الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون خليجيةشؤون عربية
الحركة الفنية التشكيلية في البحرين بين الواقع والمستقبل

البحرين- فاطمة خليل
معرض “تآلف”
أطلقت جمعية البحرين للفن المعاصر معرضها “تآلف”، الذي ضم مجموعة من الفنانين الشباب ضمن اهتمامات مملكة البحرين والمختصين بالحركة الفنية التشكيلية. فجمعية البحرين للفن المعاصر جمعية عريقة (مرّ على تأسيسها 50 عاماً، على أيدي نخبة من الفنانين الرواد الذين كرسوا شبابهم وحياتهم في خدمة الفن التشكيلي والنهوض بمستواه في مملكة البحرين؛ من خلال أعمالهم ورؤاهم الفنية المختلفة”. وقد أطلقت الجمعية معرضها “تآلف”، لما رأته بأنه قد حان الوقت “ليكمل هذا الجيل من الشباب مسيرة الفنانين السابقين ويحمل معه آمالاً وتطلعات لمستقبل واعد في إبراز وتألق الحركة التشكيلية البحرينية في أبهى صورة لها”.
وقد جاء هذا المعرض احتفاءً من الجمعية بـ”هؤلاء الفنانين والفنانات الشباب”؛ إذ “يهدف إلى زيادة وتعميق العلاقات الإنسانية بين الأعضاء الجدد بعضهم مع بعض والأعضاء السابقين، ويكون هذا المعرض نقطة الانطلاق نحو تقارب الرؤى والتطلعات والتوجهات الفنية لديهم؛ من أجل حمل راية الفن والحركة التشكيلية في البحرين إلى الأمام، والدفع بها وتسليمها إلى الأجيال اللاحقة وهي في صورة مشعة بمزيد من الجمال والإبداع”.

أما عنوان المعرض فقد اختير بعناية بالغة؛ ليجسد الهدف المراد تحقيقه، فهو تآلف “تحت مظلة حاضنة للمواهب الفنية”، وتآلف في “ريشة الألوان التي تشكل كل لوحة مختلفة”، وتآلف في التطلع “إلى مستقبل فيه المزيد من العطاء”، كما أنه تآلف أيضاً في “إحياء مهد الأجيال السابقة”.

وحول المعرض بيَّن الفنان عبدالله المنامي، عضو مجلس إدارة الجمعية، وعضو لجنة تنظيم المعرض، أن المعرض يضم 20 فناناً وفنانة من المنضمين إلى جمعية البحرين للفن المعاصر حديثاً ممن خضعوا للتقييم من خلال عرضهم تجاربهم وأعمالهم الفنية. وأشار المنامي إلى أن “المعرض متنوع في الأعمال بين الواقعية والسريالية والمدارس الفنية المختلفة، والهدف منه هو تشجيع ودعم الفنانين المنضمين إلى الجمعية”، ليكون لهم دور في الحركة الفنية التشكيلية وليبرزوا إنتاجهم للعالم، مؤكداً أن العمل المعروض إنما هو بداية لانطلاقة معارض مستقبلية أخرى.
الفنانة الشابة فاطمة الصياد، إحدى المشاركات في معرض “تآلف”، تحدثت عن تجربتها في المشاركة، مشيرةً إلى أن المعرض أسهم في دعم الفنانين المبتدئين في عرض تجاربهم الفنية ومواهبهم للناس في البحرين، إلى جانب أنه فتح لهم آفاقاً أوسع لالتقاء الفنانين؛ بما يساعدهم على تطوير مواهبهم، والتي بلا شك ستنعكس على تطوير الحركة الفنية البحرينية ككل.
اقرأ أيضًا: سلطان القاسمي.. نخسر في الإمارات تاريخاً معمارياً مميزاً ينبغي الحفاظ عليه
تاريخ البحرين وطبيعتها في الفن التشكيلي
الفنان عباس الموسوي، أكد دور التاريخ البحريني العميق، وطبيعتها المتنوعة، وخصوصية إنتاجها الثقافي في الحركة الفنية التشكيلية؛ لا سيما على مستوى القدرة على الإبداع وغزارة الفرص لاختيار الموضوع، بقوله “البحرين لا تنفصل عن الفن التشكيلي في الخليج، باستثناء العراق” بحضاراته المختلفة، “والبحرين أيضاً لها تاريخ وعمق؛ حضارة دلمون”، “وكانت ترسل كل الأرواح الطاهرة لتستقر في البحرين؛ إذ إنها أرض الأمن والأمان والحب والسلام والاستقرار منذ آلاف السنين بحكم موقعها كجزيرة آمنة منفصلة عن المدن الكبرى وفيها اكتفاء بخيرات البحر وخيرات الأرض، والإنسان هكذا بالاستقرار يستطيع أن يبدع وينتج فناً مختلفاً”.

واستطرد الموسوي: “لهذا تاريخنا فيه الآثار الموجودة في (عالي) من تشكيل وزخرف وأوانٍ… وما موجود في (سترة) من استغلال للنخلة ومشتقاتها، وكانت هي الأم والظل… وأصبحت من الموروث العظيم الذي يمتاز به بلد المليون نخلة”، “أيضاً البحر وخيراته، والنسيج حيث كانت (بني جمرة) من القرى التي أنتجت هذا النسيج الجميل…” مشيراً إلى أنه هكذا يلتقي الفن والتشكيل منذ أمد التاريخ وحتى اليوم في خصوصية الفن التشكيلي البحريني؛ فالفنان التشكيلي “يستنبط ويستلهم من الصور والتاريخ ما هو موجود الآن”. ولم يغفل الموسوي عن التصميم العمراني والبناء لمدن البحرين الكبرى؛ كالمحرق والمنامة وسترة، مبيناً أن لكل منها حساً وزخرفةً خاصةً بها، إلى جانب انبساط الأرض بالنخيل والعيون والشواطئ.
اقرأ أيضًا: في ذكرى حسن الكلاوي.. الفنان المغربي الذي شجعه وينستون تشرشل على الرسم
تاريخ الفن التشكيلي البحريني
الفنان إبراهيم بوسعد، وقف على تأريخ الحركة الفنية التشكيلية في البحرين، بقوله “بداية الستينيات تأسست أسرة هواة الفن؛ وفيها رسامون وموسيقيون ومسرحيون، وفي بداية السبعينيات تأسست جمعية الفن المعاصر، أسسها الفنانون الرواد… وفي سنة 1983 تأسست جمعية البحرين للفنون التشكيلية، وغالبية المؤسسين هم خريجو جامعات فنية؛ سواء في أوروبا أو دول عربية، وكان يرأسها الفنان الشيخ راشد آل خليفة”، مبيناً أن هذه الجمعية ألقت بظلالها على الحركة الفنية التشكيلية محدثةً فارقاً كبيراً في الفن التشكيلي البحريني.

ويرى بوسعد أن الفنان التشكيلي البحريني تناول موضوعات مختلفة ومتنوعة؛ فقد تناول الموضوعات الإنسانية والموضوعات الفلسفية نحو ما وراء الطبيعة والبحث عن الحقيقة وما شاكلها، وهناك الكثير من الأعمال التي تمتلك من النضوج الفكري والتقني ما يؤهل أصحابها للحضور العالمي.
وبيَّن بوسعد أن “المحرق” هي تكوينه الثقافي الأول؛ لامتلائها “بالتصميم وإنجاز صناعة السفن… والتطريز والكورار والمباني والمثقفين”؛ كلها عوامل أسهمت وأثَّرت بشكل كبير على إنتاجه الفني، وربما على إنتاج كثير من الفنانين الآخرين، كل حسب بيئته.
الفن التشكيلي متجدد
من جهتها، بيَّنت الفنانة فائقة الحسن، أن الفن التشكيلي متجدد عبر الزمن، وأنه في كل فترة يأتي جيل يضيف إلى ما قبله، مستنيراً بخبرة مَن سبقه. ومع تطور الأفق في مفهوم الفن، أصبح الفن معاصراً ومفتوحاً ومواكباً للعصر الراهن، مشيرةً إلى أن الإبداع باقٍ في كل المراحل؛ ولكل حقبة زمنية خصوصيتها الفنية التي تميزها عن غيرها.

وأشادت الحسن بدور الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، في توجيه الثقافة واهتمامها بالمعارض الفنية وتوجيهها، كما أشارت إلى دور الشيخ راشد آل خليفة، في نقل الفن التشكيلي البحريني إلى العالمية، مبينةً أن لكلٍّ مِن الفنانة بلقيس فخرو والفنان إبراهيم بوسعد وبعض الفنانين الآخرين، دوراً بارزاً في إبراز الفن التشكيلي عالمياً.