الرياضةشؤون دولية

التجربة اليابانية الملهمة في كرة القدم وسر السيطرة الآسيوية

كيف وصل المنتخب الياباني إلى الإنجازات الكروية الكبيرة؟

كيو بوست –

حتى 2019، لم نجد فريقا آسيويًا قادرًا على مجاراة الكمبيوتر الياباني بشكل حقيقي وباستمرار، في كؤوس آسيا المتلاحقة. ربما تحدث المفاجآت ويسقط أمام هذا المنتخب أو ذاك، لكن المنتخب الياباني لا يزال يثبت تفوقه على القارة منفردًا وحيدًا، بمنافسة يمكن الإشارة إليها من طرف كوريا الجنوبية وأستراليا.

في بطولة كأس آسيا الحالية الجارية في الإمارات، أثبتت اليابان مجددًا تفوقها الكاسح على منافسيها في القارة، بالوصول إلى النهائي، متخطية منافسين مرشحين لنيل البطولة، كمنتخبي السعودية وإيران.

اقرأ أيضًا: 3 منتخبات تهدد الحلم العربي في بطولة كأس آسيا 2019

بالنظر إلى قارات أخرى، فإن البطولات تشهد منافسة حامية الوطيس ومستويات متقاربة بين الدول، مثل إفريقيا وأوروبا، وأمريكا الجنوبية بدرجة أقل.

لعل هذا ما يطرح التساؤل حول سر تطور كرة القدم اليابانية، وتميزها بفنيات عالية وسرعة وتنظيم، بإمكانها سحق الخصوم في أكثر المباريات صعوبة آسيويًا.

 

عمل تاريخي

في الحديث عن تطور كرة القدم اليابانية، ما يلفت الأنظار هو أن المنتخب الياباني لكرة القدم ظل مغمورًا حتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.

وبتتبع نتائجه حينها، كان المنتخب يخرج من البطولة القارية على يد أي منتخب آسيوي. وبالمقارنة مع المنتخب السعودي على سبيل المثال، فإن الأخير كان يتفوق بشكل واضح على اليابان ويتزعم الكرة الآسيوية.

ويمكن الاستدلال على قصر التجربة اليابانية ونجاحها اللافت في وقت قياسي من خلال بعض المحطات التاريخية؛ فبعد أن كان المنتخب متواضعًا، عملت البلد بشكل منظم ركز على عاملي الاحتراف والبحث عن المواهب في التجمعات الكروية للجامعات والمدارس.

في عام 1988، فازت السعودية بكأس آسيا التي شهدت مشاركة يابانية متواضعة، لكن في عام 1992 فازت اليابان بكأس آسيا، وفي عام 1993 أطلقت اليابان لأول مرة دوري المحترفين لكرة القدم. بعد ذلك التاريخ بخمس سنوات فقط، وصلت اليابان لأول مرة إلى منافسات كأس العالم.

تعكس هذه المحطات حجم التطور اللافت والعمل الدؤوب لتطوير الكرة، حتى باتت اليوم سيدة آسيا الأولى، ولا تواجه أية مصاعب في تسجيل حضورها في كأس العالم.

وتوجت الخطة اليابانية بالإنجاز الأكبر عبر استضافة كأس العالم مع كوريا الجنوبية عام 2002.

ومن بين الإنجازات الأخرى على صعيد منتخب الناشئين صعوده إلى الدور ربع النهائي في كأسي العالم 1993 و2011، وعلى صعيد منتخب الشباب صعوده إلى المباراة النهائية في كأس العالم عام 1999، وعلى صعيد المنتخب الأول وصوله إلى دور 16 في كأسي العالم عام 2002 و2010، ووصوله إلى نهائي كأس آسيا خمس مرات والفوز بالكأس أربع مرات.

يقول د. محمد العامري في صحيفة البيان: “علينا أن نعرف أمرًا هامًا في التجربة اليابانية، خصوصًا عند الحديث عن تقليد هذه التجربة، هو أن القاعدة الأساسية في تفريخ اللاعبين هي المدارس والجامعات، إذ نظمت لهم بطولات رسمية، ولهم ممثلون في هيئة رابطة المحترفين، وهذا هو مربط الفرس، فعلينا عدم إغفال هذا الجانب المهم عند الحديث عن التجربة اليابانية، أما محاكاة الهيكل الإداري فهو سهل!”.

 

سر التجربة بلسان ياباني

وبالحديث أكثر عن التجربة اليابانية الملهمة في كرة القدم، لا يمكن لأحد إيصال سرها أكثر ممن خاضوا هذه التجربة.

لاعب المنتخب الياباني، ورقته الرابحة، واتاروا إيندو، روى تفاصيل حول الكرة اليابانية، ورحلتها الطويلة، وصولًا إلى مرحلة الاحتراف، إلى أن باتت من أعمدة الكرة العالمية قبل الآسيوية.

قال اللاعب الياباني إن «كرة القدم باتت علمًا ومناهج تدرس، وبالتالي، إن أردت النجاح، فلن يأتي لك بدون تخطيط وأسلوب علمي، وصولًا لمنصات التتويج، ولو طال الطريق، وهو ما عملناه في اليابان على مدى السنوات الماضية، وكان الحصاد تطورًا مدهشًا في الرياضة بصفة عامة، وكرة القدم بصفة خاصة».

«إن الطريق واللغة اللتين أوصلتا اليابان إلى ما هي عليه الآن، هما طريق الاحتراف، خصوصًا الاحتراف الخارجي، لكن عبر رؤية احترافية بالداخل، بالاهتمام بالقاعدة من الناشئين والمراحل السنية من جانب، بالإضافة إلى الاهتمام بزرع ونشر ثقافة الاحتراف في المجتمع من جانب آخر، لأن الاحتراف ليس مجرد كلمة، بل هو أسلوب حياة، يجب أن يشارك فيه المجتمع بالكامل، وأي قصور مجتمعي، ستكون انعكاساته سلبية على الاحتراف، ونجحنا فيه في اليابان، حيث كان المجتمع شريكًا في تطوير كرة القدم اليابانية»، أصاف إيندو.

وتملك اليابان مجموعة كبيرة من اللاعبين المحترفين في أوروبا وأمريكا الجنوبية.

خط الدفاع: هيروكي ساكاي (مارسيليا الفرنسي) – مايا يوشيدا (ساوثامبتون الإنجليزي) – غين شوجي (كاشيما أنتلرز الياباني) – يوتو ناغاتومو (غالاطه سراي التركي) – غوتوكو ساكاي (هامبورغ الألماني) – تومواكي ماكينو (أوروا ريدز الياباني) – ناوميشي أويدا (كاشيما أنتلرز الياباني) – واتارو إيندو (أوروا ريدز الياباني).

خط الوسط: شينجي كاغاوا (بوروسيا دورتموند الألماني) – غاكو شيباساكي (خيتافي الإسباني) – ماكاتو هاسيبي (آينتراخت فرانكفورت الألماني) – كيسوكي هوندا (باتشوكا المكسيكي) – جينكي هاراغوتشي (فورتونا دوسيلدروف الألماني) – هواتارو ياماغوتشي (سيريزو أوساكا الياباني) – تاكاشي أوسامي (فورتونا دوسيلدورف الألماني) – ريوتا أوشيما (كواساكي فرونتال الياباني).

خط الهجوم: تاكاشي إينوي (إيبار الإسباني) – شينجي أوكازاكي (ليستر سيتي الإنجليزي) – يوشينوري موتو (ماينز الألماني) – يويا أوساكو (كولن الألماني).

اليوم يضرب المنتخب الياباني كمثال أمام الكرة العربية، للسعي نحو تطويرها بشكل مماثل للمنافسة والظهور اللائق في البطولات العالمية؛ فالمشاركات العربية المشرفة في كأس العالم تعد على الأصابع.

كما أن تفوق العرب على مستوى القارة الآسيوية لا يزال يحتاج الكثير.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة