الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

الجزائر.. ما مصير الحراك الشعبي بعد انتخاب خليفة بوتفليقة؟

كيوبوست – الجزائر

تتخوف السلطات في الجزائر من استمرار الحراك الشعبي بعد انتخابات الخميس 12 ديسمبر الجاري؛ لما للخطوة من انعكاسات على استقرار الوضع الذي تعمل المؤسسة العسكرية على الحفاظ عليه عبر العودة إلى الإطار الدستوري منذ “إقالة” الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في 2 أبريل الماضي.

يأمل الشعب الجزائري في أن يضع انتخاب رئيس للبلاد حدًّا لتحرك الشارع الذي انتفض يوم 22 فبراير الماضي؛ من أجل منع عهدة خامسة للرئيس بوتفليقة، وإسقاط زمرته التي عاثت فسادًا. وبالنظر إلى ما يحدث من تطورات سلبية بين مختلف فئات الشعب، وكذا الطبقة السياسية، من تراشق وتبادل اتهامات وتخوين بلغت حد استعمال العنف اللفظي والجسدي، فإن وضع ما بعد 12 ديسمبر يكتنفه مزيد من الغموض الممزوج بالتخوف من مفاجأة غير سارة وغير متوقعة.

المرشحون الخمسة لانتخابات الرئاسة الجزائرية

وتقول المحللة أسماء صبرينة، خلال حديثها إلى “كيوبوست”: “إنه بإجراء الانتخابات الرئاسية لن يبقى أي حراك في الشارع على الأقل بالشكل الحالي، على اعتبار أن الرئيس المنتخب سيكون عن طريق آليات ديمقراطية ومن اختيار الشعب؛ ما يعني أنه لا يوجد مجال لاستمرار الفوضى والاحتجاجات”، موضحةً أنه “يجب احترام جميع الآراء؛ فمع احترام قرار الرافضين للانتخاب يجب في المقابل احترام رأي الناخبين، هي هكذا مبادئ الديمقراطية، وما دون ذلك يصنف في إطار الديكتاتورية والفوضى”.

وتابعت صبرينة بأن باقي مطالب الحراك المشروعة يمكن العمل عليها مع الرئيس المنتخب والحكومات القادمة، مشيرةً إلى أنه في حال استمرار “فوضى” الشارع التي باتت تعرقل الحياة العامة للمواطنين وتمنع السير الحسن لمختلف القطاعات، سيتم اللجوء إلى تطبيق القانون، متوقعةً أن تشهد زوايا شوارع بعض المناطق قبضة حديدية مع المصالح الأمنية المكلفة بتوفير الأمن والطمأنينة.

اقرأ أيضًا: رفع الراية الأمازيغية وتصاعد خطاب الكراهية.. هل تعاني الجزائر أزمة هوية؟

وخلصت صبرينة إلى أنه مع انتخاب الرئيس لم يعد هناك مبرر “ديمقراطي” لاستمرار الحراك.

صورة المحللة أسماء صبرينة

لقد حقق الحراك الشعبي، الذي انطلق في 22 فبراير الماضي، عديدًا من المطالب المرفوعة؛ وأهمها على الإطلاق منع “خامسة” بوتفليقة، ثم اعتقال “العصابة” ومحاكمة أفرادها من رؤساء الحكومات والوزراء والجنرالات وشقيق الرئيس، بالإضافة إلى عديد من رجال المال والمسؤولين؛ مما لفت انتباه الخارج الذي اعتبر الحراك تحركًا استثنائيًّا وفاصلًا بأثر عميق على المسار المستقبلي للجزائر، غير أن اختراقه من طرف جهات “انتهازية” جعله دون روح طرح الأفكار وتقديم البدائل من أجل التغيير، وغلبت عليه صراعات الهوية والأيديولوجيات ومعارك الولاءات والاتهامات بالخيانة والانبطاح.

وتعتقد صبرينة أن الحراك استطاع أن يوقف مسار العهدة الخامسة ويرمي أفراد “العصابة” في السجن؛ لكنه فشل في الانطلاق نحو بناء الجزائر الجديدة، قائلةً: “إن أول الفشل كان مع عدم تمكن الحراك من تقديم مرشحيه أو قادته الذين بإمكانهم قيادة مشروعات التغيير المنشود انطلاقًا من المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وثاني الفشل يتمثل في إغفاله تكوين وتأسيس قوة أو قوى سياسية جديدة بديلة للطبقة السياسية الجامدة (المتهمة بالتواطؤ مع النظام السابق)”.

 فيديو محاكمة رؤساء الحكومات والوزراء والمسؤولين من نظام بوتفليقة

وخلصت صبرينة أيضًا إلى أن الحراك يعاني التآكل الداخلي المدمر من خلال فوضى الشعارات والانقسامات والفرز والصراعات الأيديولوجية والجهوية والعرقية وتصاعد نبرة خطاب الكراهية والتهديد بالتصعيد والتلويح بالعصيان المدني والمواجهة؛ مما يجعل مرحلة ما بعد 12 ديسمبر صعبة ومفتوحة على كل الاحتمالات.

من جانبه، يرى الإعلامي المهتم بالشأن السياسي عز الدين سعيدي، في حديثه إلى “كيوبوست”، أنه بعد الانتخابات “نتطلع إلى مرحلة جديدة من  الحريات والحقوق، وجزائر تسير بوتيرة متسارعة لتصبح دولة ذات بعد اقتصادي وسياسي، لها مكانة بين الدول”، قائلًا: “إن الشرفاء يعملون على تنظيف فساد وممارسات النظام السابق؛ لتوفير ظروف انطلاقة جديدة من تاريخ الجزائر”، مستبعدًا استمرار الحراك بالشكل الذي عرفته الجزائر في 22 فبراير الماضي، وإنما سينحصر في مناطق محددة من البلاد؛ ليتجه نحو التلاشي تدريجيًّا، خصوصًا مع بروز نيَّات حسنة لدى الرئيس الجديد في الاستجابة للمطالب المرفوعة.

اقرأ أيضًا: الجزائريون يدفعون ثمن “فساد” نظام بوتفليقة

وفي ظل التفاؤل الذي يبديه عديد من الأطراف، تتخوف فئة من الشعب والسلطة من انزلاق قد يؤدي إلى الفوضى بعد الدعوات المتصاعدة من منطقة القبائل؛ للاستمرار في التحرك إلى غاية “إسقاط النظام”، وما تبع ذلك من مظاهر العنف اللفظي والجسدي التي عرفها عديد من مكاتب التصويت في الخارج بين المهاجرين الجزائريين.

ويذكر الصحفي عمار قردود، لـ”كيوبوست”، أنه “حسب كثير من المعطيات والمؤشرات، فإن جميع الاحتمالات تبقى قائمة؛ من ضمنها اللجوء إلى العنف بين المؤيدين والرافضين للانتخابات”، مشيرًا إلى أن “الكراهية وروح الانتقام والحقد هي نتاج تراكمات وممارسات النظام البوتفليقي الذي نجح في زرع التفرقة بين أبناء الوطن الواحد؛ من خلال العزف على وتر الجهوية والعنصرية والعرقية”.

وتابع قردود بأنه خلال السنوات العشرين الماضية اندلعت أحداث ما يُعرف بـ”الربيع الأسود” بمنطقة القبائل في 2001، ثم أحداث منطقة غرداية بين العرب والإباضيين في 2015.

وخلُص الصحفي إلى أن الدولة العميقة بقيادة وتأطير وتنظير الجنرال توفيق، رئيس جهاز الاستخبارات، الموجود بالسجن، نجحت في استكمال سياسة الاستعمار الفرنسي المبنية على “فَرِّق تسُد”.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة