الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفةشؤون دوليةشؤون عربية
“التايم” تسأل: هل كانت كليوباترا سوداء؟
ما زالت أصول والدة كليوباترا وجدتها لأبيها تمثل لغزاً حتى اليوم؛ ولكن العديد من الخبراء يقولون إنه لا يوجد أي دليل على أن كليوباترا كانت سوداء.

كيوبوست– ترجمات
تتحدث أرماني سيد، في مقال نشرته “التايم”، عن الجدل المثار حول هوية الملكة كليوباترا، وتقول إنه كثيراً ما يتم طمس إرث كليوباترا، ملكة مصر، من خلال الحوارات المعاصرة التبسيطية حول هويتها، وحول ما إذا كانت مقدونية أم يونانية أم مصرية أم إفريقية. وقد عاد هذا الجدل إلى الواجهة مؤخراً مع إعلان شبكة “نتفليكس” عن مسلسل الدراما الوثائقية “الملكة كليوباترا”، من بطولة الممثلة السوداء أديل جايمس. وقد دفع هذا الجدل بالعديد من المهتمين؛ ومن بينهم عالم الآثار المصري الأول زاهي حواس، إلى التأكيد أن كليوباترا التي ولدت بالإسكندرية في مصر عام 69 قبل الميلاد، كانت من أصل يوناني مقدوني.
ولكن النقاشات حول الهوية العرقية لكليوباترا غير تاريخية؛ لأنها تعكس وجهات النظر المعاصرة حول العرق بدلاً من محاولة فهم الناس في العصور القديمة. تقول ريبيكا كينيدي، الأستاذة المشاركة في قسم الكلاسيكيات بجامعة دينيسون: “إن السؤال عما إذا كان شخص ما أبيض أم أسود هو أمر عفَّى عليه الزمن، وهو يعبر عن الاستثمار السياسي الحديث أكثر من كونه محاولة لفهم العصور القديمة وَفقاً لمعطياتها الخاصة”. وتضيف: “إذا أردنا أن نكون أكثر دقة من الناحية التاريخية؛ فنحن بحاجة إلى فهم كيف نظرت الشعوب القديمة إلى أعراقها بدلاً من إضفاء الطابع الكوني على آرائنا”.
اقرأ أيضاً: كليوباترا… أيقونة الدهاء التي لم تقبل الهزيمة
كانت كليوباترا سابع ملكة مصرية تحمل هذا الاسم وأشهرهن. وكانت آخر مَن حكم مصر من سلالة بطليموس، واستمر حكمها 21 عاماً، قبل أن تنتحر في أغسطس عام 30 قبل الميلاد. كانت كليوباترا هي الثانية من بين خمسة أولاد للملك بطليموس الثاني عشر وزوجته كليوباترا تريفانيا. درست كليوباترا الطب والفلسفة والبلاغة والخطابة، وكانت تتحدث العديد من اللغات إلى جانب لغتها الأم اليونانية، وكانت أول حاكم بطلمي يتكلم اللغة المصرية الأصلية. بعد وفاة والدها تولت كليوباترا العرش عام 51 قبل الميلاد، بالمشاركة مع شقيقها الأصغر بطليموس الثالث عشر؛ ولكنها في ما بعد أبعدت شقيقها وأصبحت الحاكم الوحيد للبلاد.

تنحدر سلالة بطليموس من جذور يونانية مقدونية، وحكمت مصر القديمة خلال العصر الهلنستي، وعادة ما كانت الزيجات فيها تتم من داخل الأسرة. أما الجزء الذي لا يزال لغزاً في أصول كليوباترا فهو أصول والدتها وجدتها لأبيها؛ ولكن العديد من الخبراء يقولون إنه لا يوجد أي دليل على أن كليوباترا كانت سوداء.
يقول دوران رولر، الأستاذ الفخري للكلاسيكيات في جامعة ولاية أوهايو: “بافتراض أن جدة كليوباترا لم تكن من أصل يوناني مقدوني تقليدي، فربما كانت مصرية”. وتقول كينيدي: “كان من الممكن أن تكون يونانية ومقدونية ومصرية ورومانية في الوقت نفسه”. وتشير إلى أن الثغرات الموجودة في شجرة عائلتها تترك مجالاً لإساءة تفسير الهيئة المصرية الأصلية على أنها سوداء. وتضيف: “الحقيقة هي أنه يمكن للمرء أن يقول إنه كان هناك مصريون قدماء سنعتبرهم اليوم سوداً بقدر ما كانوا أفارقة غير عرب وغير فينيقيين”. وتلفت كينيدي إلى أن الإشارات إلى المصريين من ذوي البشرة السوداء موجودة في النصوص القديمة، ولكنَّ هناك عنصراً جندرياً لهذا الأمر، وتقول: “من الناحية الأيديولوجية ارتبطت النساء بالبشرة البيضاء، والرجال بالبشرة السمراء أو الداكنة. وهذا تقسيم جندري وليس عرقياً أو بيولوجياً حديثاً”. وتشير إلى أن التمثيلات المرئية لكليوباترا التي كانت أكثر شبهاً بالحكام المصريين، تم قبولها تاريخياً بشكل عام؛ بسبب تشابهها مع الصورة على العملات المعدنية والرسومات اليونانية القياسية.

إن التصنيفات العرقية، كما نعرفها اليوم، هي نتاج الفكر الأنثروبولوجي الغربي في القرنَين السابع عشر والثامن عشر؛ خصوصاً في فترة عصر التنوير الأوروبي.
وفي كتابه Systema Naturæ”” الذي نشر عام 1735، صنَّف عالم الطبيعة السويدي كارل لينيوس، البشر في أربعة “أنواع” متميزة بناء على القارة ولون البشرة. ولكن هذه التصنيفات قد جاءت في وقت متأخر لتطبيقها على الحضارات القديمة.
تقول كينيدي: “هناك ميل في العالم الحديث للتركيز على شخصيات مشهورة من الماضي لتمثل الحضارات”. وترى أنه ستكون هناك مجموعات تريد أن تسطح الأمور وتطالب بكليوباترا تناسب روايتها. والسؤال عما إذا كانت كليوباترا سوداء أم بيضاء أم من عرق آخر، هو السؤال الخطأ؛ لأنه على حد تعبيرها “يشير إلى أن هذه فئات عالمية وليست عرضية تاريخية”.
المصدر: التايم