ترجماتشؤون دوليةملفات مميزة
الحركة الجهادية في إندونيسيا: نظرة عامة
المجموعات الجهادية الإندونيسية تتبنى تكتيكات جديدة

ترجمة كيو بوست –
المصدر: مجلة “عين أوروبية على التطرف”، بقلم الخبير في شؤون التطرف والإرهاب، ريموندو نيروني.
عانت إندونيسيا هذا العام من هجمات مأساوية جدًا، أبرزها هجوم مايو/أيار الدموي، عندما قام زوجان وأربعة من أطفالهما بتنفيذ هجمات انتحارية في 3 كنائس، ما أدى إلى مقتل 12 شخصًا على الأقل. وبعد يوم واحد، نفذت عائلة أخرى، مكونة من 5 أفراد، هجومًا إرهابيًا آخر باستخدام قنبلة على مدخل مقر شرطة سورابيا، ما أدى إلى جرح العديد من أفراد الشرطة، ومقتل جميع منفذي الهجوم من العائلة، باستثناء طفلةٍ تبلغ 8 أعوام. وفي 16 مايو/أيار، نفذ 4 أشخاص هجومًا مشتركًا ضد حاجز أمني باستخدام سيارة وسط مدينة سومطرة.
اقرأ أيضًا: كيف يمكن أن تلعب القرابة دورًا في الهجمات الإرهابية الجهادية؟
جماعة أنصار الدولة
تبنت جماعة “أنصار الدولة” المناصرة لداعش المسؤولية عن “الهجمات الاستشهادية” المذكورة أعلاه. لكن اللافت للانتباه، هو أن الهجمات حصلت برغم وجود الشخصية الرئيسة في الإرهاب الإندونيسي في السجن، أمان عبد الرحمن، الزعيم الفعلي لأنصار داعش في إندونيسيا. في مايو/أيار 2016، تمكن هذا الرجل من التخطيط لهجوم مقهى ستاربكس في جاكرتا من داخل زنزانته في السجن، فضلًا عن التخطيط لهجمات أخرى أدت إلى مقتل 7 أشخاص.
تكتيكات جديدة، أهداف قديمة
على مدار السنوات الثلاث الماضية، غيّر المتطرفون الإسلاميون الإندونيسيون تكتيكاتهم وأغراضهم المستهدفة، تاركين كل الإستراتيجيات القديمة وراءهم؛ فجميع الهجمات الأخيرة استهدفت الأقليات الدينية وموظفي إنفاذ القانون. وقد عملت المجموعات المتطرفة على إشراك النساء والأطفال في تنفيذ الهجمات الانتحارية. في الحقيقة، جماعة “أنصار الدولة” هي في طليعة هذا التحول، إذ لعبت دورًا بارزًا في المشهد الجهادي الإندونيسي.
إن دور المرأة في الإرهاب الإندونيسي بارز وملحوظ بشكل كبير، وهو من أهم علامات هذا التغيير. في عام 2009، بعثت زوجة أسامة بن لادن رسالة تحث فيها النساء الإندونيسيات على لعب دور “الداعم فقط” للجهاديين في إندونيسيا، وهذا ما جرى تعميمه على المواقع الجهادية الإلكترونية آنذاك. لكن في السنوات الأخيرة، وجه أنصار داعش في إندونيسيا دعوة للنساء إلى الهجرة إلى سوريا للمشاركة في القتال والمعارك.
اقرأ أيضًا: تصاعد الإرهاب في موزمبيق: أسباب التطرف والتهديدات
تساعد حالة “ستي خديجة” في تفسير دور المرأة في الترويج للجهاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي. هي امرأة إندونيسية، سافرت إلى سوريا مع عائلتها عام 2014، وهناك، نشرت قصتها وتجاربها الشخصية عبر فيس بوك. بتاريخ 29 أيلول/سبتمبر 2014، نشرت خديجة رسالة عبر موقع “بانجيماس” الإندونيسي المتطرف، أعلنت فيها عن إنشاء وحدة عسكرية تابعة لتنظيم داعش في جنوب شرق آسيا، حملت اسم “مجموعة الأرخبيلي”. في رسالتها، أعطت خديجة تبريرات دينية لإقامة الدولة الإسلامية، والالتزام بالجهاد، والحاجة إلى تعدد الزوجات، فضلًا عن جاذبية التواصل بين الرجال والنساء عبر الإنترنت.
في الواقع، اعتمدت المجموعات المتطرفة في إندونيسيا على الإعلام الرقمي والاجتماعي، كوسيلة مشفرة للتواصل، والتجنيد، والدعاية، وهو ما أكده أستاذ السياسة الدولية، الإندونيسي جوزيف تشين يونغ. في الواقع، نجح المتطرفون في إندونيسيا في جذب اهتمام كبير، وحشد المتعاطفين والمجندين المحتملين من خلال المنصات الرقمية، مثل فيس بوك وتويتر وتلغرام.
ووفقًا لدراسة استقصائية أجراها معهد “وحيد” ودائرة المسح الإندونيسية، فإن المجموعات الاجتماعية الأكثر استجابة للرسائل الأيديولوجية الراديكالية تشترك في خصائص محددة، مثل الإيمان بمفهوم الجهاد كصراع عنيف، وتبرير ممارسات الجماعات الراديكالية وإظهار الدعم اللفظي لها، وكذلك إنكار ورفض حقوق المواطنة للمجموعات الأخرى غير المحببة. يتعرض هؤلاء بشدة للوعظ الديني الذي يدفع بالشك والكراهية تجاه المجموعات الدينية الأخرى، أو تجاه الأقليات العرقية. وكشفت الدراسة ذاتها أن الأفراد ذوي المستويات التعليمية المنخفضة، الذين يكسبون دخلًا شهريًا أقل من 80 دولارًا، هم أكثر عرضة لتبني الأيديولوجيات الراديكالية.
الجماعة الإسلامية
تلعب “الجماعة الإسلامية” في إندونيسيا دورًا كبيرًا في العمل الجهادي المتطرف في البلاد. تأسست هذه المنظمة الجهادية عام 1993، وبالتحديد في معسكر “صداح” التدريبي الذي أقامه عبد الرسول سياف، مستشار ابن لادن، في أفغانستان. وحينها، أطلقت المجموعة عمليات ترويج ترافقت مع نشر تفسيرات راديكالية للإسلام.
اقرأ أيضًا: داعش الفليبين سرق ملايين الدولارات بعد أن سطى على البنوك!
استلهمت “الجماعة الإسلامية” فكرها وعملها من الجناح المسلح التابع للإخوان المسلمين في مصر، بغرض إقامة دولة إسلامية في جنوب شرق آسيا، لتضم بذلك الخلافة ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة ومينداناو وبروني. ووفقًا للحكومة الأسترالية، تدير “الجماعة الإسلامية” شبكة مؤلفة من 50 مدرسة دينية أو أكثر، تعمل من خلالها على تعليم أجيال المستقبل من الإندونيسيين. كما تعتمد المنظمة على مجموعة من الجمعيات الخيرية الدينية، لبناء قاعدة دعم لفكرة الدولة الإسلامية في إندونيسيا، وأيضًا من أجل شرعنة استخدام العنف ضد الأفراد والممتلكات تحت غطاء ديني.
المصدر: مجلة عين أوروبية على التطرف
حمل تطبيق كيوبوست الآن، من هنا