الواجهة الرئيسيةتكنولوجياثقافة ومعرفة
“البشر المتغيرون”.. وثائقي عن أضرار التكنولوجيا الحيوية على مستقبل الناس
يعتقد خبراء في المجال الصحي، وعدد من خبراء صناعة التكنولوجيا، أن الأبحاث الطبية المتطورة لا تشكل تهديداً للصحة فحسب؛ بل تهدد سلامة ووجود البشرية.

كيوبوست- سلمان إسماعيل
تبشر الابتكارات الطبية الجديدة بتقنيات تحرير الجينات وتقنيات الإنجاب، وابتكارات طول العمر، باعتبارها مستقبل الصحة. ومع ذلك، لم يفشل العديد من هذه المنتجات والأجهزة التجريبية فحسب؛ بل تسبب أيضاً في ضرر لا رجعة فيه للأشخاص الذين تم اختبارها عليهم.
يسلط الفيلم الوثائقي المعروض على EpochTV “البشر المتغيرون.. كيف تغير التكنولوجيا الحيوية طبيعتنا؟” الضوءَ على التطورات الحديثة في تكنولوجيا الطب، وما إذا كانت تترجم إلى صحة أفضل أم لا؛ حيث يعتمد العديد من الأمريكيين على الأدوية والأجهزة الطبية والجراحة في مرحلة ما من حياتهم لمواجهة الأمراض. لكن على الرغم من التقدم الطبي؛ فإن الأعمار تقصر، ومعدلات الإصابة بالسرطان آخذة في الارتفاع، وأصبحت الحالات التي كانت نادرة في السابق أكثر انتشاراً.
اقرأ أيضاً: عن مخاطر برامج “الذكاء الاصطناعي”.. بيتشاي لا يفهم بالضبط كيف يعمل “بارد”
في فيلم “البشر المتغيرون”، يستطلع المخرج شايستا جاستن، الكثير من المخاوف والادعاءات مع عدد كبير من خبراء الصناعة التكنولوجية المشهورين. يتعمق أكثر في الأسئلة الأخلاقية المحيطة بهذه التقنيات، وليس فقط عما إذا كان العلم معقولاً، ولكن حتى إذا كان مرغوباً فيه. وهل التقدم من أجل التقدم يدفعنا إلى الأمام كبشر، أم أننا مجرد ضحايا غير مقصودين للتجارب الطبية التي لا ينبغي متابعتها في المقام الأول؟
ويرى مخرج الفيلم أنها “أكبر عملية احتيال” على الإطلاق، ونحن نعيش فيها.

تهديد وجودي
ويعتقد خبراء في المجال الصحي، وعدد من خبراء صناعة التكنولوجيا، أن الأبحاث الطبية المتطورة لا تشكل تهديداً للصحة فحسب؛ بل تهدد سلامة ووجود البشرية.
ويرى الخبراء الذين ظهروا في الوثائقي، أن صناعات الأدوية والتكنولوجيا الحيوية لا تساعد دائماً في تحقيق النتائج لصالح صحة المرضى، ويحذرون من أنه لا ينبغي تبني التكنولوجيا دون فهم آثارها. وأنه سواء في التكنولوجيا الرقمية أو التكنولوجيا الحيوية أو تقنيات المراقبة، يجب على المجتمع أن يتعلم كيفية التعامل مع هذه التطورات دون التخلي عن إنسانيته.
اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن الذكاء الاصطناعي؟
ويشير خبراء الصحة إلى أن التقدم في التكنولوجيا يعتبر عادةً أمراً جيداً؛ إذ إنه عندما يسمع معظم الناس مصطلح “التقدم”، فإنهم لا يفكرون في التقدم في الاتجاه الخاطئ، ومع ذلك، يشير الفيلم إلى أن القوانين والأخلاق لم تواكب سرعة التطور التكنولوجي. فمع التقدم، تأتي قرارات حول كيفية وما إذا كان ينبغي تطبيق التكنولوجيا الجديدة على العالم الحقيقي.
ويناقش الفيلم نزعة ما بعد الإنسانية، ويسلط الضوء على أن هناك سعياً إلى استخدام التكنولوجيا لإعادة تكوين البشر، بدلاً من استخدام التكنولوجيا والعلوم لعلاج الأمراض، ويهدف أنصار ما بعد الإنسانية إلى جعل الأشخاص العاملين في صحة أفضل، وخارقين تقريباً.
إعادة تشكيل البشر
يذهب الفيلم إلى أن إعادة تشكيل الطبيعة البشرية شيء لا يمكن إلا لنخبة قليلة من ذوي القدرات المالية أن تسعى وراءه؛ ما يضع النخبة في السيطرة ويجعل بقية العالم رعايا لهم، وهذا تجريد من الإنسانية ويمكن أن يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان.
يتناول الفيلم أيضاً مسألة الذكاء الاصطناعي، مستشهداً بالرقابة وكيف تكون الخوارزميات والذكاء الاصطناعي متحيزَين مثل المعلومات التي يتم تغذيتها لهما. ويركز على اعتماد المجتمع على التكنولوجيا، وكيف يمكن لعالم الإنترنت تتبع بياناتنا وكلامنا وأفكارنا والتحكم فيها. حتى إن حصولنا على الأخبار والمعلومات يكون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تتمتع بسيطرة كاملة على الأخبار والروايات.

كما يناقش الفيلم كيف تتحكم شركات التكنولوجيا الكبرى في حرية المعلومات بشكل أساسي، بالإضافة إلى بياناتنا وهوياتنا. ويرى الخبراء أن الشفافية والمساءلة وحرية النقاش ضرورية لمجتمع حر يوفر الفرص للجميع.
تضارب المصالح
ويهدد تضارب المصالح في الصناعة الطبية الصحة العامة؛ حيث يعتقد الخبراء أن الوكالات الحكومية المسؤولة عن الصحة قد فشلت في مهمتها لحماية وتعزيز صحة الناس، مستشهدين بالإفراط في العلاج، والعلاجات التجريبية غير الأخلاقية، والموافقة على المنتجات التي ثبت لاحقاً أنها ضارة. وكيف يتم تسويق البحث الذي يهدف إلى مساعدة البشرية في نهاية المطاف وتحويله إلى منتجات؛ ليصبح عملية مدفوعة بالربح وليس الأخلاق.

ويشير الاستحواذ التنظيمي إلى أن الهيئات التنظيمية للصحة العامة تصبح مدفوعة مالياً للعمل لصالح الشركات والصناعات التي من المفترض أن تنظمها. ويظهر الفيلم كيف تندفع الشركات إلى السوق بدعم وموافقة كاملة من الهيئات التنظيمية، على الرغم من تضارب المصالح الهائل.
وعلى سبيل المثال، يأتي معظم تمويل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية من شركات الأدوية التي من المفترض أن تنظمها. ويتم هذا بشكل أساسي من خلال رسوم مالية، والتي يمكن للشركات دفعها لتسريع عملية موافقة الإدارة على منتجاتها. وتشكل هذه الرسوم أكثر من نصف ميزانية عمل المؤسسة الضخمة. لذا، يتساءل الفيلم: كيف يمكن لإدارة الغذاء والدواء تنظيم صناعة تعتمد عليها؟
اقرأ أيضاً: لا خوف من نهاية عالم الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي حتى الآن
وحسب الفيلم، فإن البعض يسعون للحصول على المال والسلطة لفعل الخير، ويجب أن تكون هناك ضمانات لحماية الصحة والإنسانية. ويقول أولئك الذين ظهروا في الفيديو إن هناك عواقب لكل شيء يبنونه، ومن الضروري التفكير في المخاطر والفوائد المحتملة وتوقع الخطأ الذي يمكن أن يحدث.
ولتلافي الأخطاء، لا يتطلب الأمر أن نكون مناهضين للتكنولوجيا؛ ولكن أن نؤيد السلامة والأخلاق، وأن نكون أكثر حذراً؛ لأن مجرد كون التكنولوجيا أكثر تقدماً لا يعني أنها تساعد الناس، حتى إن بعض المشاركين في الفيلم ذهبوا للقول إن التكنولوجيا الحيوية هي أكبر عملية احتيال على الإطلاق، ونحن نعيش فيها.