الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

الجزائر.. خلفيات تصنيف حركتي “رشاد” و”الماك” على قائمة الإرهاب

حركتان إحداهما إسلامية والثانية انفصالية تنسقان جهودهما لزعزعة استقرار الجزائر

الجزائر- علي ياحي

بات تيار الإخوان يسبب صداعاً للشعب والسلطة في الجزائر، بعد أن تحول إلى تهديدٍ للأمن والاستقرار بوضع يده في يد الانفصال؛ الأمر الذي دفع السلطات إلى التعامل مع الوضع بشكل أكثر حزماً.

وأعلنت الرئاسة الجزائرية، في بيانٍ عقب اجتماع المجلس الأعلى للأمن، ترأسه الرئيس عبدالمجيد تبون، أنه تقرر إدراج حركتَي “استقلال منطقة القبائل” المعروفة بـ”الماك”، و”رشاد” الإسلامية، الناشطتَين في الخارج، على قائمة “المنظمات الإرهابية، والتعامل معهما بهذه الصفة”، وعللتِ القرار بـ”الأفعال العدائية والتحريضية المرتكبة من قِبل الحركتَين، التي ترمي إلى زعزعة استقرار البلاد والمساس بأمنها”.

اقرأ أيضاً: إخوان الجزائر يتسلقون على حملة التضامن الشعبية مع فلسطين

وتعتبر السلطات حركة “رشاد” أنها “ذات مرجعية قريبة من الإرهاب”؛ بسبب أن أبرز مؤسسيها والناشطين فيها هم من القيادات السابقة في “جبهة الإنقاذ” المحظورة وأنصارها، كمنسقها العام مراد دهينة، المطلوب للقضاء بتهم الإرهاب، والمحكوم عليه غيابياً بـ20 سنة، بالإضافة إلى المدعو العربي زيتوت، وغيرهما من الداعمين المقيمين في عواصم غربية؛ كفرنسا وبريطانيا وسويسرا وألمانيا.

رابح لونيسي

في السياق ذاته، يرى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر رابح لونيسي، في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”، أن هناك تواطؤاً واضحاً بين طرفَين في الجزائر، قد سبق للمجلس الأعلى للأمن أن تحدث عنهما؛ وهما: الانفصاليون، وجماعة قريبة من الفكر الإرهابي، وقال إن هذين الطرفين يخططان معاً لدفع الجزائر نحو الفوضى عبر التحريض ونشر الكراهية بين الجزائريين، وتشويه منطقة القبائل، وذلك من خلال حربٍ إلكترونية، مشيراً إلى أن “الماك” دخلت مرحلة جديدة تتمثل في جرِّ قوات الأمن إلى ما لا يحمد عقباه، ثم المتاجرة بذلك، وهو نفس الأسلوب الذي تستخدمه “رشاد” عبر ما تسميه “الاشتباك السلمي”؛ لدفع قوات الأمن إلى الخطأ وفقدان الأعصاب، وهو ما يدل على التنسيق بين الطرفَين لزعزعة استقرار الجزائر، وواصل بأن كل ذلك مرتبط بأجنداتٍ دولية تستهدف البلاد في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية معقدة ضخَّمها وباء “كورونا”.

اقرأ أيضاً: محاكمة باحث متصوف في الجزائر تعيد إلى الواجهة الصراع بين الإخوان والعلمانيين

مواجهة الإسلام السياسي

الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، يقول إن وضع حركة “رشاد” على قوائم الإرهاب في الجزائر هو جزء من توجه عربي لمواجهة جماعات الإسلام السياسي، وتنظيمات العنف والتطرف، مضيفاً أن الجزائر من أهم الدول التي تحمل رؤية استراتيجية في مواجهة التنظيمات المتطرفة، ولذلك اختارت الوقت المناسب لوضع حركة “رشاد” على قوائم الإرهاب، وأكد أن هذه الحركة تعد الوريث الشرعي لحزب “جبهة الإنقاذ”، وكانت تلقى دعماً وتأييداً من داخل الجزائر وخارجها، وبالتالي احتاج الأمر إلى مواجهة كل الحواضن التي كانت تدعمها في البدء وقطع خطوط الإمداد عنها؛ خصوصاً أن أجهزة الاستخبارات الجزائرية نجحت في التقاط اجتماعاتٍ تمت بالخارج مع أجهزة استخبارات دولٍ أجنبية، كانت تدعم توجهاً مسلحاً للحركة في الداخل.

منير أديب

وأوضح أديب أن وضع حركة “رشاد” على قوائم الإرهاب سوف يحاصر جماعات الإسلام السياسي في المنطقة العربية، ويزيد الخناق على جماعة الإخوان المسلمين التي تسلح أعضاءها في الخارج، وتدفعهم لتنفيذ أعمال مسلحة في بلدانهم، وختم بأن الخطوة من شأنها تقويض فرص توغل جماعات العنف والتطرف في منطقة المغرب العربي.

من جانبها، تعتقد أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية؛ نجوى عابر، في تصريحٍ أدلت به إلى “كيوبوست”، أن التصعيد المتعمد من طرف حركة “الماك” الانفصالية، جاء في سياق التجاذبات الدائرة بين الجزائر وفرنسا؛ حيث ظهر التحول الجزائري بشكلٍ لافت عن الموقف الفرنسي الذي اتسم بالضعف والتراجع عموماً، خصوصاً في ظلِّ تنامي الدعوات الداخلية لتجريم الاستعمار، وكذا التخلص من الشركات الفرنسية التي كانت غطاءً لتحويل المال العام، وقالت “يبدو أن فشل السفير الفرنسي في حثّ الأطراف السياسية على دعم مواقف بلاده أدى إلى تحريك الشارع وحركة “الماك” خصوصاً كورقة ضغط وابتزاز.

نجوى عابر

وأوضحت عابر أن استجابة السلطة للمطالبات الشعبية بتصنيف حركة “الماك” حركة إرهابية، تبقى مرتبطة بعدة متغيرات وتوازنات قد تؤدي في النهاية إلى اتخاذ قرار واضح بشأن هذه الحركات، والتي تشكل تهديداً حقيقياً على الأمن القومي، والوحدة الترابية، وإن كانت سياسة الاحتواء والتفكيك أكثر ملاءمة من الأدوات الصلبة.

ملاحقة دولية

ولم يدم الانتظار كثيراً حتى تحركت بريطانيا التي باشرت تحقيقات حول الأموال المشبوهة التي يتلقاها أحد أبرز الشخصيات المطلوبة لدى العدالة الجزائرية، محمد العربي زيتوت، القيادي بحركة “رشاد” والمقيم في بريطانيا منذ 25 سنة، بعد حصوله على اللجوء السياسي، وبعنوان “الشرطة البريطانية تحقق في الأعمال القذرة للسارق زيتوت”، كشف موقع “أفريكان أنفو” الفرنسي، عن أن الأمن البريطاني فتح التحقيق مع المدعو زيتوت، بتهم تبييض الأموال وتهريب أموال شركات متعددة ووهمية خارج بريطانيا بطرق غير قانونية، وأشار إلى أن المتهم “فر” إلى سويسرا؛ حيث يوجد مقر حركة “رشاد”، وأكدت أن لجوءه إلى سويسرا لن يجنبه المتابعات الأمنية والقضائية البريطانية.

اقرأ أيضاً: تهافت الإخوان على انتخابات البرلمان في الجزائر يكشف عن استغلال سياسي

محمد دلومي

يقول الإعلامي المهتم بالشأن السياسي محمد دلومي، في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”: إن تصنيف حركتَي “الماك” و”رشاد” كتنظيماتٍ إرهابية جاء ليضع النقاط فوق الحروف بعد سنواتٍ من التردد، و”لا نبالغ إذا قُلنا إن هذا التصنيف تأخر كثيراً في ظل النشاطات المشبوهة لهذين التنظيمَين”، مضيفاً أن من أخطر ما تم الكشف عنه من بعض المصادر، هو وجود عناصر من حركة “الماك” العنصرية والإرهابية داخل قواعد عسكرية فرنسية في تشاد؛ ما يؤكد تورط فرنسا في دعم هذه الحركة لزعزعة استقرار الجزائر، وقال إن ما تقوم به حركتا “الماك” و”رشاد” من تحريض ضد الدولة الجزائرية يدخل في خانة الإرهاب، بعدما استطاعتا اختراق الحراك؛ بل صار لهما مخابر لإنتاج الشعارات ضد مؤسسات الدولة، والتحريض حتى ضد المؤسسة العسكرية وفروعها.

وواصل دلومي بأنه يكفي متابعة بسيطة لما تبثه قيادات هذه الحركات المشبوهة من سموم تحشو بها رؤوس الشباب وتشكيك في كل القرارات، حتى يدرك المراقب العادي أن هدف الحركتين هو تفجير الوضع داخل البلاد، وختم بأن تصنيفهما ضمن الحركات الإرهابية كان قراراً صائباً، في انتظار كشف الدعم المالي والمادي الذي تتلقاه “رشاد” و”الماك” من جهات أجنبية هي نفسها مَن كانت تمول الإرهاب في تسعينيات القرن الماضي.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

علي ياحي

كاتب صحفي جزائري

مقالات ذات صلة