الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
التداعيات المحتملة على المسألة الكردية بعد فوز بايدن
مسؤولون أكراد لـ"كيوبوست": الرؤية الجديدة للإدارة الأمريكية تهدف إلى زيادة وإنعاش الدعم المقدم من واشنطن إلى وحدات حماية الشعب في معركة لا تزال مستمرة على الأرض

كيوبوست
تحولات سياسية جديدة منتظرة في الموقف السياسي الأمريكي تجاه قضية الأكراد في سوريا، وما مستقبل قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ومجلس سوريا الديمقراطية “مسد”، في ظل إدارة بايدن القادمة؛ حيث أكد أثناء ترشحه دعمه القضية الكردية وعدم رضاه عما تنتهجه تركيا، وعلى وجه الخصوص أردوغان، من سياسات في الشمال السوري وفي شرق الفرات، واصفاً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق بالـ”مستبد”.

فاستناداً إلى تصريحات الفريق الاستشاري لحملة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، فهو يسعى للحفاظ على القوات الأمريكية في مناطق “شرق سوريا” التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية/ قسد”، وتديرها “الإدارة الذاتية”، ويؤكد أن الدور التركي في سوريا يمثل مشكلة حقيقية تزيد المشهد تعقيداً؛ ما يعني أن “الرئيس الجديد المنتخب يرفض تعاظم الدور التركي في سوريا”، وهذا ما يؤكده الناشط الحقوقي والسياسي الكردي مصطفى أوسو، الذي يرى، في تصريحاتٍ خاصة أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن بايدن سبق له أن انتقد قرار الرئيس ترامب بسحب القوات الأمريكية من مناطق “شمال شرق سوريا”، ووصف القرار بأنه خيانة “للحلفاء الأكراد”.

اقرأ أيضاً: هل تخطط تركيا لغزو شرق سوريا من جديد؟
فتصريحات بايدن، حسب رؤية أوسو، تفسَّر على أنه سيساند “قوات سوريا الديمقراطية/ قسد” في المناطق السورية الواقعة “شرق الفرات”، في مواجهة الطموحات التركية لغزوها واحتلالها، كما جرى في عفرين و”سري كانيي/ رأس العين” و”كري سبي/ تل أبيض”؛ خصوصاً أنه أكد أثناء ترشحه للرئاسة دعمه للكرد في سوريا، وامتعاضه من المواقف التركية الرامية إلى القضاء على الكرد وقضيتهم القومية والوطنية الديمقراطية في سوريا؛ لكنها مع ذلك تبقى، حسب مصطفى أوسو، رهينة بالمصلحة المشتركة للدولتين وتحقيق التقارب في ما بينهما بخصوص ملفات دولية وإقليمية عدة؛ منها: ملف أزمة منظومة “إس 400″، والتدخلات التركية في شرق المتوسط، وغيرهما.

وفي هذا السياق، يرى مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل، والمتحدث الرسمي السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي، أن تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، وأيضاً ما صرح به كبار المرشحين ممن سيتسلمون المناصب الكبرى في الإدارة الأمريكية الجديدة؛ وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، تشير إلى رؤية مغايرة تكاد تكون متناقضة ومعاكسة لكل توجهات الإدارة الأمريكية؛ سواء في العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبي أو وجود قواتها في ألمانيا، ودور الناتو أو التعاطي مع الملف النووي الإيراني، مشيراً إلى أنه من الواضح أن التوجه سيكون لتقديم مزيد من الدعم لقوات “سوريا الديمقراطية” للاستمرار في الحرب على تنظيم “الدولة الإسلامية” في ظلِّ تصاعد نشاط هذه المجموعة؛ حيث ما زال لديهم وجود في الصحراء السورية والخلايا النشيطة لهم في مناطق دير الزور وغيرها.
ويأتي ذلك كجزء من الاستراتيجية لواشنطن في عدم الاكتفاء بالالتفات إلى الداخل؛ بل تعزيز الحضور في الخارج وعلى وجه الخصوص في منطقة الشرق الأوسط والسعي إلى الحد من الدور الروسي- الإيراني في منطقة الشمال السوري، بالإضافة إلى الحضور التركي البارز الذي يهدف إلى زيادة مناطق الحدود على الجانب السوري والسيطرة عليها بدعوى إبعاد القوات الكردية عنها، فقامت أنقرة بالسيطرة على عشرات المدن والبلدات؛ أهمها عفرين، وجرابلس، وأعزاز، وجنديرس، وراجو، وشيخ الحديد، “وقد استخدم الإعلام التركي وسائل عثمانية قديمة لتبرير التدخل العسكري والإدارة التركية لهذه المدن”.

ومن هنا، فإن المتحدث الرسمي السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي نواف خليل، وفي حديثٍ خاص إلى “كيوبوست”، يرى أن هناك موقفاً واضحاً تتبناه الإدارة الأمريكية القادمة بقيادة جو بايدن، في ما يتعلق بدعم قوات سوريا الديمقراطية التي تضم في غالبيتها العنصر الكردي إلى جانب عددٍ محدود من العرب وبقية المكونات؛ لتعزيز استمرار الحرب ضد “داعش” وإيجاد مقاربة جديدة مع الإدارة الذاتية في الشمال السوري، وهذا ما أكده رئيس الاتئلاف نصر الحريري، لافتاً إلى أن هناك ضغوطاً كي تنضم الإدارة الذاتية إلى المفاوضات والحوار الذي يجري في جنيف وغيرها.
اقرأ أيضاً: أردوغان يستبيح أراضي سوريا وثرواتها ويشوه سمعة السوريين
زيادة الدعم
الرؤية الجديدة للإدارة الأمريكية تجاه المسألة الكردية في شمال سوريا، تهدف إلى زيادة وإنعاش الدعم المقدم من اشنطن إلى وحدات حماية الشعب، في معركةٍ لا تزال مستمرة على الأرض؛ للتأكد من أن تنظيم داعش لن يستطيع السيطرة أو استعادة بعض الأراضي في شرق سوريا، وفي المقابل يتحتم على الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن، تقديم ضمانات لأنقرة من أن الكرد السوريين لن يشكِّلوا تهديداً عسكرياً مباشراً لتركيا، وذلك عبر العمل على فصل وحدات حماية الشعب في شمال سوريا عن حزب العمال الكردستاني بتركيا، وفكّ الارتباط بينهما، باعتبار أن الأخير مصنف على قائمتي الإرهاب؛ الأوروبية والأمريكية.
لكن قادة ورموز حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب، كثيراً ما ينفون وجود هذا الارتباط بحزب العمال الكردستاني، مؤكدين أن هذا الأمر هو مجرد حجة تركية التي تعادي قضية استقلال الأكراد في تركيا وسوريا، يضيف خليل، لافتاً إلى أن الحكومة التركية عزلت أربعة رؤساء بلديات من حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، بتهمة صلتهم بحزب العمال الكردستاني المحظور، وبينما نفى حزب الشعوب هذه التهمة، أعلن أن عدد رؤساء بلدياته الذين تم عزلهم وصل إلى 30 شخصاً.
اقرأ أيضاً: مسلحو أردوغان العرب يحولون شمال سوريا إلى منطقة غير آمنة
ويؤكد نواف خليل أن منطقة الشمال السوري التي تشرف عليها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والتي تعرف باسم روجآفا، هي منطقة حكم ذاتي بحكم الأمر الواقع، تمتد في شمال وشرق سوريا؛ حيث حصلت المنطقة على استقلالها الفعلي في عام 2012، مشدداً على أن المنطقة يقوم بإدارتها أهلها.
ويشير خليل إلى أن صالح مسلم؛ رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، وعضو هيئة الرئاسة المشتركة في الحزب، قد زار تركيا بين أعوام 2012-2014م، ثلاث مرات، والتقى المسؤولين الأتراك، وأغلب قادة ورموز الحزب كانوا يقومون بزيارة تركيا، متسائلاً: “ما الذي استجد بعد 2015 حينما أطاح الرئيس التركي رجب أردوغان، بالمفاوضات التي كانت تجري بينه وبين حزب العمال الكردستاني بتركيا، وبدأت مرحلة جديدة انطلقت فيها وسائل الإعلام لكيل الاتهامات الجاهزة لحزب الاتحاد؟”.
اقرأ أيضاً: الغزو التركي لسوريا: نعمة لداعش
ويؤكد خليل أن الرؤية الجديدة باتت واضحة بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض، تجاه الشمال السوري؛ حيث قال بشكل واضح إنه لن يتنازل لتركيا في ملف الكرد. وحسب العديد من المؤشرات، فإن بقاء القوات الأمريكية حتمي في الشمال السوري، وتقديم مزيد من الدعم لقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب، منوهاً بأن هذه المنطقة باتت مهمة في ما يتعلق باستمرار الحرب على “داعش”، ومنع مزيد من التمدد الروسي والإيراني، سواء في ما يتعلق بالحسابات الأمريكية أو في ما يتعلق بنفوذ وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة؛ فهذا التقاطع بين الطرفين يحتم على واشنطن تقديم مزيد من الدعم لإيقاف مثل هذه الحالة، وأيضاً لتقويض وإيقاف النفوذ التركي داخل الأراضي السورية، والتي حررتها قوات سوريا الديمقراطية من أيدي تنظيم داعش خلال السنوات الأخيرة.