الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

الانقسام السياسي الليبي.. صراع تغذيه أطماع الإخوان المسلمين

وجود دولة قوية موحدة في ليبيا يمثل خطراً وجودياً على الجماعة التي خسرت كل مواقعها

كيوبوست

لا سبيل لاستقرار ليبيا دون استئصال شأفة جماعة الإخوان المسلمين المصنفة إرهابية في عدد من الدول العربية؛ حيث تعمل الجماعة على تغذية الانقسام السياسي الحاد في البلاد، وحالة عدم التوافق على قاعدة دستورية تفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، قد تأتي برئيس قوي يسحق الجماعة وينهي آمالها في السيطرة على ثروات ومقدرات الليبيين، حسبما أكد مراقبون تحدثوا إلى “كيوبوست”.

وفشلت لجنة المسار الدستوري، التي عقدت اجتماعها الثالث في القاهرة قبل نحو أسبوع، في التوافق على المواد الخلافية في القاعدة الدستورية، وهي مناورة إخوانية لعرقلة أية تسوية أو توافق بين الفرقاء الليبيين.

الميليشيات سرطان ينهش أمن ليبيا

وتعيش ليبيا حالة تدهور أمني وسياسي مع انتشار الأسلحة الثقيلة والمتوسطة حوزة الجماعات المسلحة والميليشيات المناطقية والولائية؛ خصوصاً في المنطقة الغربية والعاصمة طرابلس التي شهدت الشهر الجاري اشتباكات مسلحة بين الميليشيات تسببت في حالة هلع للمدنيين وسط المدينة.

اقرأ أيضاً: انقسام إخوان ليبيا.. خلاف حقيقي أم مناورة للتمويه؟

وفشلت جهود الأمم المتحدة والفاعلين الدوليين والإقليميين في إجراء انتخابات رئاسية في ليبيا نهاية العام الماضي، وسط انقسام مناطقي واستفحال للفوضى في البلد الذي يخضع لسيطرة السلاح منذ سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، عقب ضربات جوية وجهها حلف شمال الأطلسي “الناتو” بالتزامن مع انتفاضة شعبية في 2011.

حسين مفتاح

ويرى الكاتب والصحفي الليبي حسين مفتاح، أن الإخوان المسلمين هم المتسببون في حالة الانقسام في ليبيا، وهذا يرجع إلى بنيوية تشكيل هذه الجماعة باعتبارها لا تعترف بالحدود من الأساس؛ فنجدها دائماً تتجاوز الحدود وترتبط بشكل عنقودي مع التنظيم الدولي، ولا تعترف بوجود ليبيا أو مصر أو تونس أو غيرها من الدول، ورغم عملها بشكل منفصل؛ فإنها ترتبط مصلحياً بعضها ببعض.

وقال مفتاح، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”: إن وجود دولة قوية موحدة في ليبيا يمثل خطراً وجودياً على الجماعة التي خسرت كل مواقعها في مصر وتونس والسودان والمغرب؛ حتى إن وجودها في بعض الدول الأخرى ضعيف وهامشي.

وأضاف أن “الإخوان” تعول بشكل كبير على الفوضى في ليبيا واستمرار حالة الانقسام؛ حتى تتمكن من استعادة بناء نفسها من جديد، وزرع بذورها في منطقة شمال إفريقيا من البوابة الليبية.

اقرأ أيضاً: تسليم عناصر الإخوان لمصر خطوة نحو تطبيع العلاقات وتصفير مشاكل أنقرة

وتابع: إن الجماعة تلعب دوراً كبيراً لعرقلة أي توافق وطني؛ والدليل على ذلك ما يقوم به المجلس الاستشاري للدولة ورئيسه خالد المشري، وفي كثير من الأحيان يظن البعض أنهم وصلوا إلى توافقات مع مجلس النواب في بعض القضايا؛ ولكنهم في الحقيقة سرعان ما ينقضون أي اتفاق ويعيدون الأمة الليبية إلى أسوأ حالاتها من جديد.

عقيلة صالح وخالد المشري

وأشار إلى فشل اللقاء الذي رتبته مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، بين المشري ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، في القاهرة، حين أعلن رئيس مجلس الدولة احتجاجه على جدول أعمال اللقاء، وغادر دون لقاء صالح.

اقرأ أيضاً: ليبيا.. المشري يتراجع عن تأييد باشاغا خشية خسارة الإسلاميين

وأوضح أن احتجاج المشري مجرد ذريعة؛ حتى لا يضع نفسه في التزام، لأن اللقاء برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم، وحضور المسؤولين المصريين، لا سيما اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي؛ ما يؤكد أنه لا دور لهذه الجماعة إلا الحفاظ على عدم التوافق، وإجهاض أية محاولة للتقارب بين الأطراف السياسية الليبية في كل مرة من المرات.

واستطرد مفتاح: الجماعة تستثمر هذا الانقسام بشكل كبير عبر اللعب في الخفاء والاعتماد على الفوضى؛ فهي لا تستطيع العمل في ظل وجود دولة مستقرة كاملة السيادة، لا سيما بعد تجاربها الفاشلة في معظم الدول، فقد حكموا مصر بشكل كامل، وأثبتوا فشلاً ذريعاً يخشون تكراره في أية تجربة أخرى؛ لهذا يستثمرون في الفوضى، ويضعون مقدرات ليبيا المالية والنفطية في خدمة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

اقرأ أيضاً: “تركستان الشرقية”.. آخر شعارات الإخوان للمتاجرة بقضايا المسلمين

دور معرقل

من ناحيته، قال المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، إن جماعة الإخوان المسلمين جزء أو طرف من الواقع الليبي المنقسم، ولا شك أنها أحد صناع هذا الانقسام والانسداد السياسي.

عز الدين عقيل

وأضاف عقيل، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن دور الإخوان المعرقل يكمن في سيطرتهم على مفاصل الدولة، ومنع غيرهم من الاقتراب منها، إلى جانب تركيزهم على العزل والإقصاء بكل الأدبيات السياسية التي يكونون طرفاً فيها؛ بسبب رغبتهم في السيطرة منفردين على المال العام والحكم والنفوذ.

وتابع: إن الإخوان يستفيدون من الانقسام بالبقاء في السلطة والحكم، وأما أداتهم في تحقيق ذلك فهي تعطيل كل سبل ومبادرات تجديد الشرعيات السياسية التي يظنون أنهم لن يكون لهم نصيب مهم بالجديد منها.

وأشار إلى حالة الرعب التي تنتاب الجماعة وقياداتها من تسبب أية شرعية سياسية جديدة في ظهور “سيسي” أو “سعيّد” آخر. ولذا فإن قمة منفعتهم هي بقاء الوضع على ما هو عليه.

اقرأ أيضاً: السودان تسلم مطلوبين لمصر في ضربة قاصمة للنفوذ الإخواني!

ونوه بأن الجماعة تعلمت الدرس من سيناريوهات مصر وتونس، ويتجلى ذلك في انتهاجهم وتيرة أعلى في تغذية الفتن والصراعات والفوضى والعنف العبثي المنهك، لإبعاد الظروف الملائمة لإعادة استنساخ إحدى التجربتَين في ليبيا.

نزار الجليدي

وقال المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، إن الانقسام الذي تعيشه ليبيا من صميم صنع الإخوان المسلمين، الذين لا يسمحون لأي رئيس حكومة مكلف من مجس النواب بدخول العاصمة طرابلس إلا بشروطهم.

وأضاف الجليدي أن الجماعة لم تترك أي وفد تفاوض على التوافق والاستقرار في ليبيا إلا وكانوا حضوراً بين أعضائه، حاملين أجندة الشقاق وعدم الاستقرار، وما حدث في الصخيرات وتونس وجنيف وبرلين دليل على أنهم الوجه الآخر لإخوان تونس بقيادة راشد الغنوشي؛ فهم لا يتحركون دون تنسيق مسبق بين عناصرهم في الدولة التونسية.

ومضى قائلاً: تاريخياً، ليس للإخوان وجود في البيئة القبلية الليبية؛ لكن تمت زراعتهم عن طريق القيادي الإخواني علي الصلابي، ورجل تنظيم القاعدة القوي عبدالحكيم بلحاج، عبر التنسيق مع راشد الغنوشي؛ حتى أصبحت هذه المجموعات عابرة للحد الفاصل بين الدولتَين، فالأخونة تمر بالسلاح والمال في ليبيا والتخطيط من الوجه الآخر في تونس.

راشد الغنوشي

وأشار إلى أن عناصر الإخوان المسلمين يحترفون فقط صناعة الموت والخراب؛ من أجل ألا تكون طرابلس كعادتها اليافعة وأسوارها التي تحصنت دائماً من سرطان الإخوان الذي تغلغل في إدارة المؤسسات المالية والنفطية، فضلاً عن استخدام المقاتلين والميليشيات كورقة ضغط لاستعمالها في خلق الدمار والفوضى.

اقرأ أيضًا: “مغارة علي بابا”.. المال والنفوذ يغذيان صراع الإخوان

وشدد على أن الجماعة لا تتمتع بالكياسة التي تجعلها تراجع نفسها بالنظر إلى دروس التاريخ في مصر وتونس والجزائر، بل العكس يحاولون تدمير كل شيء في ليبيا؛ من خلال الاعتماد على قوة السلاح والفوضى والهمجية، وعدم وجود مجتمع مدني قوي.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة