الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
الجرائم والمضايقات العنصرية ضد الآسيويين ترتفع إلى مستوى قياسي خلال جائحة “كوفيد-19”

كيوبوست- ترجمات
جاويد كليم- كورتيس لي- ميليسا اتحاد
كانت كيوي وونغ بينغ متوقفة عند إشارة ضوئية حمراء في ضواحي كليفلاند، عندما أوقف رجل سيارته بالقرب من سيارتها، وأشار إليها أن تخفض نافذتها. عندها صرخ في وجهها: “اخرجي من بلادي.. هذا أمر”. وبعد برهة أضاف: “سأقتلك”. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها إلى مضايقة من أحد العنصريين؛ ولكن في السابق لم تكن بهذه الصراحة والعنف حتى أبريل الماضي، حيث بدأ الإغلاق يعم المدن خلال جائحة “كوفيد-19”. وهي تعتقد أن هذا الرجل قد التبس عليه، وظن أنها من الصين ويلومها بسبب الفيروس الذي نشأ في مدينة ووهان الصينية. هاجرت عائلة وونغ بينغ إلى الولايات المتحدة قبل 20 سنة من تايلاند؛ وهي الآن تدير مطعماً للمأكولات التايلاندية، وتبلغ من العمر 34 سنة، تقول: “لقد شعرت بالخوف على نفسي وعلى مجتمعي؛ بل وعلى جميع الآسيويين في هذه الدولة”.
اقرأ أيضاً: كيف يتم استغلال “كوفيد-19” لنشر الكراهية وتحقيق مكاسب سياسية؟
تؤكد البيانات شعورها بازدياد الكراهية؛ حيث وجدت دراسة قام بها (مركز دراسات التطرف والكراهية) في سانت برناردينو في كاليفورنيا، من خلال بيانات دوائر الشرطة في 16 مدينة رئيسية في أمريكا، أن عدد جرائم الكراهية ضد الآسيويين وصل إلى 122 جريمة خلال العام الماضي؛ وهي زيادة بنسبة 149% عن عدد الجرائم في عام 2019 البالغ عددها 49 جريمة. وقد تزايد عدد الجرائم في 15 مدينة من المدن الست عشرة، وكان الارتفاع الأوضح في كل من نيويورك ولوس أنجلوس وسياتل وسان هوزيه، فبلغ مجموع الجرائم عدداً هو الأعلى منذ خمس سنوات على الأقل.
وتعرضت المطاعم الصينية والكورية إلى التخريب والانتهاك بعبارات وصور نمطية مناهضة للآسيويين، كتب أحدهم على أحد مطاعم النودلز في نيويورك عبارة “توقفوا عن أكل الكلاب”، كما تعرض المسنون إلى الدفع في الطرقات في وضح النهار، وحدث اعتداء بالسكين على أحد اللاجئين البورميين وعلى أطفاله. ارتفع عدد جرائم الكراهية ضد الآسيويين، بينما انخفضت جرائم الكراهية ضد جميع الأقليات الأخرى بنسبة 7% من 1845 إلى 1717 جريمة.
اقرأ أيضاً: جائحة كورونا.. ماذا نتعلم من دروس الوحدة والألم؟

وصف برايان ليفين؛ مدير مركز الدراسات في ولاية كاليفورنيا، ازديادَ الكراهية بأنه “ذو دلالة تاريخية بالنسبة إلى أمتنا والمجتمع الأمريكي من أصول آسيوية”. إن استطلاعات الرأي والعبارات الساخرة عبر الإنترنت والمضايقات وبيانات الجرائم، تظهر زيادة وانتشاراً كبيراً للسلوك المعادي تجاه الأمريكيين من الأصول الآسيوية. من المؤكد أن هذه الزيادة مرتبطة بشكل مباشر بالوباء الذي نشأ في الصين، وأثار مخاوف أكبر تجاه التهديد الذي يشكله النمو الاقتصادي والسياسي الصيني للولايات المتحدة.
اعتاد الرئيس ترامب تسميته بـ”فيروس ووهان”، وسخر من منتقديه الذين تخوفوا من تحريك مشاعر الكراهية ضد الآسيويين، فوصفهم بأنهم يحاولون أن يكونوا “لائقين سياسياً”. وقد وجدت إحصائية قام بها مركز بيو للدراسات أن الآراء السلبية تجاه الصين في الولايات المتحدة وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ 20 عاماً. والكثير من الحوادث في نيويورك، وعبر البلاد في عام 2020، حدثت خلال الأيام الأولى من ظهور الجائحة، عندما كانت المخاوف في أوجها.
ففي فبراير الماضي، قام رجل بركل وضرب امرأة أمريكية من أصول آسيوية ترتدي كمامة في محطة المترو في مانهاتن، واصفاً إياها بالموبوءة. وفي مارس، وبينما كان رجل من أصول آسيوية يتمشى مع طفله ذي السنوات العشر، قام رجل غريب بملاحقته وضربه على رأسه؛ لأنه لم يكن يرتدي كمامة. وفي أبريل تعرضت أمريكية من أصول آسيوية إلى الضرب في الباص في برونكس؛ حيث قامت امرأة وثلاث مراهقات بضربها بمظلة، متهمات إياها بأنها هي السبب في ظهور الجائحة.
اقرأ أيضاً: تفشِّي “كورونا” يرافقه صعود في كراهية الأجانب والعنصرية ضد الآسيويين
يقول الناشط الاجتماعي في بروكلين دون لي: “لا شك في أن جميع الآسيويين يشعرون بالتهديد؛ لأن الاعتداءات والمضايقات قد ازدادت حتماً”.
يقدم مكتب التحقيقات الفيدرالي البيانات الأكثر شمولية حول جرائم الكراهية، التي يعرفها بأنها اعتداءات ضد “شخص أو أملاك سببها بشكل كامل أو جزئي تحيز المعتدي ضد عرق، أو دين أو إعاقة أو الميول الجنسية أو الإثنية أو الجنس أو الهوية الجنسية”. ويعتمد مكتب التحقيقات الفيدرالي على المعلومات التي تقدمها طوعاً مؤسسات تنفيذ القانون، وهو لن ينشر إحصاءات عام 2020 حتى شهر نوفمبر كما هو متوقع؛ ولكن جميع المؤشرات تدل على أن معدلات جرائم الكراهية ضد الآسيويين ستصل إلى مستوياتٍ قياسية.

إن كل ما نعرفه حالياً عن الموضوع يأتينا من المعلومات التي نشرتها دوائر الشرطة، ويقول ليفين إن أسوأ جرائم الكراهية ضد الآسيويين حدثت في المدن الصغيرة؛ بما فيها الاعتداء الذي حدث على الرجل البورمي وطفلَيه. وفي مارس الماضي، بينما كان باوي كونغ، البالغ 34 من العمر، يتسوق في متجر سامز كلوب في ميدلاند- تكساس، التقط أحدهم سكيناً من أحد الرفوف، وطعنه في وجهه، كما طعن ابنه البالغ 3 سنوات في ظهره، وابنه الآخر ذا السنوات الست في وجهه، إلى أن تدخل أحد الموظفين في المتجر فأمسك المتهم المدعو خوسي غوميز، البالغ 19 سنة، الذي يخضع الآن للمحاكمة بتهمة ارتكابه جريمة كراهية ومحاولة قتل.
اقرأ أيضاً: كراهية الأجانب أم “رهاب الفيروسات“؟
تقول لورا نودولف، المدعية العامة في ميدلاند، إن “غوميز قد أقر واعترف بأنه كان يحاول أن يقتل العائلة، وأنه ظن أنهم قد أحضروا الفيروس إلى هنا ويحاولون نشره، وأن جميع الآسيويين هم من الصين؟”، وتضيف نودولف: “إن معظم الناس يظنون أن جرائم الكراهية يقوم بها متطرفون بيض ضد الأمريكيين من أصول إفريقية؛ ولكن الذي يحصل الآن هو ديناميكية جديدة بالكامل”. إن بيانات دوائر الشرطة لا تشمل المضايقات التي أصبحت شائعة جداً؛ حيث إنها لا تعتبر عملاً إجرامياً.
سجل مرصد “أوقفوا الكراهية ضد الآسيويين”، الذي تدعمه مجموعات الدفاع عن الأمريكيين من أصول آسيوية، 1990 حالة مضايقة ضد الآسيويين و246 حادثة اعتداء خلال 10 أشهر من إطلاق هذا المرصد في مارس 2020. تقول منجوشا كلكارني؛ إحدى مؤسسي هذا المرصد والمديرة التنفيذية للمجلس الآسيوي الباسيفيكي للتخطيط والسياسة، إن تعليقات ترامب حول فيروس كورونا تتحمل جزءاً من الملامة. تقول منجوشا: “وجدنا في الإحصاءات الأخيرة أن المعتدين في ربع الحالات التي رصدناها استعملوا لغةً مشابهة للغة ترامب؛ مثل: فيروس ووهان، والفيروس الصيني، وعودوا إلى بلادكم”. أما الضحايا الذين سجلهم المرصد فكانوا من الأمريكيين من أصول صينية بنسبة 40%، والأمريكيين من أصول كورية بنسبة 15%. وتضيف منجوشا: “أقوال الضحايا تدل على أن المعتدين استهدفوا مَن اعتقدوا أنهم من أصول صينية. (كوفيد-19) لم ينشأ في كوريا؛ ولكنّ المتطرفين العنصريين لا يتمتعون بالدقة دائماً”.

تقول ماري كوب، البالغة من العمر 26 سنة، وتعمل في مخبر علم الوراثة والمناعة في جامعة شيكاغو، إن الفزع قد أصابها عندما تعرضت إلى الكراهية؛ فوالدتها أمريكية من أصول يابانية، ووالدها أمريكي أبيض، ويعاملها البعض على هذا الأساس. ففي يناير عندما كانت تملأ كوبها في مطعم تاكو بيل، اقترب منها رجل وصرخ: “لقد لمست الآسيوية هذا الصنبور، أوقفوها هي من تسبب في كل هذا”. من الواضح أنه كان يقصد جائحة “كوفيد-19”.
اقرأ أيضاً: جائحة فيروس كورونا ستغير النظام العالمي إلى الأبد
قامت ماري كوب بنشر قصتها على موقع “إنستغرام”، ثم ظهرت هذه القصة على موقع stnadingagainsthatred.org المتخصص الذي أطلقته مؤخراً مجموعة “آسيويون أمريكيون للمطالبة بالعدالة”. وتقول: “لقد حذرتني أمي منذ طفولتي بأن مثل هذه المضايقات قد تحدث؛ ولكن أصولي البيضاء قد حمتني من التعرض إلى الكثير منه”. وتضيف: “في زمنٍ كثرت فيه مناهضة العنصرية يجب ألا ينحصر الاهتمام بمجتمعات السود واللاتينية فقط؛ هنالك عدد متزايد من المهتمين بالأنشطة المناهضة للعنصرية، وهذا أمر رائع؛ ولكن يجب أن يشمل هذا الاهتمام الآسيويين أيضاً”.
جاويد كليم: مراسل محلي لصحيفة “لوس أنجلس تايمز”، وقبل انضمامه إليها كان المراسل الأول للشؤون الدينية لصحيفة “هاف بوست”، ومراسل الشؤون الدينية والاجتماعية في “ميامي هيرالد”.
كورتيس لي: مراسل محلي لصحيفة “لوس أنجلس تايمز”. يكتب مقالات إخبارية وروايات حول موضوعات متعددة؛ مثل العرق والعدالة الجنائية، والهجرة وعدم المساواة في الدخل.
ميليسا اتحاد: صحفية أمريكية إيرانية تكتب عن القضايا الوطنية والدولية، تحمل درجة الماجستير في الصحافة من جامعة كولومبيا، وشهادة البكالوريوس في الشؤون الدولية من جامعة كاليفورنيا في ساندييغو.