اسرائيلياتشؤون دولية
التحريض الصهيوني ضد العرب: نسخة أخرى من اليمين المتطرف في أوروبا
اليمين المتطرف الأوروبي يصدّر أيديولوجياته العنصرية إلى إسرائيل

خاص كيو بوست –
يبدو أن صعود اليمين المتطرف في إسرائيل ووصوله إلى السلطة، الذي يتزامن مع صعود اليمين المتطرف في أوروبا، ينبئ بمستقبل كارثي بالنسبة للفلسطينيين، فالأفكار العنصرية التي يحملها اليمين المتطرف في الحالتين، هي ذاتها؛ القتل والانتقام وحب الدم ومعاداة الآخرين.
وقد أظهرت وسائل إعلام ناطقة بالعبرية، أن الأغاني التي تدعو إلى “قتل العرب” هي من بين الأغاني الأكثر انتشارًا في دولة الاحتلال الإسرائيلي، خلال الفترة الماضية.
وتبين تقارير عدة صادرة عن وسائل إعلام مختلفة داخل دولة الاحتلال أن منظمات صهيونية إرهابية تقيم احتفالات الزواج، والمناسبات العامة، عبر الرقص على أنغام أغاني تدعو إلى محاربة العرب وقتلهم، و”الانتقام منهم”، بحسب ما أوردت التقارير.
اقرأ أيضًا: لماذا يحتاج كل من الفِكر الإسلامي المتطرف و”أقصى اليمين” في الغرب بعضهما البعض؟
كما أظهرت مقاطع فيديو مصورة مجموعة من المستوطنين الصهاينة يرقصون داخل إحدى حفلات الزواج على أنغام أغنية تسخر من الطفل أحمد دوابشة، وعائلته، التي أحرقها المستوطنون أثناء النوم، عام 2015، فيما قام آخرون بطعن صورة الطفل الوحيد الناجي من بين أفراد عائلة دوابشة، الذي لم يسلم من نيرانهم.
ويبدو أن مثل هذه الأحداث تشي بطبيعة عقلية المستوطنين، التي تحكم علاقتهم بأصحاب الأرض الأصليين – الفلسطينيين، وبطبيعة المحاولات الدائمة لتكرار مثل تلك الحادثة؛ بل واعتبارها جزءًا من العقلية الاستعمارية التي يتبناها المستعمِر الصهيوني في الأراضي الفلسطينية.
الأغنية التي رقص عليها الصهاينة كانت تقول: “مكنني يا رب منهم، في هذه المرة، مكنني من عيون الفلسطينيين”. وقد وصل عدد مرات الاستماع لتلك الأغنية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى حوالي 250 ألف مرة، خلال ال24 ساعة الأولى لعرضها على الإنترنت. وقد صور الفيديو كليب الخاص بها مظهرًا المغني يؤدي أغنيته التحريضية وهو يحمل سلاحًا، في إشارة إلى نيته قتل الفلسطينيين، والتحريض على ذلك.
يقول هذا المغني العنصري إن أغانيه تهدف إلى حشد الآراء لصالح الاستيطان في أراضي الفلسطينيين في كل من الضفة الغربية والقدس المحتلة، إضافة إلى الانتقام من الفلسطينيين، بحجة أن ذلك يمنعهم من مهاجمة اليهود “مجددًا”.
ويؤمن هذا الصهيوني المتطرف بأن العنصرية ضد العرب تدفع بهم إلى عدم مواصلة الاعتداء على اليهود، ولدفعهم إلى اليأس من محاولة استعادة فلسطين من اليهود المتطرفين.
اقرأ أيضًا: نظرة إلى إحدى العمليات التخريبية لإسرائيل خارج الوطن العربي
وليست تلك الأغنية هي الوحيدة التي تروج لقتل العرب، والانتقام منهم، إذ أن هناك مطربون آخرون يدعون إلى قتال العرب وطردهم من أرضهم، وتهجيرهم إلى خارج فلسطين، تمهيدًا للسيطرة على أراضيهم. وقد أصبحت مثل هذه الأغاني الصهيونية المتطرفة من بين الأغاني الأكثر رواجًا في الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل. وقد دأب الإسرائيليون على مهاجمة الفلسطينيين من خلال تلك الأغاني، إضافة إلى استفزاز الفلسطينيين عبر تشغيلها عبر مكبرات الصوت في الشوارع، وفي محطات وسائل الإعلام.
ويظهر من تلك المقاطع المصورة، أن الأغاني لا تحرض ضد الفلسطينيين فقط، وإنما ضد العرب أيضًا، إذ نادرًا ما تكتفي الأغاني العبرية بتوجيه الشتائم إلى الفلسطينيين لوحدهم، بل تطال العرب كافة، حتى في بلادهم البعيدة عن دولة الاحتلال.
ولا يفلت المسلمون أيضًا من سهام التحريض الصهيوني، إذ طالت عددًا من الأغاني الصهيونية الديانة الإسلامية، وشتمت الرسول محمد (صلعم)، والقرآن الكريم. وكثيرًا ما تظهر هذه الأغاني في الفضاء العام الإسرائيلي، بدون حسيب ولا رقيب.
وتشي تلك الحالة بتصاعد وتيرة التحريض على العرب بشكل عام، وبتزايد الدعوات الصهيونية إلى قتلهم في كل مكان، وهو أمر لم يكن ليحصل لولا الدعم الكامل الذي يتلقاه اليهود من قيادتهم اليمينية المتطرفة، المتمثلة في حكومة الليكود الحالية، والتي تباشر في بناء الوحدات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية على حساب أصحابها الأصليين، وتقوم بوضع الخطط لطردهم إلى الخارج، والتضييق عليهم في أماكن تواجدهم كافة، على غرار ما تفعله القوى اليمينية المتطرفة في أوروبا.
على أية حال، لم يكن الفلسطينيون راضين عن تلك الأغاني التي تتهجم على العرب وعلى المسلمين، فواجهوا ذلك بشتى الطرق الممكنة، وقاموا بمحاولات كثيرة لإنشاء خطاب مضاد، يقوم على توضيح براءة العرب والمسلمين من التهم والشتائم التي يوجهها اليهود، إضافة إلى إنتاج أعمال فنية توضح أصالة العرب وأخلاقهم العالية، مقابل الأخلاق الاستعمارية والعنصرية التي تعيش فيها دولة إسرائيل. وقد قام كثير من الفلسطينيين بتنظيم المظاهرات داخل فلسطين رفضًا للتحريض المستمر من الصهاينة، والدعوة لمحاكمة المطربين الذين يقدمون مثل تلك الإنتاجات الفنية.