواء؛ الأمر الذي دفعها إلى إيجاد حراك متنامٍ يهدف إلى مكافحة التطرف والإرهاب، وتجفيف منابعه وجذوره، ونشر الوسطية والاعتدال؛ حيث تسابقت الجهات الحكومية والخاصة فيها على حد سواء للمشاركة والتعاون والتكامل في إطار وطني متناغم للتصدي للتطرف والإرهاب؛ مما أوجد منصات متعددة تعمل على تعزيز الأهداف الرئيسة لمواجهة الفكر المتطرف، والتي تقوم على ثلاثة مسارات متزامنة؛ هي: المواجهة الفكرية، والمواجهة الأمنية، وتجفيف منابع تمويل التطرف والإرهاب؛ الأمر الذي نقل المملكة العربية السعودية من مرحلة مكافحة التطرف إلى مرحلة صناعة السلام، وبث روح التسامح والتعايش، والذي يعد من أهم الأهداف الاستراتيجية التي تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحقيقها، عبر رؤية المملكة 2030.

اقرأ أيضاً: في أعقاب كوفيد: تهديدات التطرف ونظم الحماية

وبمناسبة اليوم الوطني السعودي 91، يحاول هذا المقال رصد بعض جوانب المنجز السعودي في مجال مكافحة التطرف، وليس حصرها؛ فهي أكثر بكثير من أن تُحصر في مقال.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان

ممارسات السعودية في مكافحة التطرف

قامت سياسة المملكة العربية السعودية في مجال مكافحة التطرف على مجموعة خطوط عريضة، بثت من خلالها حزماً متنوعة من الجهود والإجراءات التي شملت جميع التفاصيل في موضوع مكافحة التطرف، على النحو التالي:

أولاً/ المسار التشريعي: حيث تعمل الحكومة السعودية بشكل مستمر على خلق استراتيجية واسعة لتطوير البنية القانونية لمواجهة التطرف؛ فقد وسَّعت قانون مكافحة الإرهاب في عامَي 2014 و2017، ففي فبراير 2014: أصدرت الحكومة السعودية مرسوماً ملكياً يقضي بحبس أي مواطن يُقاتل في الخارج لمدة تتراوح بين 3- 20 سنة، كما جرَّم الذين يقدمون الدعم المعنوي أو المادي للمنظمات الإرهابية داخل المملكة أو خارجها.

 وفي عام 2017: جعلت الحكومة السعودية العقوبات المفروضة على دعم العمليات الإرهابية أكثر شدة. ويعد إصدار نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية (2008)، من أهم وسائل مكافحة التطرف ونشره.

اقرأ أيضاً: السفير الأمريكي الأسبق في المملكة: السعودية تسير نحو الانفتاح

وفي سبيل توسيع سبل مكافحة جميع أشكال التطرف، شرعت الحكومة السعودية في سن نظام يجرِّم العنصرية والكراهية، كما أنها تحظر تشكيل المنظمات التي لها طابع عنصري، كما منعت الاعتداء على أماكن أداء الشعائر الدينية، أو ازدراء الأديان أو الإساءة إلى المقدسات، أو بث الكراهية، ومنعت الانتقاص أو التمييز ضد الأفراد والجماعات أو النيل من الرموز التاريخية، وحماية النسيج الاجتماعي من مخاطر التمييز بين أفراد المجتمع وفئاته في الحقوق والواجبات لأسباب عرقية أو قبلية أو مناطقية أو مذهبية، أو لتصنيفات فكرية وسياسية؛ مما يعد تهديداً يُعرِّض السلم والأمن الاجتماعي للخطر.

ثانياً/ المسار الأمني: في خطوة مهمة على طريق الحرب على الإرهاب والتطرف، صدر في 20 يوليو 2017 أمر ملكي في السعودية بإنشاء جهاز رئاسة أمن الدولة، ونجح الجهاز في التركيز على مكافحة التطرف والإرهاب أمنياً واستخباراتياً، ومراقبة تمويله مالياً، كما سهَّل للرئاسة التواصل مع الجهات ذات العلاقة خارجياً بشكل أكثر كفاءة.

المسار الأمني كان خطوة مهمة على طريق الحرب على الإرهاب والتطرف

ثالثاً/ المسار الفكري والاجتماعي: عملت الحكومة السعودية على مكافحة التطرف بمعالجة عوامل الجذب الأيديولوجي، التي تستخدمها الجماعات المتطرفة في تجنيد الأتباع في صفوفها. واتخذت تدابير مهمة للسيطرة على محتوى الرسائل الدينية التي تصل إلى مواطنيها.

وتبنَّت الحكومة السعودية عدداً من المبادرات لتعزيز اعتدال الخطاب الديني في البلاد لمواجهة الفكر المتطرف، وأطلقت حملات توعية عامة، وشرعت في إصلاح مناهجها الدينية وَفق رؤية المملكة 2030.

وفي سعيها نحو كبح المتطرفين عن استغلال المساجد في الترويج للفِكر المتطرف، عملت الحكومة السعودية على تصويب أوضاع تلك المساجد، وعزل الأئمة المتطرفين، ومحاسبتهم.

خامساً/ المسار التنموي المتقدم: خطت المملكة العربية السعودية خطوات متسارعة غير مسبوقة منبثقة من رؤية 2030، والمعنية بتحسين نمط حياة الفرد والأسرة، وبناء مجتمع ينعم أفراده بأسلوب حياة متوازن، وذلك من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة في كل المجالات الثقافية والترفيهية والرياضية والسياحية والاقتصادية، والبنية التحتية والأمن والبيئة الاجتماعية.

اقرأ أيضاً: لماذا يواصل التطرف الإسلاموي الازدهار؟

إنجازات السعودية في مجال مكافحة التطرف

تواصل المملكة بناء قدراتها في مكافحة التطرف، وتعزيز دورها الفاعل عالمياً في مكافحة الإرهاب والتطرف. واكتسبت المملكة خبرة في محاربة التطرف ومكافحة التنظيمات المتطرفة من الداخل أيضاً، عندما دخلت في مواجهات مسلحة مع خلايا “القاعدة” وتنظيم داعش على أراضيها.

وتبنت المملكة العربية السعودية منذ 2004 نهجاً جديداً في التعامل مع التهديدات الإرهابية، اعتمد على التوفيق بين الأساليب الأمنية المعتادة، وأساليب مكافحة الفكر المتطرف، من خلال مواجهة هذا الفكر ونشر الفكر المعتدل، وارتكزت هذه الاستراتيجية على إعادة تأهيل الموقوفين في السجون، من خلال التأهيل النفسي، وتقديم الدعم المادي للمعتقلين بعد إطلاق سراحهم، ووضع برامج لفهم الدين بصورة صحيحة؛ ما أسهم في إعادة اندماجهم في المجتمع مجدداً، وأبرزت هذه الاستراتيجية درجة كبيرة من النجاح؛ إذ تمكنت من إعادة دمج بعض المعتقلين بالفعل في المجتمع.

مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة- أرشيف

ولم تتوقف السعودية عن سَن وتطوير القرارات والأنظمة لمواجهة التطرف ومكافحته، ومن أبرز الإنجازات في هذا الصدد:

  1. دعمت الحكومة السعودية العديد من القرارات التي أصدرها مجلس وزراء الداخلية العرب الهادفة إلى تعزيز التعاون الأمني بين الدول العربية، ومن ذلك الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب (عام 1998م)، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب (عام 1998م).
  2. كانت المملكة أول دولة توقِّع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي بمنظمة المؤتمر الإسلامي في مايو 2000م.
  3. تبنَّت المملكة إقرار الاستراتيجية الموحدة لدول مجلس التعاون لمكافحة التطرف المصحوب بالإرهاب (2002م).
  4. استضافت المملكة في فبراير 2005م، المؤتمرَ الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية، واختتم أعماله بإعلان الرياض. هذا بينما تعود فكرة تأسيس مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في عام 2011 إلى المؤتمر الذي عُقد في الرياض عام 2005م، وقد دعمته المملكة بما يزيد على 110 ملايين دولار.   
  5. في 2012م، دعمت المملكة مبادرة تأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا.

    اقرأ أيضًا: الإسلام السياسي في السعودية بين السلفية والإخوان 

  6. في 16 فبراير 2013م، عقد المؤتمر الدولي المعنيّ بتعاون الأمم المتحدة مع مراكز مكافحة الإرهاب في مدينة الرياض بحضور ومشاركة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة و49 دولة حول العالم.
  7. في 2015م، تبنت المملكة إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي يضم (41) دولة إسلامية، واستضافت مقره، وأسست مركز عمليات مشتركة.
  8. أنشأت وزارة الدفاع السعودية في 30 أبريل 2017م، (مركز الحرب الفكرية)، والذي يُعد أبرز التجارب العالمية الفكرية المتخصصة في ضرب أيديولوجيا التطرف.
  9. وفي 21 مايو 2017، دشَّن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقادة عدة دول، المركزَ العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) بالرياض.
  10. إنشاء المركز الدولي لاستهداف تمويل الإرهاب ومقره الرياض، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، في 25 أكتوبر 2017م، وَفق مذكرة التفاهم الموقَّعة بالرياض من المملكة والولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي، ويعمل برئاسة مشتركة؛ إذ يرأس المركز السعودية وتمثلها “رئاسة أمن الدولة”، والولايات المتحدة الأمريكية وتمثلها “وزارة الخزانة الأمريكية”، وتشمل في عضويتها دول مجلس التعاون الخليجي، وتمثلها اللجان الوطنية المعنية بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وتمويله. ويقع على المركز مهام مكافحة تمويل الأنشطة الإرهابية واتخاذ التدابير الكفيلة بذلك من خلال تصنيف الأفراد والكيانات الممولة للأنشطة الإرهابية والإعلان عنها وفرض الجزاءات بحقها.
صورة عامة للعاملين في مركز الحرب الفكرية- المصدر: موقع قناة “الحرة”
  1. إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، في 31 أكتوبر 2017.
  2. وفي ديسمبر 2018م أعلنت السعودية في مؤتمر نواكشوط تقديم 100 مليون يورو؛ من أجل دعم جهود مجموعة دول الساحل الإفريقي الخمس، للتنمية ومكافحة الإرهاب.
  3. أنشأت الحكومة السعودية وحدة للتحريات المالية، ولجنة وطنية دائمة لمكافحة الإرهاب، تُعنيان بقضايا غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.
  4. أنشأت المملكة وحدات لمكافحة غسيل الأموال في مؤسسة النقد وفي البنوك والمصارف السعودية، وبإشراف ومتابعة الجهات الأمنية المعنية.
  5. أصدرت المملكة عدداً من الأنظمة؛ ومنها: نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، ونظام مكافحة غسيل الأموال، ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.

                         اقرأ أيضاً: المملكة العربية السعودية.. ما هو أبعد من مكافحة التطرف

  6. سنَّت المملكة وفعَّلت المزيد من الأنظمة الصارمة وحدثتها بما يتوافق مع الأنظمة الدولية، لتصبح من الدول الرائدة في مجال تجفيف مصادر تمويل التطرف والإرهاب؛ حيث تقوم المملكة بتنظيم دخول الأموال إليها وخروجها بصرامة متناهية، كما وسَّعت جهودها لتطويق تمويل الإرهاب بالانضمام إلى الشبكة الدولية لوحدات الاستخبارات المالية “The Egmont Group”.
  7. قامت الحكومة السعودية بتنظيم العمل الخيري، ومن ذلك منع الجمعيات الخيرية من تقديم المساعدات خارج المملكة أو التعاون مع أية جهات خيرية خارج المملكة، وكذلك وضع العديد من الضوابط على المؤسسات الخيرية، مع إخضاعها للرقابة المستمرة والتفتيش المفاجئ.
  8. انضمت المملكة إلى مجموعة المفوضية الأوروبية (FATF) في 1989، وأشادت المنظمة بجهود المملكة، ومستوى التزام السعودية بتوصيات المجموعة.
  9. نفذت المملكة بشكل دقيق التوصيات الأربعين لمجموعة (FATF) بشأن غسيل الأموال، إضافة إلى ثماني توصيات بشأن تمويل الإرهاب.
المصدر: “”RT Arabic

النهج الاستراتيجي السعودي في مجال مكافحة التطرف

مما سبق ومن خلال تعامل المملكة العربية السعودية، وأجهزتها الأمنية والمدنية، مع التطرف، يتضح جلياً مدى حساسية ودقة استجابة تلك الأجهزة لبوادر التطرف والعوامل المفضية إليه، وذلك ناجم عن تراكم الخبرات العملية والمعرفية، ومن هنا تتضح مدى فعالية الحكومة السعودية في الاستجابة للتطرف وعوامله المباشرة وغير المباشرة، ويمكن لنا تحديد الاستراتيجية السعودية في الاستجابة للتطرف بالمحددات[1] التالية:

  1. تهيئة الأرضية الدينية وفقاً لتعاليم الإسلام لتأثيم التطرف والإرهاب، وإدانته شرعاً.
  2. تهيئة البنية النظامية والقانونية، في ما يخص الشق الجنائي لتجريم التطرف والإرهاب.
  3. تهيئة القرار السياسي برفض الإرهاب والتطرف بجميع أشكالهما، وأياً كان مصدره أو هدفه.
  4. تهيئة الأرضية النظرية والمعرفية، عبر الدراسات المحكمة والمؤتمرات وورش العمل.
  5. تعاون المملكة وانضمامها وإسهامها بفاعلية في الجهود الدولية المبذولة ضد الإرهاب وتمويله.
  6. التزام المملكة بالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، وتنفيذها.
  7. اتخاذ حزمة من التدابير لمكافحة تمويل الإرهاب، ومكافحة غسيل الأموال.
  8. اتخاذ تدابير ترمي إلى حماية منافذ المملكة لمنع الجماعات الإرهابية من الدخول إلى أراضيها.
  9. اتخاذ تدابير خاصة لتنظيم اقتناء الأسلحة والذخيرة وَفق قيود شديدة.
  10. إصدار لائحة تتعلق بالجمعيات الخيرية، والعمل الخيري؛ لتنظيمه منعاً لدعم الإرهاب.
  11. تصديق المملكة على الاتفاقيات الإقليمية والدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب.
  12. التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.
  13. التوعية الفكرية والتصدي للانحراف الفكري.
  14. إنشاء لجان وطنية لمحاربة الإرهاب والتطرف.

♦كاتب وباحث سعودي

[1] الاستراتيجية السعودية اللينة في مكافحة الإرهاب، الوقاية وإعادة التأهيل والنقاهة، كريستوفر بوشيك، مؤسسة كارنيجي، العدد 97، سبتمبر 2008.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات