الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

الجزائر .. صراع قائد الأركان ورئيس الاستخبارات السابق يهدِّد البلاد

 كيوبوست- الجزائر

تتواصل المعركة في الجزائر بين قائد أركان الجيش قايد صالح، ورئيس جهاز الاستخبارات السابق الجنرال محمد مدين المدعو توفيق، والتي يعود تاريخ اندلاعها إلى سنة 2014؛ حيث كانت سرية حتى بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير، إلى أن خرجت للعلن عبر تبادل اتهامات وصلت إلى حد التهديد؛ ما دفع الشعب الجزائري إلى إبداء التخوُّف من انتقال المعركة بين الرجلَين إلى الشارع، وما يتبع ذلك من فوضى وعنف قد يعيدان الجزائر إلى سنوات التسعينيات.

قائد الأركان يهدد رئيس الاستخبارات السابق للمرة الثانية

جدَّد قائد أركان الجيش الجزائري اتهاماته ضد الجنرال المتقاعد محمد مدين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات، الذي يعتبر واحدًا من أكثر الشخصيات نفوذًا في الجزائر، قائلًا: “إن مصالح الجيش توصلت إلى معلومات مؤكدة حول التخطيط الخبيث للوصول بالبلاد إلى حالة الانسداد، والذي تعود بوادره إلى سنة 2015؛ حيث تم كشف خيوط هذه المؤامرة وخلفياتها” (تمت إقالة الجنرال محمد مدين في 2015). وأوضح قايد صالح “نعمل بكل هدوء وصبر على تفكيك الألغام التي زرعها أولئك الفاسدون المفسدون في مختلف القطاعات والهياكل الحيوية للدولة، وسيتم تطهير هذه القطاعات بفضل تضافر جهود الخَيِّرِين كافة، ثم بفضل وعي الشعب الجزائري الغيور على وطنه، وجاهزية أبنائه وإخوانه في الجيش الوطني الشعبي المرابطين على ثغور الوطن” (في إشارة إلى رجالات رئيس الاستخبارات السابق الذين وضعهم في مختلف القطاعات والهياكل)، قائلًا: “إن البلاد طالما كانت مستهدفة وعُرضة للمؤامرات الدنيئة؛ لزعزعة استقرارها وتهديد أمنها، جراء مواقفها الثابتة وقرارها السيد الرافض لكل الإملاءات” (الحديث موجه بشكل خاص إلى فرنسا التي على علاقة قوية بالجنرال المدعو توفيق).  

اقرأ أيضًا: المادة 102 .. كلمة سر انقسام الشارع الجزائري

ويرى متابعون أن قايد صالح يتربص برئيس جهاز المخابرات السابق؛ حيث يعتبر هذا الإنذار الثاني من نوعه بعد التحذير الأول، قائلًا: “تطرقت في مداخلتي يوم 30 مارس 2019 إلى الاجتماعات المشبوهة التي تُعقد في الخفاء؛ من أجل التآمر على مطالب الشعب، ومن أجل عرقلة مساعي الجيش ومقترحاته لحل الأزمة، إلا أن بعض الأطراف؛ وفي مقدمتها رئيس دائرة الاستعلام والأمن السابق، خرجت تحاول عبثًا نفي وجودها في هذه الاجتماعات ومغالطة الرأي العام، رغم وجود أدلة قطعية تثبت هذه الوقائع المغرضة، وقد أكدنا يومها أننا سنكشف عن الحقيقة، وهاهم لا يزالون ينشطون ضد إرادة الشعب ويعملون على تأجيج الوضع، والاتصال بجهات مشبوهة والتحريض على عرقلة مساعي الخروج من الأزمة، وعليه أوجِّه إلى هذا الشخص آخر إنذار، وفي حالة استمراره في هذه التصرفات، ستتخذ ضده إجراءات قانونية صارمة”.

“الرجل اللغز” يواصل التحرك.. وحديث عن محاولته الانقلاب على قايد صالح

وعلى الرغم من أن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وبصفته وزير الدفاع، أقال الجنرال محمد مدين، المعروف بـ”الرجل اللغز”، من منصبه في سبتمبر 2015؛ بسبب وقوفه ضد العهدة الرابعة للرئيس في 2014، فإن الرجل بقي يعمل في الظل، ممسكًا بكثير من الملفات الحساسة في البلاد، من السياسة حتى الاقتصاد، مرورًا بالأمن، وهو الذي بقي على رأس جهاز الاستخبارات 25 سنة.

وحسب الدبلوماسي الجزائري المعارض، المقيم في بريطانيا، العربي زيتوت، فإن جناح رئيس المخابرات السابق الجنرال محمد مدين، بصدد الإعداد للانقلاب، قائلًا في تسجيل فيديو: “إن حديث قايد صالح عن الجنرال توفيق لا يعني الشعب الجزائري؛ فالجنرال توفيق هو بصدد الانقلاب على قايد صالح، وقد ينجح؛ لذلك فإذا لم ينقذ قايد صالح نفسه، فإنه سيذهب، ولن يبكي عليه الشعب أبدًا”، على حد تعبيره.

اقرأ أيضًا: خطر “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” يهدد الجزائر بالعودة للخلف

 قايد صالح يُقَلِّم أظافر توفيق.. واقتراب موعد محاكمته

وفي إطار المعركة الدائرة بين الرجلَين، تم اعتقال عدد من أغنياء الجزائر؛ لعلاقتهم بالجنرال توفيق وشقيق الرئيس سعيد بوتفليقة؛ بالإضافة إلى حبس جنرال متقاعد ووضع آخر تحت الرقابة، وكلاهما على خصومة مع قايد صالح؛ حيث تندرج المتابعات ضمن سياسة تقليم أظافر رئيس جهاز الاستخبارات السابق، ومحاصرته والتضييق عليه، خصوصًا بعد سحب السلطات العسكرية رجال الأمن المكلفين بحراسته، واسترجاع السيارة المصفحة التي يستعملها.

وقال الخبير الأمني الجزائري، فاتح بن محمد، في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”: “إن الأمور تتجه نحو بدء ملاحقة رئيس الاستخبارات السابق، الجنرال محمد مدين، بعد أن وفَّر قائد الأركان الظروف المناسبة لذلك”، مضيفًا أن التهديدات التي أطلقها ضده قايد صالح، وتحرك القضاء العسكري لاعتقال مسؤولين عسكريين، بالإضافة إلى المتابعات المتواصلة ضد رجال توفيق وسعيد بوتفليقة، كلها تصب في اتجاه جرّ الجنرال محمد مدين إلى القضاء العسكري، بتهم الفساد ومحاولات زعزعة استقرار البلاد.

وقد هاجم قضاة جزائريون الجنرال توفيق، واتهموه بأدوار مشبوهة، واصفين إياه في بيان بـ”الشخص الشبح الذي يجيد لغة العفاريت والتماسيح”، الذي لا يريده سوى حراس المعبد الوهمي، والذين يسعون لإثارة المخاوف وربط البلاد بأجندات خارجية، وبأن أمثال هؤلاء لا يهمهم من الجزائر سوى مصالحهم الضيقة، وقد أصبحوا من الماضي، وطالبوا بمحاكمة الجنرال توفيق وأتباعه من كبار المسؤولين السابقين والحاليين، باعتبارهم في نظر القانون مواطنين عاديين، لا يتمتعون بأي امتياز للتقاضي.

توفيق متهم بالخيانة.. وتوعُّد قائد الأركان جدِّي

وكان قائد الأركان قد هدَّد بملاحقة الجنرال محمد مدين، أمام القضاء، بعد أن اتهمه بعقد اجتماعات مشبوهة في الخفاء، تهدف إلى التآمر على مطالب الشعب، ومن أجل عرقلة مساعي الجيش ومقترحاته لحل الأزمة، والعمل على تأجيج الوضع بمشاركة جهات مشبوهة، و”عليه أوجه لهذا الشخص آخر إنذار، وفي حالة استمراره في هذه التصرفات، ستتخذ ضده إجراءات قانونية صارمة”، وهي التصريحات التي أخرجت الحرب بين الرجلَين إلى العلن، بعد أن رد رئيس جهاز الاستخبارات السابق على الاتهامات، نافيًا تورطه في عقد اجتماعات مشبوهة مع قادة أحزاب موالية للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، وجهات فرنسية؛ ليرد أيضًا قائد الأركان بالقول: “إن بعض الأطراف وفي مقدمتها رئيس دائرة الاستعلام والأمن السابق، خرجت تحاول عبثًا نفي وجودها في هذه الاجتماعات، ومغالطة الرأي العام، رغم وجود أدلة قطعية تثبت هذه الوقائع المغرضة”.

ويعتبر المحلل السياسي عبد الكريم بوخاري، في تصريح أدلى به إلى “إندبندنت عربية”، أن تهديدات قايد صالح، جدِّية، بالنظر إلى ما قام به من قبل؛ حين أودع الجنرال حسين بن حديد، قائد الفرقة المدرعة الثامنة، السجن؛ بسبب انتقادات وجهها إلى قائد الأركان بشكل علني، وفعل الأمر نفسه مع الجنرال عبد القادر آيت وأعرابي، أبرز الضباط المشرفين على وحدات محاربة الإرهاب، حين دفع به إلى السجن خمس سنوات بتهمة عدم احترام التعليمات العسكرية، ثم أقال قادة ثلاث نواحٍ عسكرية، والقائد السابق للدرك، ومدير المالية في وزارة الدفاع، ومثُل الخمسة أمام القضاء العسكري بتهمة الرشوة والفساد المالي.

وتابع بوخاري بأن ما يقوم به قائد الأركان قايد صالح، في حربه ضد رئيس الاستخبارات السابق، الجنرال توفيق، وإعلانه في كل مرة وقوفه مع الحراك الشعبي، وتمسكه بالإطار الدستوري، إنما يهدف إلى توفير الحصانة لنفسه ولو مؤقتًا من غضب الشارع.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة