الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دولية
السحر القطري الأسود في البيت الأبيض

كيوبوست
أبرزت صحيفة “تايم أوف إسرائيل”، في مقال رأي للكاتب المغربي طه المخيمر، ما وصفه بـ”السحر القطري للإدارة الأمريكية” في ما يتعلق بالتوسعات التي شهدتها قاعدة “العديد” على نفقة الحكومة القطرية.
يقول الكاتب إن قطر مثل شهرزاد التي امتلكت موهبة طبيعية في القدرة على إعادة سرد الحكايات الشعبية بطريقة لا تُشعر مَن يستمع إليها بالملل؛ فكانت القدرة على السرد بطريقة فريدة من نوعها هي التي جعلتها على قيد الحياة. أما قطر فلديها موهبة خاصة تبقيها على قيد الحياة وهي قاعدة “العديد” الجوية التي توفِّر بلا شك مزايا عظيمة للولايات المتحدة في ما يتعلق بموقعها الاستراتيجي وسط الشرق الأوسط.
في مأدبة العشاء التي نظمها وزير الخزانة الأمريكي على شرف أمير قطر، بمناسبة زيارة تميم إلى واشنطن، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن أن قطر أنفقت مؤخرًا 8 مليارات دولار على توسيع قاعدة “العديد” العسكرية وبناء جيش رائع من المنشآت والمطارات التي لم ترَها أمريكا منذ فترة طويلة، وكأنها رشوة تُدفع من قطر كي يتم تلميع صورتها في الشرق الأوسط وإحباط أية محاولات أمريكية من أجل تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية؛ نظرًا لكون هذه الخطوة يمكن أن تحد من نفوذ قطر وتجعل أذرعها الدعائية التي تبثّ الروح المظلمة للإسلاميين حول العالم مشلولة تقريبًا.
ويقول المقال إنه نتيجة التأثير التراكمي لعمليات التلميع التي قامت بها جماعات الضغط التابعة للدوحة في واشنطن وغيرها من العواصم الأوروبية المهمة في عديد من المناسبات من خلال اتباع سياسة البترول والدولار، نجحت الإمارة في حماية نفسها من غضب الولايات المتحدة الأمريكية الذي كان يمكن أن يُحَطِّم الأحلام القطرية حال فرض حظر على الغاز الطبيعي؛ بسبب تمويلها الواضح للإرهاب.
اقرأ أيضًا: قطر.. كلمات فارغة وجيوب عامرة
ويرى المقال أن قاعدة “العديد” جعلت قطر تتصرف دون عقاب؛ بل إنها استخدمت القاعدة للاستمرار في تنفيذ خططها الساعية لزعزعة الاستقرار في المنطقة، وهو ما يتعارض مع المصالح والقيم الأخلاقية الأمريكية، بينما يتضح ذلك من خلال الإنفاق القطري الضخم على صيانة القاعدة واستيعابها نحو 10 آلاف جندي أمريكي.
ويؤكد المقال أن عملية توسيع القاعدة كانت بمثابة فخ يعوض تنفيذ أي خطط لكبح جماح الأجندة الإسلامية القطرية ودعمها المفتوح للأصوات المتطرفة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن هناك تفهمًا لصعوبة تخلِّى الأمريكيين عن القاعدة الفريدة والاستراتيجية التي تعاملوا معها منذ إنشائها بعناية خاصة.

أدركت قطر في الوقت المناسب العلاقة الخاصة بين الأمريكيين والقاعدة، ومن ثَمَّ عملوا على السعي من أجل جعل التجربة العسكرية بها أكثر روعة. فبينما كان هناك بعض المحاولات من أجل بناء مدارج إضافية بالقاعدة الجوية خلال الفترة من 2008 حتى 2009؛ إلا أن هذا الوضع تغيَّر الآن.. ففي الوقت الذي تعيش فيه قطر أزمة مع جيرانها، أصبحت أكثر من أي وقت مضى ساعيةً لاسترضاء الولايات المتحدة وحريصة على الإنفاق بشكل أكبر بكثير على القاعدة؛ كي تنول إعجاب الأمريكيين من خلال إضافة منشآت جديدة ومدارج.
اقرأ أيضًا: موقع أمريكي: هل حانت فرصة ترامب لتأديب قطر؟
تقتنع قطر بأن مزيدًا من الإنفاق على القاعدة الأمريكية سيجعل من الصعب على صناع القرار الأمريكيين اتخاذ إجراءات صارمة ضدها. وهنا يتطرق الكاتب إلى مسألة أخرى مهمة؛ وهي أن عدد القطريين المتمركزين في القاعدة لا يتجاوز 100 فرد تقريبًا في الوقت الذي تستضيف فيه 10 آلاف عسكري أمريكي، ومن ثَمَّ فهناك نوع من القلق الآخر المرتبط بـ(مَن سيقوم بملء الفراغ إذا تدهورت العلاقات الأمريكية- القطرية، وطُلب من الولايات المتحدة إخلاء القاعدة؟) الإجابة أنه في أسوأ الحالات ستكون إيران.
وفي الوقت الذي يعتقد فيه الرئيس ترامب أنه يقوم بالحصول على الأموال من الخزينة القطرية عبر توقيع عقود ثنائية مهمة من شأنها أن تخلق ملايين الوظائف في الولايات المتحدة؛ فإن قطر تغمر إسرائيل وأوروبا بالإرهاب الذي يكلفهما كثيرًا.
السؤال المطروح في ختام المقال هو: إلى متى يمكن أن تستمر قطر في التقليل من تطرفها مع استخدام قاعدة “العديد” كوسيلة لتحقيق أهدافها الأيديولوجية المدمرة؟ وما المدة التي ستستغرقها الولايات المتحدة لإدراك أن أحد أفضل حلفائها هو نفسه أسوأ عدو لها؟