الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
الدعم الأمريكي السري للخميني

كيوبوست
الثورة الإيرانية لم تخرج من مدارس العلوم الدينية؛ حيث استطاع في البداية حزب “تودة” الشيوعي، أن يلعب دور المحفز الفعال في تحريك الشارع الإيراني وتنظيم الإضرابات والاحتجاجات في مواجهة نظام الشاه وأجهزته، ومع الحزب كانت هناك فصائل إيرانية معارضة لعبت الدور الأهم في تمهيد الطريق نحو الثورة.
اقرأ أيضًا: أزمة إيران تكشف الوجه الحقيقي لأجهزتها المخابراتية في دعم العمليات الإرهابية
ولكن رجال الدين تمكنوا من الإمساك بزمام الثورة بعد أن أخذوا من تجربة الدكتور محمد مصدق، عبرةً؛ بسبب تصلبه في مفاوضاته مع البريطانيين والأمريكيين حول مسألة تأميم صناعة النفط، ولذلك أطاحت به المخابرات الأمريكية والبريطانية.
الخميني استوعب درس مصدق جيدًا؛ لذلك فاوض إدارة الرئيس جيمي كارتر على عودته سالمًا إلى إيران على أن يقوم بحماية المصالح الأمريكية في البلاد.
اقرأ أيضًا: الحرس الثوري الإيراني مهندس تأجيج الصراع المذهبي في البحرين.
وفي تقرير أعدَّه الصحفي الإيراني كامبيز فتاحي، لهيئة الإذاعة البريطانية (نشر في ٢٠١٦)، رصد الاتصالات التي قام بها الخميني مع إدارة الرئيس كارتر على مدى الأسبوعَين اللذين سبقا عودة الخميني إلى طهران. ومن أهم ما جاء في التقرير، أن الأمريكيين مرروا معلومات في غاية الخطورة إلى الخميني؛ منها: أنه في ٩ نوفمبر ١٩٧٨، أرسل السفير الأمريكي في طهران، ويليام سوليفان، برقية إلى واشنطن قال فيها إن نظام الشاه محكوم عليه بالفشل، وإن على واشنطن العمل على إخراج الشاه وكبار جنرالاته من إيران، ثم العمل على صياغة اتفاق بين الضباط الأقل رتبةً والخميني، وتحت تأثير كم هائل من التقارير الواردة من إيران والتي تقول إن هناك انقلابًا عسكريًّا وشيك الحدوث قرر كارتر أن يطلب من الشاه مغادرة إيران تحت عذر قضاء إجازة في ولاية كاليفورنيا، وأوفد الرئيس كارتر مبعوثًا إلى طهران ليخبر كبار جنرالات النظام بضرورة أن لا يبادروا إلى تنظيم انقلاب عسكري على الحكومة.
اقرأ أيضًا: محاولات إيرانية لتعويض الانهيار الاقتصادي عبر سوريا والاتحاد الأوروبي
وكشف التقرير عن أن الخميني أكد للأمريكيين أنه سيعمل على حماية مصالحهم وسيحرص على سلامة المواطنين الأمريكيين الموجودين في الأراضي الإيرانية. وتعهد الخميني للأمريكيين بأنه لن يعمل على تصدير الثورة، ولن يعادي الأنظمة العربية المجاورة؛ كالسعودية والعراق والكويت. وقام الخميني بطمأنة الأمريكيين في ما يخص تدفق الإمدادات النفطية، ولعب ورقة سياسية في غاية الحيوية وفي الوقت المناسب؛ إذ أقنع واشنطن بضرورة استمرار نفوذهم في إيران، وذلك لحفظ إيران بعيدًا عن متناول النفوذ السوفييتي أو حتى النفوذ البريطاني المحتمل.
على الجانب الأمريكي، عبَّرت واشنطن عن نيتها في عدم التدخل في اختيار شكل النظام السياسي في إيران ما دام النظام القادم سيرعى المصالح الأمريكية، وأن إجراءات تغيير النظام ستراعي المعايير الدستورية. فحسب رأي الإدارة الأمريكية فإن مراعاة الدستور القائم والعمل على حفظ تماسك المؤسسة العسكرية أمران من شأنهما قطع طريق السلطة أمام حزب “تودة” وباقي الفصائل اليسارية المتحالفة معه.
اقرأ أيضًا: “الحرس الثوري” الإيراني على قائمة الإرهاب.
الاتصالات الأمريكية- الإيرانية التي حدثت في أثناء وجود الخميني في منفاه الفرنسي، كانت أشبه بلعبة قمار، فبعد خروج الشاه، وعودة الخميني تحت الضمان الأمريكي لسلامته الشخصية، سرعان ما أعلن أن أمريكا هي الشيطان الأكبر، وبذلك فقد أسهم سوء التقدير في عهد كارتر، في أول نجاح للإسلام السياسي في حكم دولة من أقوى وأهم دول المنطقة، ومنذ ذلك الحين والمنطقة برمتها تعيش أجواء التوتر والحرب الباردة.
المصدر: عكاظ