الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

الجزائر.. مشروع سحب الجنسية بين مكافحة الإرهاب والضغط على المعارضة!

القانون يقضي بسحب الجنسية الأصلية من كل جزائري مقيم في الخارج.. وتثبت عليه تهم الإخلال بالأمن القومي

الجزائر – علي ياحي

استنفر مشروع قانون تجريد الجنسية من الجزائريين المقيمين بالخارج، الرأي العام المحلي في الجزائر، وشكَّل الحراك الشعبي، ومواقع التواصل الاجتماعي، مسرحاً للتعبير عن الرفض والسخرية أيضاً، غير أن هناك مَن رأى فيه ضرورة للحد من تهديد الأمن القومي للبلاد.

وجاء في مشروع القانون أنه يتم تجريد الجزائريين المقيمين بالخارج من جنسيتهم؛ سواء الأصلية أو المكتسبة، “في حال ارتكاب أفعال متعمدة خارج التراب الوطني من شأنها أن تلحق ضرراً جسيماً بمصالح الدولة أو تمس بالوحدة الوطنية”، كما يشمل الإجراء كل جزائري ينشط أو ينخرط في منظمة إرهابية، أو يمولها أو يمجدها، وأيضاً كل مَن تعامل مع دولة معادية.

اقرأ أيضاً: تحذيرات من اختراق الحزب الإسلامي المحظور للحراك الجزائري

وعلى الرغم من أن السلطات الجزائرية وضعت مشروع القانون قيد الدراسة؛ فإن شخصيات سياسية وقانونية تطالب بسحبه، أو تأجيل النظر فيه، في حين أكد وزير العدل بلقاسم زغماتي، أن “الأحكام المنصوص عليها في المشروع تبقى متوافقة مع الاتفاقيات الدولية المعمول بها في هذا المجال، والتي تضمن الحق في الطعن”.

تهم فضفاضة

وفي هذا السياق، أوضحت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، في منشور على صفحة الحزب الرسمية على “فيسبوك”، أن “المساس بالمصلحة العليا للدولة والمساس بالوحدة الوطنية (جريمتان) لا يمكن تحديدهما؛ لأنهما تهمتان مطاطيتان، ولا يمكن في نظامٍ تسلطي إلا استعمال عشوائي لهكذا تهم”، وتابعت بالقول إن “أي عمل أو فكرة سياسية من شأنها أن توصف بهاتين التهمتَين”، مشيرة إلى أن مشروع القانون يهدف إلى تخوين أي رأي يخالف الاختيارات السياسية للحكومة في جميع المجالات، وإلى “ترعيب إخوتنا في المهجر بعقوبة مهينة؛ لأنها تسلب فرداً من أفراد المجموعة الوطنية جزائريته”.

لويزة حنون

كما علَّق العضو السابق بمجلس الأمة، الحقوقي مقران آيت العربي، على حسابه بموقع “فيسبوك”، بأن “سحب الجنسية المكتسبة من كل شخص ارتكب جرائم معينة معمول به في دول أخرى؛ لكن سحب الجنسية الجزائرية الأصلية الموروثة أباً عن جد، فهذا غير مقبول على الإطلاق؛ فآباء وأجداد الجزائريين هم الذين استشهدوا من أجل الجنسية الجزائرية”، وشدد على أن الجزائري الأصيل يفضل أن يُعدم بسبب الجرائم التي ارتكبها؛ ولكنه يرفض أن تُسحب جنسيته، معتبراً أن من يحاول نزع الجنسية الأصلية للجزائريين والجزائريات سيتحمل مسؤولية لا مثيل لها في تاريخ الجزائر.

اقرأ  أيضاً: مخاوف الخروج من المشهد السياسي تعتري حركة الإخوان في الجزائر

أستاذ علم الاجتماع مصطفى راجعي، يشير، في تصريحٍ لـ”كيوبوست”، إلى أن مشروع تعديل قانون الجنسية أثار ردود  أفعال غاضبة، قائلاً إن الوسائط الاجتماعية وحراك الجمعة كانت مسارح لموجات الغضب، مضيفاً أن المشروع الذي قدمه وزير العدل لقي رفضاً قوياً؛ لأنه يمس موضوع الهوية، حيث يعادل نزع الجنسية محو الهوية لدى الأشخاص المستهدفين.

مصطفى راجعي

وأوضح راجعي: “يبدو واضحاً من مبرر المشروع أن حماية الأمن القومي من أعداء مفترضين في الخارج هو السبب”؛ حيث ظهر أن الحكومة تريد استخدام “الجنسية” كسلاح قانوني لمواجهة معارضين راديكاليين في الخارج يدعون إلى الإطاحة بالنظام، ويستهدفون الجيش كمؤسسة، مشيراً إلى أن الجدل والغضب سببهما الطابع الفريد للمشروع؛ حيث يستهدف نزع جنسية أصلية وفطرية وطبيعية وليست جنسية مكتسبة عن طريق طلب الحصول عليها؛ إذ إن المعمول به في البلدان الأخرى هو نزع الجنسية المكتسبة الثانية، وليس تجريد المواطن من جنسيته الأصلية التي تعتبر بمثابة هوية شخصية، مختتماً بأنه “بالنظر إلى ما أثاره المشروع لدرجة أنه أسهم في إخراج المزيد من الناس إلى الشارع في مسيرات حراك الجمعة، فإن الرئيس سوف لن يعتمد المشروع في مجلس الوزراء القادم”.

أغراض سياسية

ويتخوف الحراك، كما بعض الطبقة السياسية، من أن يستعمل هذا القانون لأغراضٍ سياسية تهدف إلى خنق الأصوات المعارضة؛ وهو ما أشار إليه رئيس حزب جبهة العدالة الاجتماعية، رضوان خليف، بالقول إن ثمة قراءتين للمشروع؛ الأولى أمنية بحيث يستخدم التشريع بحق كل مَن يحاول المساس بمصالح الدولة أو الانخراط في منظمات إرهابية عبر التمويل والدعم، وسياسية تفرض عدم تعارضه مع الحقوق الدستورية في ممارسة الحريات والتعبير عن الحريات وقبول الرأي والرأي الآخر.

مسيرات الحراك يوم الجمعة

ولتخفيف حدة الاحتقان، كشف وزير الاتصال المتحدث الرسمي باسم الحكومة، عمار بلحيمر، عن أن مشروع القانون يقترح تطبيق نظام سحب الجنسية على كل جزائري يقيم خارج البلاد، ويتم تجريمه بأفعال تلحق عمداً ضرراً جسيماً بمصالح الدولة أو تمس بالوحدة الوطنية.

 اقرأ أيضاً: عمليات إرهابية في الجزائر.. هل يستعرض العنابي عضلاته؟

سليمان شرقي

الحقوقي سليمان شرقي، يعتقد، في حديث إلى “كيوبوست”، أن اقتراح تعديل قانون الجنسية ليس له هدف آخر سوى المزيد من فرض القيود ونشر التهديد والوعيد على النشطاء ومعارضي النظام؛ لا سيما بعد اتهامات السلطة بقيادة الحراك نحو التطرف بقصد تشويهه وتحييد نشاطه، مضيفاً أنه ليست هناك دولة قانون تسحب الجنسية الأصلية من مواطنيها، وليس هناك ساذج يعتقد أن التهديد موجه إلى ذوي الجنسية المكتسبة؛ فهؤلاء وإن كانوا بفعل القانون أصبحوا مواطنين لهم كامل الحقوق، غير أنهم بالتأكيد ليسوا الفئة المستهدفة، وإنما لمجرد ذر الرماد في العيون لتمرير التعديل؛ فليس هناك عاقل يقبل تهديد وطنه ممن ينتسبون إلى الوطن حديثاً.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

علي ياحي

كاتب صحفي جزائري

مقالات ذات صلة