الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

الذكرى الـ76 لقصف “ناغازاكي” سيئة الحظ!

كيوبوست

كانت تلك هي المرة الأولى والأخيرة، التي جرى خلالها استخدام السلاح النووي في الحروب، وذلك عندما ألقت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، قنبلتَين نوويتَين على مدينتَين يابانيتَين؛ هما: هيروشيما، بتاريخ 6 أغسطس 1945م، وتلاها بثلاثة أيام إلقاء قنبلة نووية ثانية على مدينة ناغازاكي، الواقعة على الساحل الجنوبي الغربي لجزيرة كيوشو اليابانية.

لذلك تعيد اليابان كل عام إحياء ذكرى إلقاء القنبلتَين بتواريخ إلقائهما، واليوم الموافق 9 أغسطس الذكرى الـ76 لكارثة ناغازاكي.

اقرأ أيضاً: حروب أمريكا الأبدية.. إلى أين؟

خلفية: حرب ومشروع نووي

بعد عامَين من اندلاعها عام 1939، كانت الحرب العالمية الثانية لا تزال تدور رحاها في أوروبا، وبعض الجبهات في شمال إفريقيا، بين قوات الحلفاء ودول المحور، بينما كان جيش الإمبراطورية اليابانية يحقق انتصاراتٍ ساحقة في آسيا، وغزو الصين.

إلا أن حدثَين بدآ يقلبان موازين الحرب، التي كانت مقتصرة على المملكة المتحدة إلى جانب دول الكومنولث، في مواجهة المحور الذي يضم ألمانيا وإيطاليا واليابان.

مدينة ناغازاكي قبل وبعد القصف- أرشيف

الحدث الأول: قيام دول المحور بغزو الاتحاد السوفييتي في يونيو 1941؛ ما أدخل المحور في حرب استنزاف، قلبت ضده الموازين على الجبهة الشرقية لأوروبا، وأكسبه عدواً هو الأقوى في القارة.

أما الحدث الثاني، فكان انخراط الولايات المتحدة في الحرب إلى جانب الحلفاء، بعد غارة مباغتة شنها طيران الإمبراطورية اليابانية على ميناء بيرل هاربر الأمريكي في المحيط الهادئ، في ديسمبر عام 1941م.

اقرأ أيضاً: بوتين يكتب: الدروس الحقيقية للذكرى الخامسة والسبعين للحرب العالمية الثانية

في ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد شرعت بمشروع “منهاتن”، الساعي لتطوير سلاح نووي خلال الحرب العالمية الثانية بالتعاون مع المملكة المتحدة وكندا ضمن مشروعاتٍ سرية، ونتج عن المشروع قنبلة هيروشيما التي أُطلق عليها “ليتل بوي”، وقنبلة ناغازاكي “فات مان”.

نموذج لقنبلة “الرجل السمين”- أرشيف

مع اقتراب نهاية الحرب لصالح الحلفاء، طلبت الولايات المتحدة من اليابان الاستسلام غير المشروط؛ الأمر الذي رفضته الأخيرة، فقامت الولايات المتحدة بإلقاء القنبلتَين النوويتَين، متذرعةً بأنها أرادت إنهاء الحرب في المحيط الهادئ، وتجنب الغزو الأمريكي لليابان، وإنقاذ مئات الآلاف من الأرواح الأمريكية.

 ناغازاكي سيئة الحظ!

في فجر التاسع من أغسطس 1945م، أقلعت قاذفة القنابل الأمريكية، من جزيرة تينيان في المحيط الهادئ، بقيادة الرائد تشارلز سويني، ومحمَّلة بالقنبلة النووية “فات مان”؛ أي “الرجل السمين”، وهي قنبلة نووية ذات انشطار داخلي، مصنعة من البلوتونيوم 239، وكانت متجهة إلى الهدف الرئيسي مدينة “كوكورا”، ولها أيضاً هدف ثانوي، وهو مدينة ناغازاكي.

وقبل أن تصل الطائرة الأمريكية إلى الهدف الرئيسي، سبقتها طائرة لاستطلاع حالة الطقس، وأبلغت أن السماء صافية نسبياً فوق مدينة كوكورا.

في 9 أغسطس 1945م ألقت الولايات المتحدة قنبلة نووية على مدينة ناغازاكي

مع وصول الطائرة إلى كوكورا، حجبت السحب الكثيفة والضباب الرؤية عن المنطقة، وبقيت الطائرة تحلِّق نحو 45 دقيقة فوق المدينة، ونتيجة لعدم وضوح الرؤية اتجهت إلى الهدف الثانوي؛ ناغازاكي سيئة الحظ.

كان الهدف من إلقاء القنبلة على ناغازاكي هو مصنع أسلحة ميتسوبيشي الواقع بين واديَين مكتظَّين بالسكان بالقرب من ميناء المدينة. وصلت الطائرة الأمريكية إلى سماء ناغازاكي التي كانت غائمة أكثر من كوكورا. وخوفاً من نفاد الوقود، قام الرائد سويني بتمريرة واحدة فوق المدينة، وأسقط القنبلة من ارتفاع 1650 قدماً (500 متر)، فوق وادي أوراكامي شمال غرب وسط المدينة.

اقرأ أيضًا: 100 عام على الحرب العالمية.. ما الذي يحمي العالم من واحدة مدمرة جديدة؟

النتائج

على الرغم من أن تضاريس ناغازاكي غير المستوية قللت من القدرة التدميرية للقنبلة النووية؛ فإن انفجارها بقوة تعادل 21 ألف طن من المركب الكيميائي ثلاثي نترو التولوين، أدى إلى خسائر جسيمة فور سقوطها مُشكِّلةً سحابة ضخمة.

وقد قتلت القنبلة 40 ألف شخص على الفور، بينما لقي 30 ألفاً آخرون على الأقل مصرعهم؛ نتيجة إصاباتهم أو بسبب التسمم الإشعاعي الذي تعرضوا إليه، علماً بأنه لم يكن متاحاً إحصاء عدد الضحايا بشكلٍ دقيق. أما على صعيد الخسائر المادية، فقد تم تدمير نحو 40% من مباني المدينة بالكامل أو بشكل جزئي.

المنطقة المركزية التي انفجرت فيها القنبلة في ناغازاكي- Bettmann/Getty Images

بعد خمس إلى ست سنوات من القصف، زادت معدلات الإصابة بسرطان الدم بين الناجين، وبعد عقدٍ من الزمان بدأ الناجون يعانون عدة أمراض أخرى؛ مثل الغدة الدرقية وسرطان الثدي والرئة وأنواع أخرى من السرطانات بمعدلات أعلى من المعدل الطبيعي، كما أدى القصف إلى تعرض جزء من نساء المدينة الحوامل إلى الإجهاض، بينما عانى الأطفال الذين تعرضوا إلى الإشعاع في أرحام أمهاتهم إعاقات ذهنية، وخللاً في النمو، وزاد معدل الإصابة بالسرطان، في حين لا يزال الخطر المتعلق بالتعرض إلى الإشعاع النووي موجوداً حتى اليوم.

بعد ستة أيام من قصف ناغازاكي، بتاريخ 15 أغسطس 1945، أعلن الإمبراطور الياباني جيوكوون-هوسو، الاستسلام عبر خطاب وجهه إلى الأمة، ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا لم يتم استخدام القوة النووية في الحروب والصراعات مرة أخرى، وتضافرت الجهود العالمية لمنع وقوع كارثة جديدة من ذلك النوع.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة