الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
التحقيق مع الغنوشي مستمر.. وملف التسفير يضيق الخناق على النهضة
رئيس حركة النهضة ونائبه علي العريض مَثَلا للتحقيق حتى ساعات الفجر الأولى أمام وحدة مكافحة الإرهاب

كيوبوست
مثَل رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي، ونائبه ووزير الداخلية ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، الاثنين الـ19 من سبتمبر، أمام الوحدة الوطنية لجرائم الإرهاب، والجرائم المنظمة بالعاصمة، للاستماع لهما بشأن تهمٍ تتعلق بتسفير الشباب التونسي إلى بؤر الإرهاب في سوريا والعراق وليبيا.
ويعد التحقيق مع القياديين البارزين في الحركة مهماً جداً لأنه يعكس من جهة جدية السلطات التونسية في كشف ملابسات ملف تسفير الشباب التونسي للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية خلال العشرية الماضية، حيث تعمدت الحركة ردم الموضوع والحيلولة دون فتحه.
اقرأ أيضاً: تونس.. ملف التسفير إلى بؤر الإرهاب يحصد المزيد من رؤوس الإخوان
ومن جهةٍ أخرى، لأن هذا الملف هو مفتاح القضايا الخطيرة الأخرى العالقة في البلاد، كالإرهاب، والاغتيالات السياسية. كما أن الخطوة من شأنها أن تربك الحركة الإسلامية بتونس التي شملت التحقيقات قيادات من الصف الأول داخلها، بعد أن كان حدوث هذا الأمر مستحيلاً على مدار سنوات حكمها حتى في حال التورط.
بدأ التحقيق مع العريض منذ الساعة الخامسة مساء بتوقيت تونس حتى وقتٍ متأخر من ليل الاثنين، على أن يليه الغنوشي في التحقيق، ورجحت بعض المصادر الأمنية أن يستمر التحقيق حتى الفجر لاسيما أن بعض التسريبات التي حصلت عليها “كيوبوست” تؤكد أن الملف يتضمن مئات الوثائق ويحتاج مجرد الاطلاع عليه إلى عدة ساعات، هذا إلى جانب رفض النيابة العمومية رسمياً المطلب الذي تقدمت به الهيئة في إرجاء الاستماع الى رئيس حركة النهضة.

وشهد محيط ثكنة بوشوشة تعزيزاتٍ أمنية مكثفة على طول الطريق المؤدي إلى مكان التحقيق مع الغنوشي والعريض، كما تجمع العشرات من أنصار حركة النهضة أمام وحدة التحقيق في بوشوشة احتجاجاً على استجواب الغنوشي والعريض تفاعلاً مع دعوة الحركة قبل يوم للأنصار بالتواجد بكثافة لمساندة قيادييها. وتم منع كل من وسمير ديلو ونور الدين البحيري، من مرافقتهما إلى قاعة التحقيق كهيئة الدفاع عنهما.
وتم حتى الآن القبض على عددٍ من القيادات الإسلامية، وبدء التحقيق معها منذ أيام قليلة، كان أبرزها القيادي في النهضة الحبيب اللوز، ورجل الأعمال والنائب السابق عن الحركة محمد الفريخة مدير شركة “سيفاكس” الخاصة للطيران، المتهمة بنقل الشباب التونسي إلى ليبيا وتركيا، ليعبروا إلى سوريا فيما بعد، فضلاً على مسؤولين سابقين بوزارة الداخلية على صلةٍ مباشر بقيادات حركة النهضة.
اقرأ أيضاً: هل تفتح تونس جدياً ملف تسفير الشباب لبؤر الإرهابيين؟
كما ذكرت بعض المصادر أن القيادي بالحركة ووزير العدل الأسبق، نور الدين البحيري، سيمثل هو الآخر للتحقيق في نفس الملف، لكنه نفى ذلك عبر صفحته على “فيسبوك”.
ملف شائك

المحلل السياسي، بلحسن اليحياوي، يقول لـ”كيوبوست”، تعليقاً على التحقيق مع القياديين البارزين بالحركة: “كلنا نعرف أن عملية تسفير الشباب التونسي تمت في فترة حكم الترويكا التي تتزعمها حركة النهضة، وبالتالي فإن هذه الترويكا، وعلى رأسها الحركة الإسلامية تتحمل المسؤولية السياسية، ومن المهم فتح هذا الملف رغم أنني أعتقد أنه ملف شائك وتتورط فيه دول أخرى أيضاً بأجهزتها المختلفة ما يجعل مسألة الحسم الجنائي للموضوع صعبا وقد يحتاج وقتا طويلا”.
وأضاف أن “الأطراف التي تتحجج بالوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، والتي ترى أن الملف مطروح للتغطية على الأزمة، في الحقيقة هي أطراف لا ترغب في فتح الملف لأسبابٍ قد يكون من بينها ضلوعها ومسؤوليتها عنه، وهذا ينطبق على حركة النهضة التي لا تنفك تردد ذات الخطاب. أعتقد أن تونس كانت دائماً في سياق وظرف سياسي وأمني واجتماعي واقتصادي ما، وهذا لا يمكن أن يُعتمد كمبرر لعدم فتح ملفات خطيرة على غرار ملف التسفير.
وإذا كانت حركة النهضة غير ضالعة في هذا الملف، كما تروِّج، فإنه من المهم والمفيد بالنسبة لها أن يتم تناوله جدياً وحسمه نهائياً، وتثبت عدم تورطها، لا أن يظل معلقاً، وتبقى في نظر الجميع هي الطرف المذنب. لماذا لا تريد أن يتم النظر بشكل نهائي في أحد أخطر قضايا البلاد؟ هذه الرغبة تحمل العديد من التأويلات التي لا تصب أبداً في صالح الحركة”.

وليست هذه المرة الأولى التي يخضع فيها الغنوشي للتحقيق في قضايا إرهاب وفساد مالي بعد الـ25 من يوليو 2021، إذ خضع الغنوشي في أغسطس الماضي للتحقيق بتهمة التحريض على أجهزة الأمن، والإساءة لأجهزة الدولة، بعد نعته الأمنيين بـ”الطاغوت” خلال تأبينه للقيادي بحركة النهضة فرحات العبار في فبراير الماضي. وأعلنت السلطات التونسية في يونيو الماضي أن قضاء مكافحة الإرهاب أمر بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لعشرة أشخاص، من بينهم الغنوشي، ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي.
اقرأ أيضاً: تونس.. “وزير الجهاد” ممنوع من السفر حتى إشعار آخر
وفي نهاية شهر يونيو الماضي، أصدر القضاء التونسي قراراً بمنع سفر الغنوشي، في إطار التحقيق في قضية الاغتيالات السياسية للمعارضين السياسيين، شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013، والتي يتهم فيها الجهاز السري لحركة النهضة. كما أن الغنوشي متهم في قضية جمعية “نماء” بشبهة تبييض أموال والاعتداء على أمن الدولة.