الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفةشؤون خليجيةشؤون دولية
السعودية تسعى لأن تصبح مركزاً ثقافياً

كيوبوست- ترجمات
فيفيان يي وبين هوبارد♦
بينما تضرب الأزمات والصراعات العواصم الثقافية العربية الأخرى، تسعى السعودية لأن تكون مركزاً ثقافياً وتستضيف مهرجانات سينمائية وتمول إنتاج الأفلام. وفي سياق اهتمام وسائل الإعلام العالمية بسياسة الانفتاح الجديدة للمملكة، نشرت “نيويورك تايمز” تقريراً عن الفعاليات السينمائية التي استضافتها المملكة مؤخراً. ويشير كاتبا المقال إلى سعي المملكة لأن تكون قوة سينمائية وازنة في الشرق الأوسط تعكس تحولات عميقة في الصناعات الإبداعية عربياً. فخلال القرن الماضي، اقترن اسم المملكة بالنفط والصحراء والأماكن الدينية المتميزة، بينما كانت القاهرة ودمشق وبيروت منارات ثقافية عربية تنتج الأفلام والأغاني وتطبع الكتب؛ ولكن أحداث العقد الماضي حملت العديد من الأزمات لهذه العواصم، ودمرت الحرب استوديوهات التليفزيون السوري، وأصاب الانهيار الاقتصادي دور النشر اللبنانية بالشلل، وشهدت الأفلام السينمائية المصرية تدهوراً فنياً كبيراً.
اقرأ أيضاً: “شمس المعارف” ونضج السينما السعودية
ومع خلو الساحة الإبداعية، تقدمت المملكة لملء الفراغ، وكان مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ حيث شاهد سكان مدينة جدة نجمات السينما، مثل هيلاري سوانك ونعومي كامبل، يتمايلن على السجادة الحمراء، بينما ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي السعوديون يمرحون في حلبات الرقص. وفي المهرجان قالت منى خاشقجي، المنتجة السينمائية والمسرحية السعودية: “حان وقت التألق هنا في السعودية”، بينما أعلن مسؤول حكومي أن المملكة ستدعم إنتاج مئة فيلم بحلول عام 2030، وستسهل الترخيص والتمويل للأعمال الجديدة.

وهذا التغيير مدفوع بقيادة الأمير محمد بن سلمان، الذي يريد تغيير الصورة الراسخة للمملكة من خلال بناء صناعات ترفيهية لتحفيز الاقتصاد وخلق فرص العمل. ولذلك تقوم حكومة المملكة برعاية صانعي الأفلام السعوديين للدراسة في الخارج وإنشاء معاهد وطنية ومسارح واستوديوهات إنتاج، وتمول المبادرات لتشجيع الفنانين التشكيليين والموسيقيين السعوديين. ونجحت المملكة في اجتذاب ثلاثة من أفلام هوليوود ذات الميزانية الكبيرة لتصويرها في البلاد، وقدمت لها التمويل والطائرات العمودية والطائرات المقاتلة؛ لتتجاوز الأردن والمغرب كوجهة مفضلة في هوليوود لتصوير مشاهد الصحراء الخلابة.
اقرأ أيضاً: “الكمين”.. قصة سينمائية ترصد تضحيات إماراتية في زمن الحرب

وتعرض الصحيفة التحديات التي تواجه جهود المملكة؛ فهي تأخرت عقوداً في بناء جيل من المبدعين السينمائيين، ويحجم كثير من المبدعين العرب عن الانتقال إليها بسبب القيود الاجتماعية والسياسية الموجودة فيها، كما تساءل بعض المخضرمين في صناعة السينما حول استمرارية الدعم الحكومي لهذا القطاع. وفي المقابل هنالك عوامل تلعب في صالح المملكة؛ ومنها عدد مواطنيها البالغ 22 مليون نسمة، بالإضافة إلى 13 مليون مقيم أجنبي فيها؛ مما يعطيها أفضلية على جاراتها من الدول الخليجية الأصغر حجماً. كما أن المستوى المادي في المملكة يتيح لسكانها دفع تكاليف الاشتراك في القنوات التليفزيونية المباشرة وارتياد المسارح ودور السينما التي بلغ عددها حتى الآن 430 داراً بعدما كانت محظورة حتى عام 2018.

ويشير كاتبا المقال إلى التحديات التي واجهتها المرأة السعودية في مجال السينما، ويستشهدان بقصة الممثلة عهد كامل، التي اضطرت أثناء عملها في نيويورك إلى إخفاء حياتها المهنية عن أسرتها. كان ذلك قبل بضع سنوت، أما الآن فإن أفراد أسرتها يضايقونها بطلباتهم للحصول على تذاكر لحضور المهرجان؛ وهي الآن تستعد لإخراج فيلم جديد سيُصوَّر في المملكة.

ولكن في الوقت نفسه، لا تزال هنالك اعتبارات اجتماعية ودينية تقيد الإنتاج السينمائي في المملكة. وقد علقت الممثلة سمية رضا، التي شاركت في المهرجان بفيلمَي “جنون” و”تمزق”، على ذلك بقولها: “إن الأفلام تصور الأزواج السعوديين بشكل واقعي؛ ولكنها تتجنب المودة الجسدية على الشاشة”. وقال بعض المنتجين السينمائيين إنهم سعداء بالحصول على الدعم، متقبلين أنه سيأتي على حساب القيود الإبداعية إلى حد ما.
فيفيان يي: مديرة مكتب القاهرة لصحيفة “نيويورك تايمز”
بن هوبارد: مدير مكتب بيروت لصحيفة “نيويورك تايمز”
المصدر: نيويورك تايمز