الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
السؤال المفقود من مقابلة الغنوشي: لماذا أرسلتم الإرهابيين إلى سوريا وليبيا؟
"من الضروري أن تقوم النهضة بالاعتراف بأخطائها والاعتذار عنها"

كيوبوست –
يتفرد راشد الغنوشي في حديثه لوسائل الإعلام، بمقدرته في الحديث عن الحلول، بدلًا من صب الزيت على النار وفتح دفاتر الماضي، ويعد بهذه الموهبة استثناءً عن باقي قيادات الإخوان من المحيط إلى الخليج، الذين يقولون ما يعتقدونه مباشرة وبلا مهارة أثناء تعاطيهم مع وسائل الإعلام.
اقرأ أيضًا: إخوان تونس متورطون بنقل المقاتلين لصالح تنظيم داعش عبر قطر وتركيا!
تلك المهارة التي يتمتع بها الغنوشي بشكل خاص، من بين منظّري الإخوان عامة، وباقي قيادات حركة النهضة، تجعل من أحاديثه نوعًا من أنواع العلاقات العامة، إذ تبرز بشكل دائم براعته في الترويج لحركته وتسويقها، مثل تاجر ماهر يصل به الحد إلى إقناع الزبون بالسلعة من خلال إضافة خصائص وهمية لها!
وفي حوار أجراه الغنوشي مؤخرًا مع صحيفة “الخبر” الجزائرية، تحدث الرجل كما لو أنه مصلح اجتماعي، مؤمن بالمثاليات، وكأنه يقود حزبًا مهمته إرضاء خاطر الجميع، خصوصًا عند تطرقه للشأن الخارجي، وبالذات منه الشأن الليبي؛ فقد اقترح الغنوشي حلًا للمسألة الليبية يقوم على عدم تجاهل النظام الليبي القديم في الحكم، فيما أيّد إشراك عناصر مؤيدة له في النظام الجديد.
ثم تطرّق الغنوشي إلى مدى تأثّر تونس سلبًا بالأزمة الليبية من النواحي الاقتصادية والأمنية، حين جزم بأن العمليات الإرهابية التي وقعت في تونس أُعدّ لها في ليبيا.
ولكن السؤال الأكثر أهمية، الذي أسقطه الصحفي في مقابلته مع الغنوشي كان: إذا كنتم حريصين على المصالحة في ليبيا، لماذا أرسلت حركة النهضة الإرهابيين إليها؟
على مدار سنوات الربيع العربي، تصدّرت تونس قائمة الدول التي أرسلت إرهابيين إلى باقي الدول العربية التي أصابتها الفوضى، وكان لها النصيب الأكبر من الإرهابيين الأجانب في تونس وليبيا، فقد نشر “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى“، بداية هذا العام، دراسة عن أعداد الأجانب الذين يقاتلون في ليبيا، وكانت تونس قد ساهمت بـ1600 مقاتل، يحاربون في صفوف تنظيمات إرهابية، غالبيتهم العظمى سافروا من تونس في فترة حكم حزب النهضة (2011-2013).
اقرأ أيضًا: لهذه الأسباب، يحاول تنظيم داعش الدخول إلى تونس!
وقد سلك الإرهابيون في ظل حكم النهضة طرقًا عدة للوصول إلى ليبيا، ويلتحقون بالتنظيمات المتطرفة عبر مسار أول: تونس-سوسة-بن قردان-صبراتة-بني وليد-سرت، ومسار ثان: تونس-سوسة-بن قردان-صبراتة-طرابلس-بني وليد-سرت.
واشتكت الحكومة الليبية أكثر من مرة الدور الذي قامت به حركة النهضة لتسمين الإرهاب في ليبيا، إذ قامت النهضة -من خلال سيطرتها على الحكم في تونس- بالإشراف على معسكرات لتجنيد الإرهابيين وإرسالهم إلى ليبيا ومنها إلى سوريا والعراق. وكانت وكالات أنباء ليبيا قد كشفت في تقارير إعلامية نشرتها عام 2015، أن النهضة قامت بذلك الدور بالتنسيق مع السفارة القطرية في العاصمة تونس، حيث كان يدير هذه المعسكرات ضابط تونسي سابق يدعى محسن الكعبي، المطارد في قضايا إرهاب في المنطقة الشرقية من ليبيا، وسبق أن زار ليبيا أكثر من 4 مرات.
اقرأ أيضًا: ماذا لو عاد مقاتلو داعش إلى بلدانهم في شمال إفريقيا؟
وأشارت التقارير إلى أن الإرهابي الكعبي كان حلقة الاتصال بين الإخواني المقرب من داعش، عبد الحكيم بلحاج، وحركة النهضة، لتجنيد الشباب التونسي وإرسالهم إلى ليبيا للقيام بأعمال إرهابية، وكل ذلك تحت ستار جمعيات خيرية منها جمعية “الكرامة” الممولة من إمارة قطر.
تلك الأمثلة وغيرها الكثير مما يجري تداوله إعلاميًا، توضح مدى مساهمة النهضة في بث الإرهاب؛ ليس داخل تونس فحسب، عندما ارتدت العمليات الإرهابية من ليبيا إلى الداخل التونسي، ولا عبر نمو وانتشار حركات السلفية الجهادية أثناء حكمها لتونس، وظهور ثقافة الاغتيال لسياسيين وأمنيين تونسيين، بل تعدى الأمر إلى الإشراف على تصدير الإرهاب إلى باقي الدول التي شهدت حروبًا أهلية، ضمن المشروع الإخواني في هدم الدول العربية من أجل إعادة بنائها على مقاس الفكر الإخواني.
وفي مقارنة بين ما يصرّح به الغنوشي لوسائل الإعلام، عن حماسه لإجراء مصالحات في ليبيا وغيرها، يكون من الضروري أن تقوم النهضة بالاعتراف بأخطائها والاعتذار عنها، خصوصًا للشعبين السوري والليبي، اللذين يعانيان منذ 7 سنوات من مرارة الإرهاب، حتى يكتسب خطاب الغنوشي التسويقي مصداقية، محليًا وعربيًا.
اقرأ أيضًا: يتقلدن مناصب حساسة: حقائق عن نساء داعش التونسيات