الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

التنافس على الإسلام في البلقان بين السعودية وتركيا وإيران

كيوبوست- ترجمات

تشتهر البلقان بتنوعها العرقي والديني؛ نتيجة للإرث الإمبراطوري والموقع الجغرافي للمنطقة، ويلعب الدين دوراً مركزياً في المجتمع والسياسة. ووفقاً لدراسة أُجريت في عام 2018، عرَّف نحو 60٪ من الذين شملهم الاستطلاع في البلقان أنفسهم على أنهم متدينون، مع وصول هذه النسبة إلى 80٪ في كوسوفو ومقدونيا الشمالية. ويُقارن ذلك بـ30- 40٪ في القارة الأوروبية، باستثناء إيطاليا.

حُرمت المجتمعات المسلمة في البلقان، منذ فترة طويلة، من السلطة السياسية والاقتصادية، واستُهدفت من قِبل الدول ذات الأغلبية المسلمة التي تتنافس على القيادة، وكانت تركيا والسعودية وإيران المنافسين الرئيسيين في هذا السباق الإقليمي.

اقرأ أيضًا: روسيا تلعب بالنار في البلقان كيف تهدد لعبة بوتين أوروبا؟

تختلف هذه البلدان الثلاثة اختلافاً كبيراً من حيث البصمة التاريخية والحضور الاقتصادي والسياسي والشبكات المحلية؛ لكن ما يتشاركونه هو استخدام الإسلام لممارسة القوة الناعمة، من خلال القنوات الرسمية وغير الرسمية.

قال ميخائيل إيفانوف، مستشار شؤون الأقليات للرئيس البلغاري السابق زيليو زيليف: “لقد دعونا تركيا إلى بلدنا في التسعينيات؛ لكي يقدموا خدمات للمسلمين في بلدنا. اعتقدنا أنه يمكننا منع الحركات الوهابية والسلفية بهذه الطريقة؛ لكن بدءاً من أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كنا نكافح ضد الإسلام السياسي القادم من تركيا”.

في التسعينيات، بعد دعوة من حكومات البلقان، دخلت تركيا المنطقة مدعومةً بالإرث العثماني المشترك والاستفادة من نهاية الحرب الباردة. افتتحت مديرية الشؤون الدينية التركية “ديانت”، مكاتب في بلغاريا وألبانيا ومقدونيا الشمالية. كما بدأت في بناء المساجد وأرسلت رجال دين ومدربي أئمة إلى دول رئيسية؛ مثل البوسنة والهرسك وصربيا وكوسوفو. وهكذا استعادت تركيا بعض النفوذ في منطقة انسحبت منها مع انهيار الإمبراطورية العثمانية في أوائل القرن العشرين.

مركز “ديانت”

صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002 أحدث تغييرات؛ حيث قدم برنامجاً قائماً على مبادئ الاتحاد الأوروبي والسوق الحرة، ينقل رسالة مفادها أن الإسلام والديمقراطية متوافقان تماماً. على الرغم من هذه البداية الواعدة، فإن التحول الاستبدادي اللاحق لزعيم حزب العدالة والتنمية، رجب طيب أردوغان، لا سيما بعد عام 2016، وضع الإسلام في قلب السياسة التركية.

كان هذا بسبب رغبة أردوغان في استخدام نفوذه في البلقان وبين مسلميها في السياسة الداخلية. وكسب النفوذ الذي لم يكن قادراً على تأسيسه بشكل مباشر. كما واجهت تركيا منافسة من المملكة العربية السعودية، وبدرجة أقل، إيران.

اقرأ أيضًا: كيفية التعامل مع المقاتلين الإرهابيين الأجانب العائدين إلى البلقان

سعت هاتان الدولتان أيضاً إلى إبراز نفوذهما في المنطقة من خلال الروابط الدينية والثقافية.

على الرغم من أن اهتمام المملكة العربية السعودية بمنطقة البلقان قد ازداد مؤخراً؛ فإنها بدأت في الانخراط في المنطقة في أعقاب الحرب الباردة مباشرةً.

أصبحت المملكة مهمة لمسلمي البلقان بسبب الحج؛ خصوصاً عندما بدأ الطلاب ورجال الدين في السفر إليها في منتصف التسعينيات وأقاموا صلة قوية. وهذا ما دفع تركيا إلى اتخاذ موقف أكثر تنافسية؛ حيث اعتبرت جنوب شرق أوروبا أرضها الخاصة.

كما وسعت المملكة العربية السعودية من وجودها وحظيت بالاحترام بين المسلمين؛ بسبب المساعدة التي قدمتها خلال حرب البوسنة. ثم ابتداء من التسعينيات، بدأ السعوديون في الترويج لنسختهم من الإسلام. على الرغم من أن الإسلام الصوفي أكثر بروزاً في البلقان؛ فإن النظام الملكي في الخليج وقراءته المتشددة للدين قد حقق بعض النجاحات، خصوصاً بين الشباب.

تتمتع تركيا بنفوذ كبير في البلقان – وكالات

في عامَي 2015 و2016، في وقت قريب من الهجمات الإرهابية في باريس، كان هناك نقاش في البوسنة بشأن “إعادة دمج” الوهابيين، الذين يعيشون منفصلين، غالباً، في المجتمع الإسلامي السائد، كما هي الحال مع أنشطة تركيا في المنطقة.

تعتبر إيران من الدول المتأخرة نسبياً في البلقان وليس لديها الروابط التاريخية ولا الوجود الاقتصادي الذي تتمتع به تركيا. حقيقة أن الغالبية العظمى من مسلمي البلقان من السُّنة (من المذهب الحنفي السائد في تركيا) يحد أيضاً من جاذبية الإسلام الشيعي في طهران.

اقرأ أيضًا: الإخوان في البلقان

ترفض إيران بشدة الاعتراف باستقلال كوسوفو. بالإضافة إلى ذلك، وكإيماءة إلى حكومة الولايات المتحدة، قبلت تيرانا في عام 2013 استضافة “مجاهدي خلق”؛ وهي جماعة مقاومة إيرانية مثيرة للجدل تعارض الحكومة في طهران.

اعتبرت طهران منظمة مجاهدي خلق وكلاء للولايات المتحدة، وجزءاً من خطة لتغيير النظام في إيران طرحها أعضاء من فريق ترامب. وهكذا أصبحت ألبانيا ساحة في المواجهة بين الغرب وإيران، بالإضافة إلى السباق الثلاثي بين تركيا والسعودية والجمهورية الإسلامية؛ للتأثير على مسلمي المنطقة.

المصدر: ميدل إيست إنستيتيوت

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة