الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

الحرب بين اليونان وتركيا أصبحت الآن احتمالاً حقيقياً

كيوبوست – ترجمات

مايكل روبن♦

اشتبكت المقاتلات اليونانية والتركية هذا الأسبوع في معارك وهمية فوق جزيرة كاستيلوريزو اليونانية، على بعد ميل ونصف الميل فقط من الساحل التركي؛ ما تسبب في فرار السياح. ومن ناحية أخرى، هناك خطر متزايد من أن تتصادم القوات البحرية التركية واليونانية، على بعد مئات الأميال إلى الغرب إذا مضت تركيا قدماً في تنفيذ خططها الرامية للتنقيب في المناطق الاقتصادية الحصرية الخاصة باليونان.

وبينما لم تكن هناك قط أية علاقات ودية بين تركيا واليونان في الماضي، أصبح خطر الحرب بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلنطي في مستوى مرتفع منذ اندلاع الصراع في قبرص قبل أكثر من خمسة وأربعين عاماً. ففي الماضي، كانت تركيا واليونان قد قطعتا شوطاً كبيراً؛ ولكن السياسات التي بدأها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد تدفع الجارتَين إلى حافة الهاوية.

اقرأ أيضاً: هل وصلت أذرع أردوغان إلى اليونان؟

وهناك مسألتان مترابطتان: هما جهود أردوغان للانسحاب من معاهدة لوزان، ويأسه المتزايد للعثور على موارد لإنقاذ الاقتصاد التركي المتهاوي. فقد تم التوقيع على معاهدة لوزان قبل 97 عاماً من اليوم لإنهاء الأمور العالقة المتبقية من انهيار الإمبراطورية العثمانية. وفي حين يندد الأكراد بالمعاهدة التي ألغت الوعود بإقامة دولة، فإن المعاهدة حددت حدود تركيا مع بلغاريا واليونان وسوريا والعراق. وأياً كانت العيوب التي شابت هذه الحدود، فإن نظام ما بعد لوزان كان قادراً على تمكين الاستقرار لما يقرب من القرن.

متظاهرون يمينيون يونانيون يحرقون علماً تركياً احتجاجاً على زيارة رئيس الوزراء التركي إلى أثينا- “أسوشييتد برس”

ويسعى أردوغان الآن إلى إلغاء معاهدة لوزان لأسباب أيديولوجية واقتصادية وكبرياء شخصي. أما الأسباب الأيديولوجية؛ فلأن أردوغان يسعى لاستعادة السيطرة على بعض الأراضي العثمانية وتغيير التركيبة السكانية للمناطق الواقعة خارج حدود تركيا. وأما الاقتصادية، فتكمن في سعي تركيا لسرقة الموارد من المناطق الاقتصادية اليونانية والقبرصية الحصرية المعترف بها. ثم يأتي الكبرياء الشخصي المتمثل في رغبة أردوغان في التفوق على إرث أتاتورك كمنتصر عسكري.

اقرأ أيضاً: اليونان وتركيا والأقلية المسلمة في تراقيا

وفي الواقع، لا تسعى تركيا إلى “تنقيح” القانون الدولي فحسب؛ بل أيضاً إلى السيطرة المحتملة على موارد مئات الجزر اليونانية في بحر إيجه. وعلى الرغم من أن سفينة التنقيب “أوروج ريس” لا تزال في الميناء؛ فإن هذا يبدو أنه ليس بسبب القيود التركية، ولكن بسبب رياح عاتية من المتوقع أن تتبدد قريباً.

وتملك تركيا أكبر قوة بحرية محلية في المنطقة، وهي تعِد بأن تلك القوة سترافق سفينة التنقيب. وهناك ما لا يقل عن ثماني عشرة سفينة حربية في المنطقة المجاورة مباشرة. ونظراً للمخاطر، فليس أمام اليونان من خيار سوى الرد، ومن هنا كان الذعر في عواصم الاتحاد الأوروبي.

وزير الدفاع اليوناني يتحدث مع الجنود أثناء حضوره تدريباً عسكرياً في جزيرة إيكاريا الشرقية- اليونان.. أبريل 2018- “أسوشييتد برس”

ويدرك القادة الأوروبيون أيضاً أن هذا ليس مجرد نزاع حول بحر إيجه. ففي نوفمبر 2019، وقَّعت تركيا اتفاقاً مع ليبيا لإنشاء حدود بحرية مشتركة بين البلدين، وهو أمر غير ممكن إلا إذا تجاهلت تركيا الجزر اليونانية حتى جزيرة كريت، وهي جزيرة أكبر من ولاية ديلاوير بنسبة تزيد على 25%.

لقد ازدهر أردوغان، مثل فلاديمير بوتين، منذ فترة طويلة من خلال لعبة التهديدات مع الدبلوماسيين المناوئين للنزاع. فالجميع، من المبعوث الأمريكي الخاص جيمس جيفري، إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قد استجابوا لخداع أردوغان، وقد كانت لهم اليد العليا، على أمل أن يتمكنوا من تهدئة التوتر على المدى القصير عبر تحسين الأوضاع مع الزعيم التركي. ولم يدركوا قط أن تهديد أردوغان كان تكتيكاً وظلماً مختلقاً؛ للحصول على أفضلية تفاوضية.

اقرأ أيضاً: لماذا يعيد أردوغان تصدير أزمة الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط؟

وبالتعاون مع أوروبا، بوسع واشنطن أيضاً تذكير تركيا بأنه في حال ما حاولت إبطال معاهدة لوزان، فإن مراجعاتها قد تبدو أشبه بمعاهدة سيفر عام 1920، أكثر من معاهدة باسارويتز لعام 1718.

♦باحث مقيم في معهد أميركان إنتربرايز.

المصدر: ناشيونال إنترست

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة