الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون دوليةشؤون عربية
“الخلافة الرقمية” .. كتاب يحذر من انتشار داعش “افتراضياً”
يتناول الكاتب المصري أحمد العطار في كتابه الجديد المخاوف من تنامي الإرهاب رقمياً.. محاولاً تقديم تصور لفهم ظاهرة التطرف عبر الإنترنت

كيوبوست
استخدام تنظيم داعش الإنترنت في توظيف سياساته، هو محور كتاب “الخلافة الرقمية.. كيف أسس داعش دولته على الإنترنت؟”، الصادر مؤخراً للكاتب المصري أحمد شوقي العطار، الذي اعتمد على دراسة وتحليل منظومة داعش الرقمية، بعد متابعتها ورصدها، خلال 5 سنوات، بجانب الاستعانة بعدد من الدراسات والأبحاث الغربية التي تركز على الجوانب الخاصة بمنظومة داعش الإلكترونية؛ فمن خلال ثلاثة فصول يتناول الكاتب المصري تفاصيل دولة داعش الرقمية، في محاولة لفهم أعمق لظاهرة “رقمنة الإرهاب”.
نبعت فكرة الكتاب لدى مؤلفه خلال فترة عمله صحفياً في مجلة “روزاليوسف”، وتحديداً خلال الفترة التي سبقت ثورة 30 يونيو 2013، حيث التقى عدداً من قيادات وأعضاء التنظيمات الجهادية الذين قدموا إلى مصر، خلال فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين لمصر؛ فكانت سلسلة حوارات قام بإجرائها سبباً في العمل على الكتاب، خصوصاً مع تحول بعض الأحاديث الاستشراقية التي تطرق إليها مع الجهاديين بشأن مستقبل قراراتهم حال الإطاحة بالإخوان من السلطة في التطبيق على أرض الواقع؛ ومنها تنفيذ أعمال العنف والإرهاب واتباع نهج القيادي بتنظيم القاعدة أبي مصعب السوري، وتطبيق ما ورد في كتبه.
اقرأ أيضًا: معظم الإرهابيين المدانين تحولوا إلى التطرف عبر الإنترنت
رصد واقعي
يقول أحمد شوقي العطار، في مقابلة مع “كيوبوست”، إنه رصد في الكتاب على مدار عدة سنوات تحول تنظيم داعش ليكون تنظيماً عالمياً باستخدام كل الوسائل والأدوات المتاحة، لتحويل وجوده في بعض المناطق ليكون وجوداً بمختلف أنحاء الكرة الأرضية؛ حيث سعى التنظيم إلى إقامة دولته عبر الإنترنت، دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، شعب وسلطة بوجود افتراضي عبر الإنترنت؛ وهو الأمر الذي أفرز الخلافة الرقمية، لافتاً إلى أن فترة الرصد استمرت ما بين 2014 و2017، إلى أن شرع بالكتاب واستمر العمل فيه حتى 2020، وهي فترة طويلة تطورت بها آليات التنظيم بشكل كبير.

وأضاف أن التنظيم بخلاف استخدامه قنوات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة؛ مثل “يوتيوب” و”تليغرام”، فإن ثمة تحركات قام بها لإدارة أرصدته المالية؛ من بينها البنوك الإلكترونية والخدمات المصرية عبر الإنترنت، بجانب استخدام عدد كبير من التطبيقات المشفرة وغير المعروفة على مستوى كبير، بحيث وفَّر التنظيم لكل المريدين الملتحقين به تدريبات وإمكانات كبيرة تجعلهم وكأنهم يعيشون معه، بينما هم في الحقيقة لم يلتقوا قادة التنظيم ولم يعرفوا أياً منهم؛ بل إن بعضهم نفذ عمليات كبيرة على غرار عمر متين، الذي قتل 49 شخصاً من المثليين في هجوم مسلح نفذه على ملهى للمثليين في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: التطرف عبر الإنترنت: كيفية اكتشاف المحتوى المتطرف والتعامل معه (المملكة المتحدة نموذجًا)
نقطة البداية
يعتبر العطار، في كتابه، أن البداية الفعلية لدولة داعش الرقمية على شبكة الإنترنت كانت عقب معركة الموصل، عندما استطاع التنظيم السيطرة بالكامل على مساحة جغرافية تعادل مساحة دولة بريطانيا؛ تتمثل في نصف الأراضي السورية، بالإضافة إلى نصف العراق تقريباً، ليعلن بعدها قيام “الخلافة الإسلامية”، ومبايعة زعيم التنظيم أبي بكر البغدادي، خليفةً للمسلمين، لتكون هذه هي المرة الأولى في تاريخ التنظيمات الجهادية التي تتحقق فيها السيادة الكاملة لتنظيم على الأرض، وكانت “شبكة الإنترنت” هي كلمة السر في ذلك الانتصار الضخم الذي حققه “داعش”.
وأضاف أن التنظيم تعامل مع شبكة الإنترنت باعتبارها أرضَ فضاء يمكن استخدامها في تأسيس دولة رقمية موازية للخلافة الأرضية، غير خاضعة للرقابة، تساعده في تثبيت أقدامه على الأراضي التي احتلها في غفلة من العالم، وتحقق له العديد من أهدافه، مشيراً إلى أنه حاول خلال الكتاب دراسة الدولة الرقمية للتنظيم، ليغوص داخل تفاصيلها، ويقترب أكثر من عناصرها، ويرصد جوانبها، ويكشف آلياتها وأساليبها وأسرارها، ويفكك أجزاءها، في محاولة للوصول إلى صورة كاملة وواضحة عن أول خلافة رقمية عرفتها البشرية، كان لـ”داعش” السبق في تأسيسها وبقائها حتى اللحظة الراهنة، رغم سقوطه المدوي على الأرض.

استغلال الإنترنت
وأوضح أحمد شوقي العطار، في حواره، أن التنظيم استغل شبكة الإنترنت والتطبيقات المختلفة لتنفيذ عمليات الذئاب المنفردة، واستطاع من خلال التطبيقات تنفيذ عمليات تجنيد واسعة النطاق؛ لا سيما بين قطاعات أجيال الشباب، وقدم لهم من خلال كتيبات وملخصات محتوى دينياً يشجع على أهمية دعمهم “دولة الخلافة” و”تجهيزهم للقيام بعمليات انتحارية”، بجانب توفير محتوى تدريبي مكثف يسمح بتنفيذ هذه العمليات؛ بداية من كيفية التخطيط لتنفيذ عمليات دهس بالأماكن المزدحمة، وصولاً إلى تنفيذ العمليات الكبرى وصناعة حتى السلاح البيولوجي.
يشير العطار إلى أن فكرة التجنيد زادت من التحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية حول العالم؛ خصوصاً أن التعليمات التي وزعت طلب فيها مراعاة عدم إثارة الشبهات حول شخصياتهم، بجانب إجراءات الحماية والتشفير التي كانت تحدث؛ لكن بعض الأمور كشفت عن مجموعات عابرة للقارات، منها على سبيل المثال قصة الشاب المصري أحمد الشناوي الذي ضُبط في الولايات المتحدة، بعد تتبع مبلغ ألف دولار كان قد جرى تحويله إليه وتبين أن وراءها شبكة إرهابية تابعة للتنظيم عابرة للقارات.
اقرأ أيضًا: تصنيف المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت والإشراف عليه
يختتم العطار حديثه بتأكيد أهمية تقديم تسهيلات للدول النامية، بإمكانية وصولها إلى التقنيات المتطورة المرتبطة بالتتبع.. وغيرها من الأمور التي يمكنها دحض انتشار “داعش” افتراضياً، وهو أمر لن يمكن تحقيقه دون الاقتناع بخطورة التنظيم وتحولاته الراهنة، محذراً من أن يكون صراع عودة التنظيم على الساحة الافتراضية بتحويل تحركاته لتكون رقمية بشكل كامل.