الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة
الخيار المحفوف بالمخاطر
الاعتماد على الغابات لإزالة ثاني أكسيد الكربون

كيوبوست- ترجمات
لويز غيّو
بعد الموجة غير المسبوقة من حرائق الغابات التي اجتاحت مناطق عدة في العالم هذا العام، عادت قضية تغير المناخ لتحتل مكاناً بارزاً في وسائل الإعلام، وفي جداول أعمال القادة وصناع القرار، في مختلف أنحاء العالم. ومؤخراً، نشر موقع بوليتيكو مقالاً بقلم لويز غيو تبحث فيه إحدى الطرق التي تحظى بشعبيةٍ كبيرة بين نشطاء المناخ، ولكنها تنطوي على مخاطر عديدة.
ويشير المقال إلى أن القلق المتزايد بشأن سرعة وحجم التغير الذي يطرأ على المناخ قد دفع بالعاملين في هذا المجال إلى التفكير بحلولٍ بغاية التعقيد، ربما تلامس حافة الخيال العلمي. لكن هنالك نظاماً واحداً يعمل بشكلٍ جيد في سحب الكربون من الغلاف الجوي منذ 360 مليون عام، إنه الأشجار. وهذا ما جعل الغابات بمثابة الوسيلة المفضلة لمكافحة الاحتباس الحراري، حتى إن الاتحاد الأوروبي يدعو لزراعة 3 مليارات شجرة بحلول عام 2030. لكنها مقاربة محفوفة بالمخاطر، فهي تخضع لتأثيرات تغيرات المناخ مثل زيادة حرائق الغابات والجفاف والآفات، والأشجار التي تحترق تعود لتطلق ثاني أكسيد الكربون الذي قامت بالتقاطه من الغلاف الجوي.
اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين دخان حرائق الغابات وانتشار الجائحة؟
تمتص غابات دول الاتحاد الأوروبي حالياً نحو 10% من انبعاثات الكربون فيه، ولكن بدأت بعض البلدان تعاني من انتشار الحشرات، ولا سيما خنافس اللحاء، مما اضطر الخبراء لإزالة بعض الغابات. وهذا يعني أنه تجب دراسة برامج زراعة الأشجار بشكلٍ دقيق لتحديد الأنواع المناسبة، والمكان المناسب، ودراسة آثار تغير المناخ على هذه الأشجار لضمان بقائها لأطول فترة ممكنة.
ويؤكد المقال أن زراعة الأشجار ليست حلاً سحرياً، ويجب أن تكون جزءاً من استراتيجية أوسع لخفض الانبعاثات الكربونية بشكل عام. بالإضافة إلى خلق توتراتٍ حول إشكالية تخصيص الأراضي للغابات أم للزراعة، والتساؤلات حل قدرة دول الاتحاد الأوروبي على زراعة ورعاية ما يكفي من الأشجار الجديدة.

ومن ناحيةٍ أخرى، فإن الشجرة تستغرق نحو 30 عاماً لتصبح شجرة كبيرة تمتص نحو 30 كيلوغراماً من الكربون سنوياً، وغالباً ما يتم تجاهل هذه الناحية، صحيح أن الغابات ستعيد التوازن إلى محتوى الكربون في الغلاف الجوي، ولكن ذلك لن يحدث قبل 80 إلى 100 عام من الآن، ونحن لا نستطيع الانتظار كل ذلك الوقت. كما أن الأشجار بمجرد زراعتها ستكون عرضة لحرائق الغابات، مثل تلك التي دمرت مناطق شاسعة في اليونان، والدول الإسكندنافية، وسيبيريا، وغرب أمريكا الشمالية هذا الصيف. وقد صدر تقرير عن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة يفيد بأنه من المحتمل أن تتكرر الظواهر المناخية الشديدة؛ مثل موجات الحر الشديد، وهذا يعني زيادة احتمال وقوع الحرائق في أوروبا.
اقرأ أيضاً: إصلاح النظم الإيكولوجية.. حل لأخطر التغيرات البيئية
وفي الولايات المتحدة احترقت بعض الغابات التي تمت زراعتها ضمن برامج إزالة الكربون التي تحفز مالكي الأراضي على زراعة الأشجار؛ بهدف التقاط الكربون، ومنها برامج تدعمها شركة بريتيش بتروليوم، ومايكروسوفت، لتعويض انبعاثاتها. وعلى الرغم من عدم تعرض أي من البرامج الموجودة في فرنسا أو البرازيل للحرائق، فإن تغيرات المناخ والحرائق تشكل خطراً تفكر فيه الشركات عند اختيار المشاريع التي ستقوم بتمويلها.

وفي ختام مقالها، تشير الكاتبة إلى تصريحات عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر الألماني؛ آنا غرنينبيرغ، حول بعض الممارسات الضارة بالمناخ؛ مثل قطع الغابات التي تحد من قدرتها على امتصاص الكربون، وتقول: “إن تربة الغابة مثل الإسفنجة، فهي تمتص الماء وثاني أكسيد الكربون، وتساعد في منع الجفاف، وتآكل التربة، ولكن عندما نقطع مساحة ما من الغابة، فإن تربتها تتصلب، ولا تعود قادرة على الاحتفاظ بالماء”. وأضافت “أنا لا أدعو إلى عدم المساس بالغابات على الإطلاق، ولكننا نحتاج إلى إدارة مستدامة حقاً لهذه الغابات”.
المصدر: بوليتيكو