شؤون عربية

الجزائر: ما وراء فشل تيارات الإسلام السياسي في الانتخابات البلدية

هل هي نهاية أم كبوة للإسلام السياسي؟

خاص كيو بوست –

خيبة أمل تلف أنصار التيار الإسلامي في الجزائر، بعد تراجعهم في الانتخابات البلدية التي أجريت في 23 نوفمبر الماضي.

وقد بيّنت النتائج أن “حركة مجتمع السلم” فازت برئاسة 49 مجلسًا بلديًا من أصل 1541 مجلسًا تنافسوا عليها، كما حصلت الحركة على عضوية 152 فردًا من أعضائها في 53 مجلسًا من مجالس محافظات البلاد الـ48.

الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء

أما “الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء”، وهو تحالف لثلاثة أحزاب إسلامية، فقد فاز برئاسة ثماني بلديات فقط، ولم يحصل على أي عضوية أي مجلس من مجالس المحافظات.

وبرغم الجدل الذي أثير حول الانتخابات، وادعاءات التزوير، إلّا أن النتائج عكست تراجع شعبية حركات الإسلام السياسي في الجزائر، وخصوصًا حركة مجتمع السلم “حمس”، وهي التحالف الإسلامي الأكبر في الجزائر، الذي يعد امتدادًا لحركة الإخوان المسلمين في العالم. وكانت “حمس” قد حازت في الانتخابات الماضية على نتائج أكثر إيجابية، مسجلة بذلك تراجعًا من المركز الثالث في الانتخابات السابقة إلى السادس.

ووفقًا للنتائج الرسمية فقد تصدّرت القائمة الأحزاب العلمانية، إذ حافظ حزب “جبهة التحرير الوطني” على الصدارة، بحصوله على رئاسة 603 بلديات، و711 مقعدًا بالمجالس الولائية، يليه “التجمع الوطني الديمقراطي”، بـ451 بلدية، و527 مقعدًا بالمجالس الولائية.

 

نهاية أم كبوة للإسلام السياسي؟

في الوقت الذي اعتبر فيه عمارة بن يونس، الأمين العام لحزب الجبهة الشعبية الجزائرية، نتائج الانتخابات بأنها: “نهاية للإسلام السياسي”، أحال الإسلاميون أسباب الهزيمة إلى تزوير في الانتخابات، فيما لم يعترف بعضهم بالهزيمة، واعتبروا أن مجرد “البقاء” يعد نصرًا لهم، وقرأوا الهزيمة على أنها نصر، حين قارنوها بنتائج 2012. وجاءت تلك المقارنة على لسان عبد المجيد مناصرة رئيس “حمس” الذي قال يوم السبت في مؤتمر صحفي، إن نتائج حزبه تحسنت على كافة الأصعدة مقارنة بـ 2012.

واعتبر مراقبون أن إحالة أسباب الهزيمة، إلى التزوير بمثابة تخلي عن المسؤولية، فيما حاول بعضهم طرح السؤال الجوهري عن أسباب الهزيمة، فقد كتب يوسف خبابة، النائب بالبرلمان عن حزب “التحالف من أجل العدالة والنهضة والبناء” الإسلامي، على صفحته بموقع “فيسبوك”، تعليقًا على النتائج: “تراجع رهيب للإسلاميين في الانتخابات.. ما هي الأسباب؟ وما هي الحلول؟”.

تغريدة النائب يوسف خباية

وفي الوقت ذاته، رفض النائب العام السابق لحركة النهضة الإسلامية، فاتح ربيعي، إحالة الهزيمة إلى شماعة التزوير، فتناقل النشطاء تدوينة له على صفحته على الفيسبوك يقول فيها: “أتمنى أن يلغي الإسلاميون من قاموس خطابهم هذه الأيام لفظ تزوير الانتخابات، وأن يفكروا مليًا في أسباب الإخفاقات”.

 

أسباب الهزيمة.. انكشاف أم ردة فعل؟

اعتبر مراقبون أن الإخفاقات المتتالية في شعبية التيارات الإسلامية، تتصل بالهزة الشعبية التي تعاني منها حركات الإسلام السياسي في المنطقة العربية، بعد مراهنتهم لسنين طويلة على صناديق الانتخابات، إلّا أنهم وبعد وصولهم للحكم في عدة دول عربية، تعرضوا لنكسات انتخابية.

وعزا مراقبون أسباب السقوط، وخصوصًا للتيار الإخواني المتمثل بحركة مجتمع السلم، بالانكشاف الإعلامي، وانتشار وسائل الإعلام الحديث، ومقدرة المواطن الجزائري والعربي على التمييز بين الشعارات المرفوعة، والواقع السياسي على الأرض.

بالإضافة إلى كون الحركات الإسلامية، مجرّد تفرّعات سياسية عن جبهة الإنقاذ، التي مارست العنف لعقدين كاملين، حاولت تلك الحركات أن تنأى بنفسها عن تهمة الإرهاب، عبر سلك الطرق الديمقراطية السهلة من أجل الوصول إلى السلطة، مما أدى إلى انكشافها أمام الشعب، بعد ظهور برامجها الانتخابية، وبعدما كانت مبادئها مُحاطة بهالة من الغموض أثناء فترة العمل السرّي والتنظيمي المسلّح، واحتكارها للخطاب الديني التبشيري، الذي استطاعت بواسطته خلال تلك الفترة أن تبني قاعدة شعبية قوامها البسطاء ممن أغرتهم الشعارات.

وعلى الرغم من سلوك بعض الحركات الإسلامية، المنحى السياسي وتخليها عن العنف، إلّا أن المقارنات بدت حاضرة أثناء الانتخابات البلدية في الجزائر، فانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي الفيديوهات التي تؤرّخ للفترات العصيبة التي مرّت بها الجزائر على يد تلك الحركات (العشرية السوداء).

(أحد الفيديوهات التي تداولتها المواقع الإلكترونية في الفترة الأخيرة)

وجاء انكشاف الإسلاميين أمام صناديق الانتخابات، بحسب مراقبين، كردة فعل على مقارنات أخرى، حفرتها أحزاب الإسلام السياسي في المنطقة العربية، خصوصًا في سوريا ومصر والجزائر، وفي الإرهاب الذي وظِّف من أجل ضرب الجيوش الوطنية وإسقاط الدول، وخشية المواطن الجزائري من تكرار تلك السيناريوهات أو عودتها إلى بلدهم.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة