شؤون دولية

الاحتجاجات الإيرانية تفاقم صراع أقطاب النظام الإيراني

مركز ستراتفور يكشف: من هي الأطراف الإيرانية المستفيدة من الاحتجاجات الشعبية؟

ترجمة- كيو بوست

“أظهرت الاحتجاجات في طهران الخصومات داخل النخبة الإيرانية الحاكمة، ومن الواضح أن التظاهرات في الشوارع تخدم المتشددين السياسيين، مثل مسؤولي الحرس الثوري والمؤسسة الدينية، في مواجهة المعتدلين في حكومة روحاني”، هذا ما ذكره مركز ستراتفور الأمريكي للأبحاث الإستراتيجية، في نشرة تنبؤاته العامة الثالثة لعام 2018.

وأضاف ستراتفور في نشرته أن “الضغوطات الاقتصادية المتزامنة مع الاضطرابات الداخلية قد تجبر النظام في طهران على التخلي عن التزاماته بالاتفاق النووي”.

شهدت إيران احتجاجات محلية عارمة استجابة للأزمة الاقتصادية في البلاد. في الرابع والعشرين من يونيو / حزيران، جرى تنظيم احتجاجين كبيرين في مراكز تسوق ضخمة، ضد تجار التجزئة في قطاع الاتصالات، الذين امتنعوا عن عرض السلع، واكتنزوا الهواتف والإلكترونيات في مخازنهم، من أجل بيعها فيما بعد بأسعار أعلى، في الوقت الذي انخفضت فيه قيمة الريال الإيراني. وفي الخامس والعشرين من يونيو / حزيران، أغلق العديد من تجار سوق البازار الكبير محلاتهم التجارية، احتجاجًا على انخفاض قيمة العملة، وساروا متظاهرين إلى مبنى البرلمان في طهران.

وفي السابع والعشرين من حزيران / يونيو، وقّع 187 عضوًا برلمانيًا –ثلث الأعضاء– على بيان يطالبون فيه فروع الحكومة الثلاثة التعامل والاستجابة للاحتجاجات والاقتصاد المتعثر، حتى أن بعض المشرّعين هددوا بخوض عملية عزل الرئيس روحاني، في حال أخفق في تعديل فريقه الاقتصادي، وفي حال فشل في التعاون مع القضاء والبرلمان.

هذا وتفاقمت أزمات الاقتصاد الإيراني٫ خصوصًا بعد أن صعّدت واشنطن من عقوباتها الاقتصادية على طهران، لا سيما بعد أن طالبت حلفاءها بوقف استيراد النفط الإيراني. ومن أجل تشتيت الانتباه عن ضعف الحكومة في تعاملها مع الوضع الراهن، تظاهر روحاني بالشفافية، عبر إلقاء اللوم على الولايات المتحدة من جهة، وأصحاب المتاجر الإيرانية الفردية من جهة أخرى. لكن الرئيس الإيراني لن ينجح في ذلك طويلًا، فالوضع الاقتصادي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، لا سيما أن صادرت النفط الإيرانية سيجري تقليصها خلال العام المقبل، مما يعني سقوط الاقتصاد الإيراني إلى مزيد من الحفر، وخروج المزيد من الاحتجاجات.

حتى الآن، يبدو أن هذه التظاهرات مدفوعة من الطبقة الوسطى في المناطق الحضرية والمدنية والضواحي، وهي فئة ضخمة، اعتادت في السابق على دعم المعتدلين مثل روحاني، واعتادت كذلك على البقاء خارج دائرة الاحتجاجات، التي انطلقت من قبل الفقراء والريفيين في بادئ الأمر. لكن كما نرى اليوم، لم يعد الأمر مقتصرًا على الفقراء في الريف، بل انضمت كذلك الطبقة الوسطى في المدن. ولذلك، فمن شأن مشاركة الطبقة العليا في الاحتجاجات أن تصعّد من الاضطرابات٬ وأن تهدد استقرار الحكومة ككل.

وفي حال بقيت الاحتجاجات محدودة جغرافيًا وقابلة للتحكم، سيواصل المتشددون داخل الحكومة استخدام الاضطرابات لمحاولة إضعاف إدارة روحاني، تمامًا كما فعلوا في البيان البرلماني الأخير. هنالك نزاع بين الفصائل السياسية الإيرانية، ولذلك، من شأن التدهور الاقتصادي بحال تواصل واستمر أن يدفع المتشددين –الذين يسيطرون على الحكومة أكثر من معتدلي روحاني– إلى ممارسة مزيد من السيطرة على شؤون البلاد ككل. وقد يحاولون إشراك أنفسهم في السياسة الاقتصادية المحلية، وهو أمر من صلاحيات الرئيس. وفي هذا السياق، هدد صادق لاريجاني، رئيس السلطة القضائية، في السادس والعشرين من يونيو / حزيران، المتظاهرين “بالإعدام شنقًا” بعد أن وصفهم بأوصاف “الخيانة” و”تعطيل الاقتصاد من خلال وسائل فاسدة”.

هنالك أيضًا تقارير تفيد بأن الجماعات المتشددة -مثل الحرس الثوري والمؤسسة الدينية– دعمت الاحتجاجات. وما يدلل على أن هذا صحيح، هو أن المنافذ الإعلامية المرتبطة بهاتين المؤسستين وفَرت تغطية واسعة للاحتجاجات. لكن في الوقت نفسه، يمكن تفسير ذلك على أنه محاولة لإضعاف سلطة روحاني ونزع المصداقية عن إدارته، بدلًا من تشجيع المظاهرات فعليًا، لا سيما أن الاضطرابات ستؤدي مع مرور الوقت إلى زعزعة استقرار الأرضية السياسية التي يقفون عليها جميعًا.

 

المصدر: مركز ستراتفور الأمريكي للدراسات الاستراتيجية

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة