شؤون دولية

الدراسة في جامعات إسبانيا: تكاليف تحوّل حلم الطلبة العرب إلى كابوس 

ظروف الدراسة للطلبة العرب في أوروبا قد لا تكون ملائمة!

إسبانيا – خاص كيو بوست

يحلم كل طالب علم الارتقاء إلى مستويات عليا والحصول على أعلى الشهادات من الجامعات العالمية، وهو الحال نفسه بالنسبة لطلاب المنطقة العربية، والمغرب العربي على وجه الخصوص، غير أن أغلبهم يصطدمون بتكاليف الدراسة المرتفعة ومتطلبات المعيشة في أوروبا، مقارنة مع وضعيتهم الاجتماعية في بلدانهم، الأمر الذي يدفعهم إلى البحث عن مخرج لتجاوز هذه العراقيل وتحقيق حلمهم. وقد وجد بعضهم في دخول عالم العمل حلًا، بينما قرر آخرون هجرة مقاعد الجامعة والعودة إلى أوطانهم لإتمام الدراسة، فيما ترك بعض الطلاب الدراسة وفضلوا العمل، بعد حصولهم على وثائق الإقامة داخل أوروبا.

 

الطلبة العرب في إسبانيا: التكاليف المرتفعة أكبر عائق

لم يكن الطالب الجزائري بجامعة “أليكانت” الإسبانية أحمد يتوقع أن يجد نفسه يصارع من أجل إتمام دراساته الجامعية، وهو المتحصل على شهادة الليسانس (البكالوريوس) من جامعة دالي إبراهيم بالجزائر العاصمة، إذ كشف في لقاء جمعه مع “كيو بوست” بإحدى مقاهي حديقة “مانيلا” وسط مدينة “أليكانت”، عن معاناته بسبب تكاليف الإقامة والعيش، مشيرًا إلى أنه رغم إحضاره بعض المال الذي سمح له بالتسجيل في الجامعة، إلا أن متطلبات الحياة كانت صعبة، خصوصًا بعد نفاذ المبلغ الذي استقدمه، الأمر الذي يدفع حتمًا إلى البحث عن طريقة للخروج من المأزق.

جامعة “أليكانت”- إسبانيا

وقال المهتم بشؤون المهاجرين القادمين من المغرب العربي في الجامعات الإسبانية كمال كشيدة إنه “لا شك أن الدراسة في الخارج هي حلم يراود الكثير من الطلاب سواء في مرحلة البكالوريوس أو الماجستير أو الدراسات العليا، لكن في الأغلب يكون العائق المادي عقبةً أمام تحقيق هذا الحلم”. وأضاف كشيدة أن الدراسة في الجامعات أو الكليات الإسبانية فرصة فريدة من نوعها، وتجربة سيقدرها الطالب طول حياته، بسبب التعليم المميز، لكن التكاليف كثيرة. وأوضح كشيدة أن تكاليف الحياة في إسبانيا تعتمد على المكان الذي ستعيش فيه ونمط الحياة الذي تعتاد عليه، فالحياة في إسبانيا يمكن أن تكون رخيصة قابلة للتحمل، أو يمكن أن تكون مكلفة جدًا. ومن أجل التقليل من التكاليف ينصح كشيدة بالخروج من المدن الكبرى واللجوء إلى الضواحي أو الأرياف؛ فالحياة في الريف أكثر قابلية للتحمل.

كمال كشيدة

“إن تكاليف السكن في إسبانيا هي أكثر الأشياء التي ستنفق أموالك عليها أثناء دراستك هناك. ورغم أن عديد الكليات والجامعات تقدم غرف السكن الجامعي للطلاب، إلا أن الأولوية تمنح لدول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى تربطها بالجامعات اتفاقيات خاصة، ليبقى الطالب الحر عالقًا في مواجهة البحث عن سكن على حسابه الخاص”، يضيف كشيدة، الذي أشار أيضًا إلى أن تكاليف الدراسة في الجامعات الإسبانية معقولة مقارنة مع بقية البلدان الأوروبية، لكن هناك عوامل تحدد التكاليف المستحقة لإتمام سنوات الدراسة، خصوصًا أن هيئة التعليم الإسباني لا تقدم مساعدات مالية للطلاب الأجانب.

وأوضح المتحدث أن الكتب ولوازم الدراسة تستهلك حوالي 900 يورو في السنة، ثم المأكل والملبس والهاتف والنقل بمتوسط لا يقل عن 1200 يورو، تضاف كلها إلى مستحقات المسكن، التي تتراوح بين 3000 يورو إلى 5500 يورو سنويًا.  

ولمعرفة المزيد من الخفايا والمعلومات حول التكاليف وظروف الطلبة العرب، انتقلت “كيو بوست” إلى جامعة “أليكانت”، حيث استقبلنا مسؤول البيداغوجيا “أنطونيو شانجيز” بمكتبه، موضحًا أن النظام التعليمي في إسبانيا منظم ومصمم لتزويد الطلاب من المستويات كافة بأقصى فرص التعليم؛ فإسبانيا هي ثالث أكثر بلد شائع للدراسات الأجنبية، و”عندما تختار الدراسة في إسبانيا فستكون واثقًا بأنك ستحصل حتمًا على أفضل أنواع التعليم”.

وأشار شانجيز إلى انخفاض التكاليف مقارنة بالدول الأوروبية، إذ تتراوح رسوم شهادة البكالوريوس بين 680 و1280 يورو للسنة الدراسية في الجامعت الحكومية، بينما تتراوح من 5500 إلى 18000 يورو في الجامعات الخاصة. وتابع شانجيز موضحًا أن رسوم الجامعات الحكومية لنيل درجة الماجستير والدكتوراه، تتراوح بين 22 إلى 36 يورو للساعة الدراسية. 

أنطونيو شانجيز، مسؤول البيداغوجيا بجامعة “أليكانت”

وأضاف مسؤول البيداغوجيا بجامعة “أليكانت” لـ”كيو بوست”، أن الطلبة العرب تبدأ معاناتهم بعد السنة الدراسية الأولى، خصوصًا الطلبة من دول المغرب العربي، إذ يجدون أنفسهم قد استهلكوا كل المبالغ المالية التي استقدموها معهم، ويصبحون مضطرين للبحث عن مصادر لتمويل سنواتهم الدراسية المتبقية، كما يجدون الحل في العمل في أي مجال خلال أوقات الفراغ والعطل الدراسية، وهو حال عديد طلبة شمال إفريقيا، مشيرًا إلى أنهم يقبلون بأية أجرة تدفع لهم على اعتبار أن فرص العمل قليلة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إسبانيا، وحتى إن وجدت فالأولوية للإسبان العاطلين عن العمل.

 

رفع مستوى الجامعات العربية أهم الحلول 

يقول “كمال كشيدة” إنه إذا قرر الطلبة العرب خوض تجربة إتمام الدراسة في الخارج، عليهم بالتخطيط جيدًا، “وأول الأمور أن تكون المبالغ المالية المخصصة كافية لمواجهة كل الظروف، لتجنب العمل على حساب الدراسة”، مشددًا على ضرورة تقدم الطلبة للحصول على منح دراسية للخارج، انطلاقًا من وزارة التعليم العالي في بلدانهم الأصلية، تساعدهم على التركيز أكثر لتحقيق هدفهم الرئيس، وهو الدراسة والحصول على شهادة تخرج قيمة من جامعة راقية. 

ودعا “كشيدة” إلى إجبارية تحسين التعليم في المنطقة العربية من خلال اعتماد سياسات من شأنها رفع مستوى التحصيل العلمي ومنافسة الدول الغربية، مبديًا امتعاضه من انتقال الطلبة إلى أوروبا والولايات المتحدة لدراسة تخصصات متوفرة في الجامعات والمعاهد العربية.

وفي ختام اللقاء، عبّر كشيدة عن تفاؤله بالقول إن الواقع الذي يعانيه الطلبة العرب قد يكون بادرة خير لتحسين الجامعات في الدول العربية، ما قد يحد من هجرة الطلبة نحو أوروبا.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة