الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
الحوثيون ومعتقلو “حماس”.. عرضٌ للمتاجرة أم كشفٌ للأوراق؟

كيوبوست
في مبادرة تبدو عابرة للحدود، عرض زعيم جماعة الحوثيين في اليمن عبدالملك الحوثي، صفقة تبادل أسرى؛ لإطلاق سراح معتقلين من حركة حماس الفلسطينية لدى السعودية مقابل عدد من الأسرى السعوديين.
للوهلة الأولى قد تكون الخطوة مفاجئة للمتتبعين؛ لكن بنظرة عميقة يمكن إدراك الخلفيات المتشعبة التي تقف وراءها، فالمبادرة جاءت من طرف كان في مرحلة ما على حالة عداء مع الإخوان المسلمين والدول الداعمة لهم، في وقت تتبع فيه “حماس” للمحور الإخواني، رغم أنها تبرَّأت من تبعيتها السياسية والأيديولوجية للجماعة في ميثاقها الوطني الأخير.
اقرأ أيضًا: اليمن.. الإخوان والحوثيون وجهان لعملة واحدة في جيب تركيا وقطر
تحالف مكشوف
أوجدت الحالة اليمنية تحالفًا غير معهود بين الطرفَين، ونعني هنا الإخوان والحوثيين؛ ففي أعقاب الأزمة الخليجية وجنوح قطر خارج الصف الخليجي، اتخذت الأخيرة التي اتجهت إلى الحاضنة السياسية التركية، نهجًا جديدًا قام على التحالف مع أطراف تعادي التحالف العربي في اليمن؛ خصوصًا إيران، الأمر الذي خلق ساحة خلفية لتنسيق المواقف بين هذا المحور الذي يجمع الدوحة بأنقرة وطهران.
ويقول خبراء إن عرض زعيم جماعة الحوثيين في اليمن عبدالملك الحوثي، إطلاق سراح أسرى سعوديين مقابل أسرى “حماس” لدى المملكة، يندرج ضمن مناورة لتحقيق مكاسب إعلامية وسياسية، وقد تكون في خلفيته ترجمة واضحة لتحالف بدأ يكشف عن أوراقه مؤخرًا بين طرفَي النقيض؛ قطر والإخوان وتركيا من جهة، وإيران وأدواتها من جهة أخرى، ضد ما يعتبر خصمًا واحدًا، ألا وهو “التحالف العربي في اليمن”.
مدير الوكالة الدولية للصحافة والدراسات الاستراتيجية جمال العوضي، المقيم في باريس، أكد أن “الإعلان الحوثي يأتي في سياق العلاقة الوطيدة بين (حماس) والنظام الإيراني، وأيضًا العلاقة الأخرى بين (حماس) والنظام القطري في الدوحة؛ والذي يمثل إحدى وسائل الدعم والإسناد لجماعة الإخوان المسلمين”.
وفسَّر العوضي، خلال حديثه إلى “كيوبوست”، ذلك قائلًا: “لم يعُد بالإمكان الفصل بين الحوثيين و(حماس) و(حزب الله)؛ فهي منظومة متكاملة تمثل خطرًا على المنطقة، وتندرج فيها جماعة الإخوان المسلمين؛ وعلى رأسها حزب الإصلاح في اليمن”.
واعتبر الخبير السياسي اليمني العرضَ بمثابة معالم مؤامرة جديدة؛ الغرض منها تهديد أمن واستقرار المنطقة، سواء في السعودية أو الخليج بشكل عام أو اليمن، لافتًا إلى أن “التعاون الإخواني مع الحوثيين وإيران يأخذ مسارًا واحدًا هو خدمة التوسع والتطلع الإيراني للسيطرة على المنطقة”.
“حماس” و”حزب الله”
وقالت حركة حماس، في بيان، مرحبةً بالعرض، إنها تابعت باهتمام “المبادرة المقدرة التي أطلقها زعيم جماعة أنصار الله اليمنية عبدالملك الحوثي”، بينما أعربت حركة الجهاد الإسلامي عن شكرها لعبدالملك الحوثي على إعلانه ومبادرته.
المحلل السياسي الفلسطيني د.أحمد رفيق عوض، قال خلال حديثه إلى “كيوبوست”: “إن هذه المبادرة لها علاقة بثالوث معين؛ هو (حزب الله) وحركة الجهاد الإسلامي و(حماس)”.
ولم يستبعد د.عوض أن تكون “حماس” قد طلبت من “حزب الله” طرح هذا العرض على الحوثيين (بحكم العلاقات بين “حماس” والحزب)، وهو تقارب لعبت فيه طهران الدور الأكبر مؤخرًا بعد استقبالها عددًا من قيادات حركة حماس ودعم الحركة بمبالغ مالية ضخمة.

واعتبر المحلل السياسي الفلسطيني أن “حماس” لم تتبنَّ الموقف ولم ترفضه في الوقت ذاته، مضيفًا أنها “مسألة حساسة وحقيقية.. (حماس) تريد إخراج معتقليها؛ وبالتالي قد تكون استخدمت الحوثي للضغط على السعودية”.
متاجرة سياسية
وأرجع الخبراء جزءًا من العرض الحوثي إلى مقاصد إعلامية الغرض منها تلميع صورة الحوثي في ظل الظرف العالمي المتعلق بفيروس كورونا.
اقرأ أيضًا: الحوثيون واليمن.. إيران ودعم الطائفية ضد العرب
وقال رئيس تحرير صحيفة “عدن اليوم”، الصحفي فتحي بن لزرق: “إن العرض لا يتجاوز كونه مناورة سياسية بائسة”، مضيفًا أن الحوثي يريد تحقيق مكاسب سياسية “عبر دغدغة العواطف والمشاعر العربية في ما يخص قضايا المقاومة الإسلامية (حماس)، والمقاومة بشكل عام في فلسطين”.
وتابع بن لزرق، خلال حديثه إلى “كيوبوست”: “نحن أمام حالة متاجرة سياسية لا أكثر ولا أقل؛ فهناك عديد من القضايا التي يمكن أن يتفاوض فيها الحوثي مع السعودية”.

بينما اعتبر المحلل السياسي أحمد رفيق عوض أن حركة الحوثيين تريد أن تقدِّم نفسها كأحد أركان “الحلف المقاوم” كما يُسمى، وبالتالي هي و”حماس” و”الجهاد الإسلامي” و”حزب الله” وإيران مقابل السعودية وآخرين.
وختم عوض قائلًا: “إن الحوثي يريد أن يحرج السعودية ويُلَمِّع صورته؛ فموقفه هذا جزء منه إعلامي لتحسين الصورة، وتقديم نفسه كجزء من حركة المقاومة؛ خصوصًا في ظرف (كورونا)، وهو ما يبدو عرضًا مربحًا”.