الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون عربية
الدراما الأردنية في رمضان.. زخم الإنتاج التراثي يفقدها هامش المنافسة

كيوبوست – مصطفى أبو عمشة
تركز المسلسلات الأردنية في رمضان على معالجة التراث والتاريخ، وقليل منها يركِّز على معالجة الواقع المعاصر، ويأتي على رأس هذه المسلسلات هذا العام مسلسل “ذهب أيلول”، ومسلسل “حضور لموكب الغياب”، ومسلسل “نشميات من البادية”، ومسلسل “ذياب هباب الريح”.

لكن السؤال المطروح هو: هل يمكن أن ترتقى الدراما الأردنية إلى منافسة الدراما المصرية والسعودية والخليجية، ولماذا التركيز على إنتاج المسلسلات التراثية والتاريخية في شهر رمضان، والعزوف عن معالجة الواقع الإجتماعي والسياسي المعاصر؟

حول مثل هذا الأمر يرى الفنان والممثل الأردني أحمد فهمي الدهشان، بأنّ الارتقاء بالدراما الأردنية وخاصة في رمضان، يتمثل في تحقيق المنافسة في هذا المجال، ، مشيراً إلى أنّ عودة عجلة الدراما الأردنية مجدداً ستعيد إلى مكانها الطبيعي.
اقرأ أيضاً: “أم هارون” خليجياً و”الاختيار” عربياً.. أعمال مثيرة للجدل في رمضان

ويعتبر الدهشان في تصريحاتٍ خاصة لـ”كيوبوست”، بأنّ الدراما الأردنية عندما تكون بمستواها الصحي الطبيعي فإنّها يمكن أن تواكب المنتج الخليجي والسوري، أما المنتج المصري ففيه خصوصية نجوم يتمتعون بجماهيرية وأغلب الأعمال تتكئ عليهم، مشدداً على أنّه من الظلم وضع أي دراما عربية بالمنافسة مع الدراما المصرية، لأنّ فوارق الخبرات وعلاقة المتلقي العربي بالدراما المصرية علاقة تاريخية.
وحول تركيز الدراما الأردنية على معالجة الجوانب التراثية والتاريخية يرى الدهشان أنّ هناك عوائق تمنع التطور في هذا المجال، منها طبيعة النص والمناخ السياسي والإجتماعي التي تجعل صناع الدراما بالأردن يفضلون الاتجاه نحو التاريخي ذي الطابع البدوي أو القروي، مشيراً إلى أنّ هناك جودة خاصة للممثل الأردني بالتاريخي والبدوي تميزه عن باقي الفنانين العرب.
اقرأ أيضًا: دراما رمضان في مواجهة “كورونا”
ويضيف الفنان والممثل الأردني في حديثه بالقول: “التلفزيون الأردني أصبح يشتري الدراما المحلية بأسعار مغرية للمنتج الخاص، في ظل وجود زخم وتنوع في الإنتاج”، مهيباً بتجربة القنوات السعودية التي استطاعت تعزيز الفنان السعودي حين تدفع سعراً تفضيلياً في حالة ما إذا كان العمل يشارك به فنانون سعوديون، مشيراً إلى أنّ القنوات السعودية تشتري الأعمال التي يشارك بها الفنانون السعوديون بسعر أفضل من الأعمال التي فيها الفنانين غير السعوديين.

وفي سياقٍ متصل، يرى عضو نقابة الفنانين الأردنيين ومسئول الإعلام في النقابة، عادل الحاج أبو عبيد، بأنّ الدراما التلفزيونية الأردنية تترواح ما بين ثلاثة مجالات، الأولى تتمثل في الدراما البدوية، مشيراً إلى أنّ الأردن سجلت بصمة في هذا المجال، والسوق الخاص بها معروف ومطلوب بدول الخليج، وفي كل عام يجب أن يكون هناك عملان على الأقل من المسلسلات البدوية الأردنية.
اقرأ أيضاً: لماذا لجأت الدراما العربية إلى ورش السيناريو؟

ويضيف أبو عبيد في حديث لـ”كيوبوست”: “في فترة من الفترات كانت هذه الظاهرة سائدة على حساب المواضيع الأخرى كالدراما الاجتماعية والتاريخية، ويوجد هناك الدراما الشعبية القروية القريبة من الحكاية الشعبية، وهذا العام بسبب ظروف جائحة كورونا في العامين الماضين فهناك حماس لإنتاج الدراما بشكل أكبر مما سبق”، مشيراً إلى أنّ جهات الإنتاج الموجودة في الأردن تتوزع ما بين الإنتاج الرسمي والقطاع الخاص الذي يوجد به عدد قليل جداً من المنتجين بالساحة.
ويؤكدّ أبو عبيد بأنّ المسلسلات التي تتحدث عن التراث الشعبي والحكاية الشعبية الأردنية، وخصوصاً في فترة الستين عاماً الماضية التي تعدّ مطلباً لدى المشاهد الأردني، وتمت الاستعانة بكتّاب عمدوا على تجسيد وتناول حقبة ما بين العشرينيات وصولاً لحقبة السبعينيات وهذا ما تمثل في مسلسل “المشراف” الذي يعرض في موسم رمضان، ويتحدث عن فترة ما بعد معركة الكرامة.
اقرأ أيضاً: مواجهة جديدة بين المنتجين والقراصنة في دراما رمضان
ويرى عضو نقابة الفنانين الأردنيين ومسئول الإعلام في النقابة، أنّ المشكلة الرئيسية التي تعاني منها الدراما العربية الأردنية هو الإغفال عن الأعمال الفنية طيلة العام والتركيز على موسم رمضان الذي أدى إلى تخمةً كبيرة على مستوى الساحة الفنية العربية، مشدداً على أنّه من المهم الرجوع إلى تصنيف وتقسيم الأعمال الفنية على مدار العام، ويكون موسم رمضان له خصوصيته، معتبراً بأنّ عرض الأعمال بغالبيتها في رمضان يؤدي إلى تشويش على المشاهد العربي.
أما الناقد الفني ومساعد عميد كلية الفنون والتصميم بالجامعة الأردنية د.محمد واصف فيرى في تصريحاتٍ خاصة ل”كيوبوست”، بأنّ إنتاج الملسلات الأردنية يكثر في موسم رمضان والمسلسلات تحضر بكم كبير على الفضائيات العربية خلال هذا الموسم، لأنّ شركات الإنتاج والفضائيات تعلم أنّ هناك متسعا ومساحة أكبر عند المتلقي في متابعة الشاشة في هذا الموسم، مشيراً إلى أنّ رمضان يعدّ مروجاً للدراما والقنوات ومؤسسات الإنتاج الأردنية استطاعت في الآونة الأخيرة أن تنتبه إلى أنّ هناك حاجة فعلية إلى دراما إجتماعية تتحدث عن تفاصيل الحياة اليومية لدى المواطن الأردني البسيط العامي.
وفيما يتعلق الأمر بالمسلسلات ذات الطابع البدوي فهي تدخل، بحسب رؤية واصف، ضمن نمط ونوع من الدراما التي استطاعت الأردن إنتاج مسلسلات مهمة في هذا المجال، واستطاعت أن تكون في المرتبة الأولى على مستوى الوطن العربي، معتبراً أنّه لا ضير أن تبقى في هذا المنحى، لكن أن لا تبقى في كل إنتاجها تركز على الطابع التراثي والبدوي.
اقرأ أيضًا: صراع العروش.. معركة من أجل الحياة
كما أنّ الدراما الأردنية تفتقر بحسب تأكيد واصف إلى تجسيد الحياة الريفية والجو الإجتماعي في القرية وأجواء الزراعة والفلاحة، خاصة منطقة الأغوار وما يدور فيها، مؤكداً على ضرورة تركيز الدراما الأردنية على منطقة الأرياف وتفصيلات الحياة الاجتماعية اليومية في ظل الألفية الثالثة، مع اختيار الكيفية المناسبة لمعالجتها وعرضها على المتلقي.