الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
البؤساء.. الدرون توثِّق عنف الشرطة الفرنسية

كيوبوست
حالة الاحتقان الموجودة بين الشرطة الفرنسية والمهاجرين أصحاب البشرة السمراء حتى وإن تخللها الهدوء، هي الحالة التي أراد المخرج لادج لي، التعبير عنها في فيلمه “البؤساء” الذي حصل على جائزة لجنة التحكيم في الدورة الأخيرة من مهرجان كان السينمائي مناصفةً، والذي سيطلق خلال الأسابيع المقبلة بالصالات السينمائية.
شاهد: البرومو الترويجي لفيلم “البؤساء” إنتاج 2019
أحداث الشغب التي شهدتها العاصمة باريس في 2005 والتي بقيت في خلفية الأحداث، وحالة الاحتقان الموجودة بسبب سلوكيات الشرطة، نجح لادج لي في التعبير عنها من خلال فيلمه الجديد الذي وثَّق من خلاله المعاناة والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون ذوو البشرة السمراء في فرنسا وفي قلب العاصمة باريس؛ حتى إن كان رجال الشرطة أنفسهم من ذوي البشرة السمراء ومهاجرين أيضًا.
استلهم لادج لي فيلمه الروائي الطويل الأول من خلال فيلمه الروائي القصير “البؤساء” الذي عُرض في مهرجان كليرمون فيران السينمائي للأفلام القصيرة، العام الماضي، وهو مخرج فرنسي من مواليد مالي، سبق أن قدَّم عدة أفلام روائية قصيرة.
اقرأ أيضًا: “سنونوات كابول”.. من صفحات الكتب إلى شاشات السينما
عبر أكثر من مشهد يرسِّخ المخرج السلوك العدائي للشرطة في التعامل مع الشباب؛ سلوكها أشبه بنهج متبع في التعامل حتى مع أبسط الجرائم، فالأطفال والشباب تحت العشرين يجرون بمجرد رؤيتهم الشرطة؛ سواء أكانوا يرتكبون أعمالًا مخالفة للقانون أم لا، ورجال الشرطة يقومون بالتفتيش وإثارة الرعب دون حتى أن يقدموا اعتذارًا حتى لو كانوا مخطئين؛ لأن الشرطة لا تعتذر.
تبدأ أحداث الفيلم من خلال انضمام شرطي جديد إلى وحدة شرطية مهمتها التحرك في الشارع. يشارك الشرطي الجديد مع زميلَيه العريف الفرنسي الأصل والآخر صاحب الأصول الإفريقية؛ ليرافقهما في رحلة بشوارع الأحياء الفقيرة في باريس، وقبيل ذلك نرى استعدادات الفرنسيين لمشاهدة مباريات مونديال 2018 الذي فازت به وسط رهانات على مسجلي الأهداف.
ما بين صلاح المسلم المتشدد صاحب محل الطعام، وآخر لديه مجموعة من العاملين معه الخارجين عن القانون، وثالث يمتلك سيركًا متنقلًا سيقدم عروضه بالمنطقة مع مجموعة من الحيوانات المتوحشة، نشاهد الأحداث التي تنطلق من سرقة شبل صغير، فيسعى رجال الشرطة لاستعادته بعد تهديد صاحب السيرك، وهو من الغجر، بإشعال حرب في المنطقة؛ حيث سرق طفل أسمر الشبلَ من السيرك وشاهده أحد العاملين؛ لكن لم ينجح في ملاحقته.
اقرأ أيضًا: Icarus.. عندما تتدخل السياسة في الرياضة
تبدأ عملية ملاحقة الطفل الصغير بعد التعرف عليه عن طريق “إنستغرام”؛ حيث ينشر صورته مع الشبل، بينما يقوم الشرطي بالتعرف على هويته ويبدأ في ملاحقته، وخلال محاولة القبض عليه يدخل في مناوشات متعددة مع أصدقائه تنتهي بإطلاق الشرطي ذي الأصل الإفريقي رصاصة بشكل مباشر على الطفل سارق الشبل لتفريق زملائه.
حتى الآن تبدو الأمور طبيعية؛ لكن ما يزعج الشرطي الفرنسي الأصل هو اكتشافه أن هناك طائرة درون كانت تصور ما حدث.. لا يفكر الفرنسي في إنقاذ الطفل الذي فقد وعيه، بينما يفكر زميله المستجد في الطفل بمحاولة إنقاذه؛ لكن يجبره الشرطي الفرنسي الأصل على ضرورة البحث عن صاحب الطائرة الدرون التي وثَّقت ما حدث؛ حتى لا ينتهي مستقبله بالشرطة.
اقرأ أيضًا: في “Angel Has Fallen”.. روسيا بريئة من محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي
عملية البحث المعقدة عن الطائرة التي كان يلهو بها طفل صغير، تظهر الصراعات المكتومة في هذا الجانب من المجتمع الفرنسي؛ فكل الأطراف عندما تعلم بقصة التصوير تحاول الحصول على النسخة.. الرجل الذي يعمل مع الخارجين عن القانون يرغب في استغلاله ضد الشرطة، وصلاح الإسلامي المتشدد يسعى لاستغلاله أيضًا لمواجهة الشرطة وتصرفاتها، بينما يستعين الشرطي الفرنسي الأصل بمعتاد للإجرام؛ من أجل الوصول إلى الطفل، لكن في النهاية يذهب الطفل الصغير إلى صلاح، بينما يعالج الشرطي المستجد الطفل الصغير ويذهب به إلى الصيدلية ليداوي جروحه بشكل عاجل دون أن يذهب به إلى المستشفى؛ خوفًا من المساءلة القانونية.
تدخل الأحداث منعطفًا جديدًا؛ خصوصًا أن الطفل الذي تعرَّض إلى المسدس يعاني تشوهًا في وجهه، ويضطر إلى القول إنه وقع على الأرض؛ حتى يتركه الشرطي يعود إلى منزله. لكن عودته إلى منزله يصاحبها تطورات أخرى يسعى فيها للانتقام؛ وهو ما نشاهده ضمن مفاجآت عديدة بنهاية الأحداث.