الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
الانسحاب مستبعد: مؤشران على البقاء الأمريكي في سوريا
هل تراجع ترامب عن قراره؟

كيو بوست –
تناقض كبير يشوب السياسة الأمريكية بين الأقوال والأفعال، على الساحة السورية؛ فبينما أعلن الرئيس دونالد ترامب عن قرار الانسحاب من سوريا، تسير المجريات على الأرض بعكس ذلك، كما أن مسؤولين كبارًا في إدارته يخطون خطوات معاكسة.
بعد أسابيع من إعلان قرار الانسحاب، تحولت الأحاديث من مناقشة أبعاد الخطوة إلى تسليط الضوء على ما يبدو تراجعًا أمريكيًا عن الخطوة، وهنالك مؤشرات عدة يمكن رصدها.
اقرأ أيضًا: فورن أفيرز: الانسحاب الأمريكي من سوريا سيتيح لإيران تنمية شبكة ميليشياتها
المؤشر الأول: المعارضة الداخلية
واجه إعلان ترامب معارضة شديدة داخل إدارته، خصوصًا من طرف وزير خارجيته مايك بومبيو، ومستشاره للشؤون القومية جون بولتون، ويبدو أن المعارضة هي التي أخذت على عاتقها تبديد هذا الانسحاب.
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو صرح أن الانسحاب من سوريا سيجري، لكن ليس هنالك ما يدل على جدية التصريح، إذ بعد أن أعلن ترامب عن انسحاب كامل وفوري من سوريا، أعلنت الإدارة الأمريكية -على لسان بومبيو وبولتون- شروطًا من شأنها أن ترجئ الانسحاب إلى أجل غير مسمى.
وتتمثل هذه الشروط في هزيمة نهائية لتنظيم داعش الذي لا يزال متواجدًا في بعض النقاط في سوريا، والتأكد من أن المقاتلين الأكراد -الذين قاتلوا الجهاديين بمساندة الأمريكيين- سيكونون في مأمن، في وقت تهدّد فيه تركيا بشن هجوم عليهم.
وقال الوزير الأمريكي: “التزامنا باستمرار العمل على منع عودة ظهور الدولة الإسلامية حقيقي وكبير وسنواصل العمل به. ببساطة سنقوم بذلك بطريقة مختلفة في مكان محدد هو سوريا”.
اقرأ أيضًا: هذا ما ستجنيه إيران من الانسحاب الأمريكي من سوريا
التصريح حول التأكد من أمن الأكراد يثبت عدم فاعلية تحقق هذا الشرط؛ فتركيا أعلنت عن نواياها علنًا بمهاجمة كل القوى الكردية في سوريا واحتلال مناطقها، عقب الانسحاب الأمريكي المفترض.
عن هذا التدخل من المسؤولين الأمريكيين، يكتب الكاتب محمد قواص: “تعيد مؤسسة الحكم الأمريكي الإمساك بقرار الدولة الحقيقي في شأن له علاقة بالأمن الإستراتيجي. من غير المسموح أن تقرر دردشة شخصية بين ترامب وإردوغان مصير التواجد العسكري الأمريكي في سوريا، كما لم يكن مسموحًا أن تقرر الدردشة السرية التي جرت خلف الأبواب في هلسنكي في يوليو/تموز الماضي بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين خارطة طريق أخرى لطبيعة العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة”.
المؤشر الثاني: القواعد الدائمة
تمتلك الولايات المتحدة قواعد عسكرية، تعتبرها إستراتيجية في سوريا، أبرزها قاعدة التنف على الحدود مع الأردن والعراق.
من وجهة نظر مراقبين، فإن من الصعب أن تفرط الولايات المتحدة بهذه القاعدة.
خبراء عسكريون قالوا إن التخبط يسود المشهد الأمريكي منذ الإعلان الأمريكي عن انسحاب القوات من سوريا، خصوصًا داخل دوائر صنع القرار، وأن العملية لم تكن واضحة بالشكل الكافي منذ البداية، الأمر الذي شكك في الالتزام بتنفيذها.
اقرأ أيضًا: انسحاب أمريكي من سوريا: الأكراد في عين العاصفة وحروب متوقعة لسد الفراغ
وأضاف الخبراء، لوكالة سبوتنيك الروسية، أن الإبقاء على القوات الأمريكية في “قاعدة التنف” يرتبط بالعديد من العوامل، أهمها هو الحفاظ على الجماعات المسلحة وعائلاتهم الموجودة في مخيمات المنطقة، وكذلك وجود المنطقة في مثلث الحدود الأردني العراقي، ما يجعل الولايات المتحدة أمام الالتزام الدولي بشأن المسلحين الموجودين بجوار العراق والأردن، خصوصًا أنها من جلبهم إلى تلك المنطقة. كما أن الإدارة الأمريكية ترى أنه حال انسحاب قواتها ستترك المسلحين وعائلاتهم عرضة لعمليات الجيش السوري، الذي ترى أنه سيدخل للسيطرة على المنطقة عقب الانسحاب منها.
وتقع في التنف -في الجنوب السوري، بالقرب من المثلث الحدودي للعراق والأردن مع سوريا- إحدى القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا، ويوجد قرب القاعدة مخيم الركبان، الذي يقيم فيه 70 ألف شخص.
وسبق أن صرح مسؤول أمريكي رفيع المستوى أن الولايات المتحدة قد تبقي على جزء من قواتها في سوريا، خصوصًا في قاعدة التنف جنوبي البلاد، لكن إدارة الرئيس دونالد ترامب، لم تتخذ أي قرار بهذا الشأن.