الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة
الرجل الأكثر عزلة في العالم!

كيوبوست- ترجمات
فانيسا بوشيشلوتر
توفي آخر أفراد قبيلة مجهولة كانت تعيش في غابات البرازيل عن عمر يناهز الستين عاماً، بعد أن عاش في عزلة تامة على مدى الستة والعشرين عاماً الماضية. لا أحد يعرف اسم هذا الرجل الذي كان يلقب برجل الحفرة، لأنه كان يحفر حفراً عميقة لاصطياد الحيوانات أو الاختباء فيها. كان رجل الحفرة الشخص الوحيد المتبقي على قيد الحياة من قبيلة من السكان الأصليين لمنطقة تانازو المتاخمة للحدود مع بوليفيا.
يُعتقد أن مربي الماشية الراغبين بتوسيع أراضيهم الزراعية قد قتلوا غالبية أفراد قبيلته، وفي عام 1995 قام عمال مناجم غير قانونيين بقتل ستة من أفراد القبيلة المتبقين، وكان هو الناجي الوحيد. ولم تدرك وكالة شؤون السكان الأصليين البرازيلية أنه كان على قيد الحياة حتى عام 1996، وبدأت منذ ذلك الوقت بمراقبة المنطقة حفاظاً على سلامته. وفي 23 أغسطس، عثرت دورية روتينية تابعة للوكالة على جثته مغطاة بريش الببغاء في أرجوحة خارج كوخ من القش كان يعيش فيه.

قال خبير بشؤون السكان الأصليين، مارسيلو دوس سانتوس، إنه يعتقد أن الرجل غطى نفسه بالريش بعد أن عرف أنه على وشك الموت، وأشار إلى أنه لم يكن هناك علامات عنف على جثته، وأنه يرجح أنه مات قبل نحو أربعين إلى خمسين يوماً من العثور على جثته. وقال مسؤولون إنه لم تكن هنالك أية آثار على اقتحام كوخه أو منطقته، وإنه سيتم تشريح جثته لمعرفة إذا ما كان قد أصيب بمرضٍ ما.
ولا يملك الخبراء أية معلومات عن لغة الرجل أو المجموعة العرقية التي ينتمي إليها لأنه تجنب الاتصال مع الغرباء طوال حياته. وفي عام 2018 تمكن مراقبون من وكالة شؤون السكان الأصليين من تصويره في الغابة، حيث ظهر في مقطع فيديو قصير وهو يقطع شجرة بشيء يشبه الفأس.
اقرأ أيضاً: في يومهم الدولي.. معاناة السكان الأصليين لم تنتهِ بعد الإبادات
ولم يره أحد منذ ذلك الحين، ولكن موظفي الوكالة عثروا على العديد من أكواخ القش والحفر التي قام بتجهيزها، وكان بعض هذه الحفر مجهزاً بما يشبه الحراب الحادة في أسفلها، ويعتقد الخبراء أنها كانت مصائد للحيوانات البرية.
وقال المراقب الذي عثر على جثته إن جميع الأكواخ التي تم العثور عليها، والتي تجاوز عددها الخمسين كوخاً، كانت تحتوي على حفرة بعمق ثلاثة أمتار. وأشار إلى أنه يعتقد أن هذه الحفر كان لها وظيفة روحية بالنسبة للرجل، بينما تكهن آخرون أنه كان يستخدمها للاختباء.

تشير الأدلة التي تم العثور عليها، على مدى سنوات في المنطقة، إلى أن الرجل كان يزرع الذرة ونباتاً محلياً يشبه البطاطس، ويجمع العسل والفواكه.
وينص دستور البرازيل على أن السكان الأصليين يتمتعون بملكية أراضيهم التقليدية، ولذلك تم منعه من الوصول إلى المناطق التي كان يسكنها منذ عام 1998. وقد أثار هذا الأمر غضب المزارعين الذين يعيشون في المناطق المحيطة، وفي عام 2009 تعرض مركز الوكالة في المنطقة إلى أعمال تخريبٍ، وتعرض موظفوها الذين يحمون الرجل إلى التهديد. وبموجب القانون يجب تجديد منع الوصول كل بضع سنوات، وللموافقة على التجديد يجب توثيق وجود سكان أصليين في المنطقة.
اقرأ أيضاً: اللغة التي ليست فيها كلمة “لا”
وبعد وفاة الرجل دعَت مجموعات حقوق الإنسان إلى منح المنطقة حماية دائمة. كما أن هذه المجموعات تحذر من أن هنالك نحو 240 قبيلة من السكان الأصليين في البرازيل تتعرض للتهديد من قبل قاطعي الأشجار وعمال المناجم غير القانونيين والمزارعين الذين يتعدون على أراضيهم. وقد تم تسليط الضوء مؤخراً على المخاطر التي تواجه هؤلاء السكان الأصليين، بعد أن تلقت الناشطة تزاي سوروي تهديدات بالقتل في أعقاب كلمة عاطفية ألقتها في حفل افتتاح قمة المناخ العالمية الأخيرة في غلاسكو.
المصدر: بي بي سي