شؤون عربية

الجهاز السري للنهضة أمام القضاء العسكري، لهذه الأسباب

تطورات متسارعة في التحقيقات حول الجهاز السري لحركة النهضة

كيو بوست –

أصرّت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي على تقديم شكواها ضد رموز حركة النهضة أمام القضاء العسكري، بعد أن قدمت وثائق وأدلة تتهم النهضة بإدارة “جهاز سرّي” مواز للدولة، نفذ عمليات اغتيال في الفترة ما بين 2011 – 2013.

وتأتي الشكوى التي قدمتها هيئة الدفاع بعد أسابيع من مؤتمر صحفي عقدته، كشفت فيه عن معلومات تفيد بامتلاك حركة النهضة -المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين- لتنظيم سري مسؤول عن التلاعب بوثائق وطمس حقائق واختراق لأجهزة الدولة بنية التغطية على عمليات الاغتيال.

اقرأ أيضًا: الحداد يكشف لـ”كيوبوست” حكاية الجهاز السري لـ”النهضة” ودوافع الإفصاح عنه حاليًا

وقالت الهيئة إنها قدمت للمحكمة العسكرية الدائمة في العاصمة، شكوى “مدعمة بأكثر من مئتي صفحة من الوثائق والصور والمحاضر”، تدين –بحسب الهيئة- الجهاز السري للنهضة ورموزًا سياسية وأمنية بإدارته والإشراف عليه.

في البداية، رفضت المحكمة العسكرية إيداع الشكوى لديها، متعللة بعدم الاختصاص، ولكن قيام المحامين من أعضاء هيئة الدفاع عن الشهيدين بممارسة الضغوط، عبر تهديدهم بالاعتصام أمام المحكمة بمشاركة أعضاء برلمانيين ومنظمات من المجتمع المدني والهيئات الحقوقية، إضافة لتهديدهم بعرض الوثائق على الرأي العام، كل ذلك أدى لاستجابة المحكمة بتبني الدعوى القضائية.

ولكن لماذا أصرّت الهيئة على تقديم شكواها لدى القضاء العسكري وليس العدلي؟

اعتبرت هيئة الدفاع أن المحكمة عمدت في البداية إلى خرق “المبدأ الدستوري باللجوء إلى القضاء والاعتداء على حق الدفاع”، قبل أن تستجيب لمطلبهم بتقديم الشكوى إليهم، نتيجة الالتفاف الشعبي والأهلي حول الهيئة.

ولكن، وبحسب خبراء بالشأن القضائي، فإن القضية ذات خطورة بالغة تمس بأمن الدولة. وفي مثل هذه الحالات، يصبح القضاء العسكري هو المخوّل بالنظر في الشكوى لمساسها بعسكريين، حتى لا تصبح المعلومات والوثائق المقدمة محل تسريبات وتداول، خصوصًا أن الوثائق المقدمة مكونة من 200 صفحة، تحتوي بالصور على معلومات تمس مصلحة الجيش مباشرة وسلامة المؤسسات الأمنية والقضائية والعسكرية.

اقرأ أيضًا: بالفيديو: هل تمتلك حركة النهضة ما يُسمى بـ”الجهاز السري” حقًا؟

وعلى الرغم من الجدل المثار في تونس حول مثول مدنيين أمام محاكم عسكرية، إلا أن الدستور وسع من صلاحيات تلك المحاكم؛ فبعد سقوط نظام ابن علي، صدر المرسوم رقم 69 بتاريخ 29 يوليو/تموز 2011، المتعلق بتنقيح وإتمام مجلة المرافعات والعقوبات العسكريّة، موسعًا من اختصاص القضاء العسكري ليشمل جرائم الحق العام المرتكبة من العسكريين، وجرائم الحقّ العامّ المرتكبة ضدّ العسكريين أثناء مباشرتهم للخدمة أو بمناسبتها.

وهو ما يتناسب قانونيًا مع الوثائق التي تمتلكها هيئة الدفاع، خصوصًا فيما يتعلق باختراق الجهاز السري للنهضة للمؤسسة العسكرية، بحسب تصريحات هيئة الدفاع، إضافة لاتهامات بالتجسس موجهة للجهاز السري بخصوص طلب معلومات من المخابرات الإيطالية عن دولة الجزائر وثروتها النفطية، مقابل إطلاق الصحفي الإيطالي المختطف لدى “جبهة النصرة” الإرهابية في سوريا.

كما تحتوي الوثائق اتهامات للجهاز السري بالتجسس على سفارات أجنبية موجودة في تونس.

اقرأ أيضًا: وثائق تتهم النهضة باغتيال بلعيد وتشكيل تنظيم سري للاغتيالات والتجسس

وبالموازة مع وثائق الهيئة التي تجعل خطورة الجهاز السري متعلقة أكثر بالقضاء العسكري دون سواه، فإنه وفي فبراير/شباط 2014، تحدث العميد السابق في المخابرات العسكرية، موسى الخلفي، متهمًا الجهاز السري باختراق ومتابعة الجيش والتجسس عليه، وذكر محاولة الجهاز مساومة ضباط من الجيش -بالأسماء- مقابل الولاء لحركة النهضة، فقد كان وقتها راشد الغنوشي يعتبر الجيش “غير مضمون”.

والمحاكم العسكرية هي محاكم متخصصة في الجرائم العسكرية، ولا تتبع مجلس القضاء العدلي بل تتبع السلطة التنفيذية، تحديدًا وزارة الدفاع. ويشرف على تسيير هذا القضاء مجلس القضاء العسكري ويرأسه وزير الدفاع.

وفيما يخص التطورات حول “الجهاز السري” للنهضة، وعلاقته بعمليات اغتيال ضد تونسيين، قال والد الشهيد، الضابط سقراط الشارني، الذي سقط برفقة عدد من شهداء الحرس، إنه ما يزال مصرًا على فتح ملف اغتيال ابنه من جديد، لأن المعطيات المقدمة عن الجهاز السري في ملف اغتيال الشهيد بلعيد لها علاقة بابنه، وقد سبق له أن قدم قائمة بالأسماء نفسها والأسرار الأخرى إلى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي منذ فترة طويلة.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة