الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

التصعيد في غزة.. هل من دور لإيران في افتعال الأزمة؟

حالة الانقسام التي تشهدها الفصائل المسلحة في غزة تفسر الاختراق الأمني الذي أسفر عن اغتيال قيادات بارزة في القطاع

كيوبوست

تتصاعد حدة التوتر في قطاع غزة منذ أن استهدفت إسرائيل عدداً من قيادات حركة الجهاد الإسلامي؛ وهي الفصيل المسلح الأقرب إلى إيران في القطاع، لدرجة وصلت إلى توجيه الأوامر للحركة من قلب طهران، والتي كان يوجد فيها الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” زياد النخالة؛ وهي ليست المرة الأولى التي يتردد فيها قادة الحركة على العاصمة الإيرانية، والتي تعد أحد أبرز الداعمين لها في الإقليم.

وتبدو الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة قد دخلت مرحلة انقسامات وانشقاقات لا رجعة فيها؛ وهو ما يفسر -حسب المراقبين- الاختراق الأمني الذي أسفر عن استهداف دقيق لقيادات الجهاد الإسلامي؛ بعد أن تواردت إلى مسامع تل أبيب معلومات عن هجوم وشيك؛ يستهدف مناطق في قلب إسرائيل.

اقرأ أيضًا: “بدنا نعيش”.. رغيف الخبز يدفع الشباب إلى الشارع في غزة

وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، أدى إجمالي الغارات، منذ الجمعة، إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف الفلسطينيين، وتدمير ممتلكات، وأعلنت وصول عدد القتلى الفلسطينيين إلى أكثر من 24؛ من بينهم 6 أطفال وسيدة ومسنة، و203 مصابين بجروح متفرقة؛ وهي معلومات شككت في صحتها السلطات الإسرائيلية، لافتةً إلى أن معظم هؤلاء الضحايا سقطوا جراء فشل إطلاق بعض الصواريخ التابعة للفصائل المسلحة باتجاه الأراضي الإسرائيلية.

من جهتها، شددت دولة الإمارات العربية المتحدة على ضرورة عودة الهدوء إلى قطاع غزة، وخفض التصعيد والحفاظ على أرواح المدنيين.

وقالت عفراء محش الهاملي، مديرة إدارة الاتصال الاستراتيجي بوزارة الخارجية والتعاون الدولي، إن دولة الإمارات تدعو إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس؛ لتجنب الانجرار إلى مستويات جديدة من العنف وعدم الاستقرار، حسب ما نقلت وكالة “وام” للأنباء.

وحركة الجهاد الإسلامي هي فصيل مسلح، تأسس مطلع ثمانينيات القرن الماضي؛ بعد نجاح آية الله الخميني في إسقاط الملكية الإيرانية، وتأسيس نظام الثورة الإسلامية الحاكم، وارتبطت الحركة بالنظام الإيراني؛ حيث تعد كبرى الحركات التي تحصل على الدعم والتمويل الإيراني؛ تليها حركة حماس.

عناصر تابعة لحركة الجهاد الإسلامي- أرشيف

خيانة من الداخل

المحلل السياسي الإماراتي الدكتور جاسم خلفان، يؤكد أن الفصائل المسلحة في قطاع غزة تعمل ضد بعضها البعض، وتبيع خدماتها للآخرين، ومن غير المستبعد أن يكون تيسير الجعبري قد تم تسليمه، وإرشاد إسرائيل عن مكان وجوده؛ لتوجيه ضربة قوية إلى كتائب سرايا القدس.

جاسم خلفان

وقال خلفان لـ”كيوبوست”: إن المباحثات النووية بين إيران والولايات المتحدة جارية، وكل طرف يستخدم فيها أدواته وما يملكه من كروت ضغط، لافتاً إلى أن هذه الفصائل تعمل لمصلحة إيران في الوقت الحالي، بعيداً عن القضية الحقيقية والشعارات التي ترفعها؛ لتبتز بها مشاعر الشعوب العربية للضغط على الحكومات.

وأشار المحلل السياسي الإماراتي إلى أن هذه الفصائل تحصل على مقابل خدمتها للمصالح الإيرانية، وتنشر خطابها المعتاد عن ضرورة التدخل والدعم العربي، وفي كل مرة تتدخل مصر؛ لوقف التصعيد، وتتأهب الدول العربية وخصوصاً دول الخليج؛ لتقديم الدعم المالي للمدنيين في قطاع غزة.

اقرأ أيضًا: نظرة إلى الوراء.. علاقات حماس وإيران عبر التاريخ

وتابع خلفان، قائلاً: للأسف! هذا الدعم الكبير الذي اعتادت الدول العربية على تقديمه لا يذهب إلى مستحقيه، في ظل سيطرة حركة حماس على القطاع، وانتشار الفصائل المسلحة التي تحتكر القضية، وتقمع شعب غزة تحت شعار مقاومة الاحتلال.

الغارات الإسرائيلية على غزة تتواصل لليوم الثالث- وكالات

الحقوقي الإماراتي الدكتور محمد سالم بن ضويعن الكعبي، شدد على أن الضربات الإسرائيلية وسقوط قتلى مدنيين يُعدان انتهاكاً لحقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الخاصة بحماية المدنيين خلال النزاع المسلح، لافتاً إلى أن استفزازات حركة حماس والفصائل المسلحة الأخرى لا يمكن تجاهلها في ذات السياق.

محمد الكعبي

وأضاف الكعبي، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن السياسات الخاطئة لحركة حماس حرمت المدنيين من حقوق كثيرة؛ أهمها: الحق في العمل، والحق في الصحة، والمستوى المعيشي اللائق، مشيراً إلى الاحتجاجات الشعبية التي كانت مقررة ضد الحركة، والتي لم تبدأ بسبب التصعيد الجديد.

وأشار إلى أن هناك محاولات لإفشال الجهود المصرية والعربية التي رأيناها العام الماضي لإنهاء التصعيد، وإعادة إعمار القطاع، وبدء عملية تنمية شاملة يتمتع بها المدنيون في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، التي وصلوا إليها؛ بسبب صراعات “حماس” وإسرائيل التي لا تنتهي.

اقرأ أيضاً: إلى أين تتجه سياسة السطوة الأمنية التي تتبعها “حماس” في قطاع غزة؟!

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، إن اغتيال تيسير الجعبري، وغيره من القيادات، هو قرار مجمع الاستخبارات “موساد”، وهو أعلى مؤسسات أجهزة المعلومات الإسرائيلية، لافتاً إلى أن استهداف “الجهاد” وملاحقة عناصرها رسالة أيضاً إلى إيران.

طارق فهمي

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن المستوى العسكري الإسرائيلي هو الذي يصعد؛ لإثبات قدرته على القيادة، والمستوى السياسي ضعيف جداً، وغير واضح إن كان سيستفيد من أية مواجهة، في كل الأحوال، في الانتخابات المقبلة، متابعاً: حتى الآن الإدارة الأمريكية تراقب ما يجري، ولن تتدخل بصورة جدية إلا إذا تجاوزت المواجهة الراهنة الخطوط الحمراء.

رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل في غزة لبحث وقف التصعيد.. 2021

وأوضح أن الجانب المصري وحده، وليس أي طرف آخر، قادر على وقف ما يجري إن توافرت الإرادة السياسية من قِبل الجانبَين، محذراً من أن هناك تياراً نفعياً في قطاع غزة يريد استثمار ما يجري؛ لحسابات ضيقة، واستعادة إدارة المشهد السياسي، بعد لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وتابع بقوله: إن المواجهة الراهنة فرصة؛ لاستعراض مدى الصواريخ التي تملكها الفصائل الفلسطينية، وقدرتها على تحقيق أهدافها. وحتى الساعة، الضربات من القطاع على الأهداف الإسرائيلية رمزية، وانتقالها إلى العمق في المواقع الاستراتيجية يحتاج إلى قرار جامع ليس من “حماس” فقط.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة