الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية

الدبلوماسية الإماراتية تتحرك دولياً لإنقاذ الأقصى

عادل مرزوق: هذا التحرك أشبه بالرسالة الإماراتية الواضحة بأن تطبيع العلاقات مع تل أبيب لا يعني أن الإمارات ستتوقف عن التزامها بدعم القضية الفلسطينية والبحث عن سلام شامل وعادل

كيوبوست

أثار اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى يومي الرابع والخامس من أبريل (نيسان) الجاري، العديد من ردود الفعل الدولية والشعبية، فقد دعت دولة الإمارات العربية المتحدة، بالشراكة مع الصين، إلى عقد اجتماعٍ مغلق لمجلس الأمن، لمناقشة التطورات الأخيرة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في المسجد الأقصى.

وطالبت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، في بيانٍ لها، بضرورة توفير الحماية الكاملة للمسجد الأقصى، ووقف الانتهاكات الخطيرة والاستفزازية فيه، مشددة على دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة، لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط قدماً، ووضع حدّ للممارسات غير الشرعية، التي تهدد الوصول إلى حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

الاعتداءات على المسجد الأقصى، ليست سابقة عند القوات الإسرائيلية، فقد فعلتها طيلة سنوات الاحتلال، وكانت حادثة الاقتحام الأشهر عندما دخل أرييل شارون إلى المسجد عنوةً مع الجنود الإسرائيليين، فتسبّب ذلك باندلاع الانتفاضة عام 2000 واستمرت خمس سنوات. وتكمن خلف اقتحامات الإسرائيليين للمسجد الأقصى، قناعات دينية فشلت اتفاقات أوسلو في حلها، وتتعلق بإيمانهم أن “قدس الأقداس” عند اليهود هو “قبة الصخرة”.

شاهد: فيديوغراف: الإمارات مستمرة في دعم القضية الفلسطينية وشعبها

في كل الأحوال، قد يكون الاقتحام الأخير للمسجد الأقصى، هروباً إلى الأمام بالنسبة لإسرائيل من المشكلات الداخلية، وسلسلة التظاهرات والاضرابات التي تعاني، فهي تدرك ردّات الفعل التي ستتلقاها سياسياً وعسكرياً، الأمر الذي يتيح لها إشغال الداخل الإسرائيلي بمشكلات أمنية تأمل الحكومة أن تساعدها في التغلب على الاضطرابات.

رغم كل ذلك، فلا يمكن للعرب والمسلمين أن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء ما يجري للمسجد الأقصى، ومن هنا تأتي أهمية التحرك الإماراتي للرد بشكلٍ قانوني على هذه الخطوة، عبر طلب الاجتماع العاجل لمجلس الأمن الدولي من أجل مناقشة مخاطر هذا الاقتحام.

مطالبات بضرورة توفير الحماية الكاملة للمسجد الأقصى- وكالات

اقتحام المسجد الأقصى في وسائل الإعلام

اهتمت الصحف الإماراتية والعربية والعالمية، بالتطورات الحاصلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمسجد الأقصى، فتحدثت صحيفة “البيان” في عددها الصادر يوم الجمعة، عن مشاركة وفد دولة الإمارات برئاسة مريم خليفة الكعبي، في اجتماع المندوبين الدائمين للجامعة العربية الذي عقد في القاهرة، بهدف اتخاذ موقف عربي موحّد ضد الممارسات الإسرائيلية.

وأوردت صحيفة “الخليج” الإماراتية، تصريحاً لمساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون السياسية المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، لانا زكي نسيبة، أعربت فيه عن قلق دولة الإمارات الشديد مما يحدث في الأرض الفلسطينية المحتلة. وأكدت ضرورة الحماية الكاملة للمسجد الأقصى المبارك، ووقف الانتهاكات والاستفزازات لتجنب تفاقم التوترات، واحترام دور المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة في رعاية المقدسات في مدينة القدس.

كما ركزت صحيفة “الاتحاد” على تكرار سيناريو اقتحام المسجد الأقصى كثيراً في شهر رمضان من كل عام، حيث يقوم جنود الاحتلال أو أحد المسؤولين باقتحام المسجد، والاعتداء على المصلين، مما يتسبب بزيادة التوتر واحتشاد المسلمين من كل صوب للدفاع عن المسجد الأقصى.

وأشارت صحيفة “الحياة” إلى أن تطورات القدس الأخيرة، مرتبطة بالمشروع الذي تعمل الصهيونية على تحقيقه، وهو هدم المسجد الأقصى استناداً إلى قناعاتٍ مزعومة. في حين رأت صحيفة “الشرق الأوسط” أن ما يجري في القدس يتصل بالحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، حيث لابد أولاً من ترويض الإرهاب الإسرائيلي، وتفعيل حل للقضية الفلسطينية، قبل التفكير بالخلاص من تنظيم “داعش” الذي يستفيد مما يجري في القدس.

اقرأ أيضًا: منحة إماراتية لإعادة إعمار مدينة حوارة الفلسطينية

دعوة دولة الإمارات لاجتماع مجلس الأمن

وتأتي دعوة الإمارات لانعقاد مجلس الأمن الدولي، في إطار دعمها التاريخي لحق الشعب الفلسطيني وحماية الأماكن المقدسة التي تتعرض بشكلٍ مستمر لانتهاكاتٍ من قبل قوات الاحتلال واليمين المتطرف.

عبد العزيز المعمري

في هذا الخصوص، قال الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي عبد العزيز المعمري لـ”كيوبوست”: “إن الدعوة الإماراتية لجلسة في مجلس الأمن تأتي انسجاماً مع المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية وهو التزام ثابت في الدبلوماسية الإماراتية”.

من جانبه، قال مايكل شارنوف الأستاذ المساعد في مركز الشرق الأدنى بجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني في واشنطن، لـ”كيوبوست”: “إن أبوظبي تسعى لاستخدام عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن من أجل توسيع نفوذها الإقليمي، ودعم القضايا العربية والإسلامية وتعزيزها”.

وقال رئيس تحرير البيت الخليجي للدراسات والنشر عادل مرزوق لـ”كيوبوست”: “إن أبوظبي تتبنى سياسة دولية تقوم على محاولة احتواء الأزمات وتطويقها، والحد من تداعياتها، وهو النهج الذي تتبعه الدبلوماسية الإماراتية في مختلف مناطق الصراع”.

عادل مرزوق

وأضاف: إن هذا التحرك أشبه بالرسالة الإماراتية الواضحة بأن تطبيع العلاقات مع تل أبيب لا يعني أن الإمارات ستتوقف عن التزامها بدعم القضية الفلسطينية، والبحث عن سلام شامل وعادل للجميع وفق ما نصت عليه المبادرة العربية.

وحول الدعوة الإماراتية لاجتماع مجلس الأمن، قال عضو المجلس الثوري بحركة فتح ديمتري دلياني لـ”كيوبوست”: “إن تحرك أبوظبي يعكس التزام الإمارات بضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، وحماية المقدسات، ووضع حد للخروقات الإسرائيلية للوضع القائم في ظل الهجمات المتطرفة التي تتعرض لها المقدسات، وفي مقدمتها المسجد الأقصى”.

ديمتري دلياني

تنسيق إماراتي- صيني

أخذ التنسيق الإماراتي- الصيني، حيزاً كبيراً من اهتمام الباحثين الاستراتيجيين والمحللين السياسيين، وقد أشار عبد العزيز المعمري إلى أن التنسيق الإماراتي- الصيني بشأن التحرك في الملف يتسق مع العلاقات الثنائية بين البلدين، ووجود الكثير من المواقف المشتركة بينهما.

في حين رأى عادل مرزوق أن تبني الإمارات بالشراكة مع الصين الدعوة لجلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، سيشمل بالتأكيد التصعيد الأمني والعسكري مع لبنان، مؤكداً أن شراكة الإمارات مع الصين مهمة باعتبار بكين طرفاً أكثر توازناً من الأمريكيين والبريطانيين.

من جانبه، أكد مايكل شارنوف أن الصين التي ساعدت بالوساطة في استعادة العلاقات بين السعودية وإيران، تريد زيادة قوتها الناعمة بالشرق الأوسط، مؤكداً أن الإسرائيليين والفلسطينيين والأردنيين بحاجة إلى تبني استراتيجية وقائية قبل أيام من تصادف عيد الفصح مع الأيام الأخيرة من رمضان لتجنب وقوع اضطرابات سياسية وعنف محتمل.

عادت العلاقات بين السعودية وإيران بوساطة صينية
مايكل شارنوف

وفيما يخص الوضع الراهن وضرورة المحافظة عليه، أكد شارنوف ضرورة وجود فهم مشترك يتضمن احترام “الوضع الراهن” في ظل الخلافات الموجودة، وهو أمر يمكن أن تلعب فيه الولايات المتحدة والمجتمع الدولي دوراً مهماً خاصة أن قمة العقبة التي احتضنها الأردن في فبراير الماضي تعهد خلالها المشاركون بالتأكيد على الالتزامات السياسية، والموافقة على تهدئة التوترات، وإنهاء الإجراءات أحادية الجانب.

وحول إمكانية فرض عقوبات على إسرائيل، قال ديمتري دلياني إنه لا يتوقع ذلك. وذلك بسبب التدخلات الأمريكية التي يتوقع أن تخفف من حدة القرارات الصادرة عن المجلس.

أحداث القدس واقتحام المسجد الأقصى، تنفتح على عدة احتمالات، خاصة بعدما شهدت المناطق الحدودية تبادلاً لإطلاق النار والصواريخ من جهة لبنان، ومن ناحية غزة.

ويتوقع المراقبون حركة نشطة للاتصالات في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة ستتصدرها الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها ممثلة العرب في مجلس الأمن حالياً.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة