الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يتصدع.. مَن يخلف الريسوني؟

مصادر مطلعة كشفت لـ"كيوبوست" أن أبرز الأسماء المرشحة لخلافة الريسوني تنحصر بين اسمين لا ثالث لهما

كيوبوست – حسن الأشرف

برز تصدع كبير داخل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المنظمة الإسلامية ذات الامتدادات “الإخوانية”، بعد تقديم رئيسها المغربي أحمد الريسوني، استقالته إثر ضغوط شديدة، وأيضاً تجميد علماء جزائريين عضويتهم داخل الاتحاد، وغضب علماء موريتانيين بسبب تصريحات الريسوني التي أثارت جدلاً عارماً قبل أيام خلت.

وتقدم الريسوني بطلب الاستقالة من رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يوجد مقره في العاصمة القطرية الدوحة، علله في بيان له على موقعه الرسمي على الإنترنت بكونه “متمسكاً “بمواقفه وآرائه الثابتة الراسخة، التي لا تقبل المساومة، وحرصاً على ممارسة حريته في التعبير دون شروط ولا ضغوط.

اقرأ أيضاً: لسان الريسوني يثير الزوابع وأتباعه يتبرؤون منه!

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لم يتأخر سريعاً في الرد على طلب استقالة الريسوني، من خلال بلاغ -أيضاً- ورد فيه أن “مجلس الأمناء للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين توافق على الاستجابة لرغبة الشيخ الدكتور أحمد الريسوني بالاستقالة من رئاسة الاتحاد”، مردفاً أنه “تغليباً للمصلحة وبناءً على ما نص عليه النظام الأساسي للاتحاد، فقد أحالها إلى الجمعية العمومية الاستثنائية كونها جهة الاختصاص؛ للبت فيها في مدة أقصاها شهر”.

تداعيات لسان الريسوني

وبدأت القصة المثيرة عندما استضاف برنامج مغربي، يُبث على موقع يوتيوب، الداعية الإسلامي أحمد الريسوني؛ لمناقشة العديد من الموضوعات، منها مسارات الحركة الإسلامية في المغرب، ورؤيته لمدى نجاح إسلاميي المغرب في “التمايز” بين ما هو سياسي ودعوي، كما تطرق إلى موضوعات أخرى أثارت عليه لغطاً وسخطاً عارمَين.

أحمد الريسوني

ومن الملفات السجالية التي فجَّرت هذا الجدل وأفضت في النهاية إلى استقالة الريسوني، حديثه عن موريتانيا التي لم يسمِّها باسمها كبلد ذي سيادة؛ بل قال عبارة “ما يسمى موريتانيا”، معتبراً أن “علماء وأعيان ما يسمى موريتانيا، أو بلاد شنقيط، بيعتهم ثابتة للعرش الملكي المغربي”.

وزاد الريسوني بأن قضية موريتانيا صناعة استعمارية، وأن المغرب اعترف بموريتانيا، وبالتالي “تركت للتاريخ ليقول كلمته في المستقبل”، مضيفاً أنه “حتى وجود موريتانيا غلط، فضلاً عن الصحراء، والمغرب يجب أن يعود كما كان قبل الغزو الأوروبي”.

اقرأ أيضاً: الريسوني وبن كيران.. صراع “إخوان المغرب” يظهر للعلن

وأثارت تصريحات الريسوني هذه غضب هيئة علماء موريتانيا، وأيضاً القيادات الإسلامية الموريتانية داخل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كما أثار كلام الريسوني عن “الزحف إلى تندوف لتحرير الصحراء” غضب علماء جزائريين داخل “المنظمة الإخوانية” نفسها؛ فجمدوا عضويتهم احتجاجاً على “لسان الريسوني”.

واعتبر العديد من العلماء المسلمين “المحايدين” أنه بهذه الآراء التي كشف عنها الريسوني تحول الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى منظمة “التفرقة العالمية لعلماء المسلمين”، وعوض أن توحد هذه المؤسسة بين شعوب الدول الإسلامية باتت تزرع بذور الشقاق بينها، باستعار نيران الفتنة بين الشعوب المغربية والموريتانية والجزائرية.

يوسف القرضاوي يتوسط الريسوني والقرة داغي

وعقب كل هذا الجدل المثار، والضغوطات التي تعرض إليها الريسوني للدفع به نحو الاستقالة من رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يتهيأ مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لعقد مؤتمر استثنائي “عن بُعد”، بالتقنية الافتراضية، سيتم فيه البت في نقطة فريدة؛ تتمثل في قبول استقالة الريسوني رسمياً وبشكل نهائي، واختيار رئيس مؤقت لتدبير شؤون المنظمة إلى موعد عقد المؤتمر العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في مقبل الشهور.

“التفرقة العالمية لعلماء المسلمين”

وأفادت مصادر مقربة من الريسوني، في تصريحات لـ”كيوبوست”، أن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لم يكن يعلم أن تصريحاته بخصوص موريتانيا -خصوصاً- ستجد كل هذه الانتقادات، وكان يعتقد أنه مجرد رأي شخصي له في موضوع تمت إثارته في برنامج إعلامي، ولن يصل إلى حد الاضطرار إلى تقديم استقالته.

اقرأ أيضاً: بماذا يختلف أحمد الريسوني عن سلفه القرضاوي في رئاسة “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”؟

ووفق المصادر نفسها، فإن الريسوني تفاجأ بعدم “تضامن” الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين معه بشكل قوي، أو على الأقل البقاء على “خط الحياد”؛ حيث سارع الاتحاد إلى “التبرؤ” من تصريحاته، وهو ما دفع الريسوني إلى إعلان طلب الاستقالة التي نشرها على موقعه، كخطوة استباقية قبل أن تتم إقالته.

د. إدريس الكنبوري

ويعلق الخبير في الجماعات الإسلامية الدكتور إدريس الكنبوري، في تصريحات لـ”كيوبوست”، بأن الريسوني وقع تحت ضغوط قوية من أجل تقديم استقالته بعد تصريحاته الأخيرة حول نزاع الصحراء وموريتانيا؛ مما أدى إلى “انسحاب الأعضاء الجزائريين من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وكاد يهدد هذا الأخير بالانفجار والتفكك”.

واستطرد الكنبوري بالقول: “رغم إعلان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن موقف الريسوني يلزمه شخصياً، ولا يلزم مؤسسة الاتحاد؛ فإن تداعيات القضية لم تهدأ، لأن استمرار وجود الريسوني على رأس الاتحاد سيبقى دائماً برهان عدم حيادية هذا الأخير”.

ويرى مراقبون أن الريسوني لم يحترم ما يفرضه عليه منصبه الاعتباري كرئيس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي من المفترض أن يلم شمل المسلمين، لا أن يتسبب في إثارة “النعرات الجغرافية” بينهم؛ حيث كان الأحرى به أن ينأى عن الأسئلة ذات الحساسية التي تتعلق بسيادة الدول، وأن يترفع عن التصريح علناً بآرائه الشخصية ما دام البرنامج استضافه بصفته رئيساً للاتحاد العالمي للمسلمين.

اقرأ أيضاً: عندما يُطوع “الريسوني” المقاصد الشرعية لخدمة السياسة.

ويبدو أن الريسوني، وَفق هؤلاء المراقبين، يؤدي فاتورة “الخلافات الداخلية الصامتة” داخل مؤسسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؛ خصوصاً بسبب اختلاف جنسيات وأصول الدعاة والعلماء الأعضاء داخل المنظمة، لا سيما بين المغاربة والجزائريين والموريتانيين، فضلاً عن جنسيات ومرجعيات أخرى.

خليفة الريسوني

وجواباً عن سؤال بشأن الخليفة المحتمل للريسوني، أكد الكنبوري أن “الأمر اليوم سابق لأوانه؛ لأن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سيجتمع بعد قبول الاستقالة والبت فيها ويقرر مَن يخلف الريسوني، اختيار الرئيس الجديد لهذه المنظمة -هذه المرة- سيخضع لمناخ الأزمة الأخيرة”.

ويشرح المحلل نفسه بأن “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سيبحث عن شخص تتوافر فيه شروط الحياد ويحصل على تأييد الغالبية؛ خصوصاً أن اختيار الرئيس الجديد سيحصل في الوقت نفسه مع المفاوضات مع الجزائريين لتجميد استقالتهم”.

ولفت الكنبوري إلى أنه “علاوة على ذلك ستتم مراعاة المواصفات السابقة في الاختيار؛ أي أن يكون الرئيس الجديد مقبولاً من الدولة التي ترعاه؛ أي قطر، ومن يوسف القرضاوي الرئيس المؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”.

مصادر مطلعة من جهتها كشفت لـ”كيوبوست” أن أبرز الأسماء المرشحة لخلافة الريسوني هو: محيي الدين القرة داغي الأمين العام الحالي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي يمتلك حظوة خصوصاً لدى الرئيس المؤسس القرضاوي، والذي -وفق المصادر نفسها- يملك مواصفات “الحياد” بين باقي الأعضاء البارزين داخل الاتحاد.

اقرأ أيضاً: “العدالة والتنمية” و”حركة الإصلاح” .. “مجرة الإخوان” في المغرب

وتبعاً للمصادر نفسها، فالاسم الثاني الأقرب إلى خلافة الريسوني هو عصام البشير وزير الأوقاف السوداني الأسبق، وهو نائب رئيس الاتحاد ورئيس لجنة الثوابت والفكر الإسلامي، وهو -تبعاً للمصادر نفسها- وجه إعلامي ودعوي مألوف يحظى بدعم العديد من العلماء الأعضاء في المنظمة الإسلامية المعنية.

وتوجد أسماء أخرى قد تجد الطريق إلى خلافة الريسوني، بعد الأزمة التي هددت بتفكيك الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، من قبيل الشيخ أحمد الخليلي نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعلي الصلابي الليبي الأمين المساعد للاتحاد رئيس لجنة الطباعة والنشر، ومحمد الحسن ولد الددو رئيس لجنة الوساطة والمصالحة، والذي يحظى بقبول كبير بين علماء وشخصيات الاتحاد.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

حسن الأشرف

صحفي مغربي

مقالات ذات صلة