الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
“الإيكونوميست”: أكبر تهديدات إسرائيل يأتي من الداخل

كيوبوست- ترجمات
نشرت مجلة “الإيكونوميست” مقالة بشأن حلول الذكرى السنوية الـ75 لتأسيس إسرائيل؛ تناولت فيها مراحل صمودها، وتغلبها على الصعاب، وصولاً إلى القوة والازدهار. وأبرزت التحديات الحالية والمستقبلية، ووصفت الحلول؛ وعلى رأسها الحاجة إلى تسوية سياسية جديدة تقلِّص من قوة المتطرفين.
ويشير التقرير إلى أن إسرائيل سوف تواجه مجموعة مختلفة من الفرص والتهديدات في العقود المقبلة. يمكن رؤية بعض من هذا في الاضطرابات التي شهدتها الأسابيع الأخيرة: أزمة دستورية حول استقلال القضاء أثارتها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، وفراغ مخيف في السلطة في الضفة الغربية الراكدة، وتمزيق قواعد النظام القديم الذي تقوده الولايات المتحدة؛ مع إبرام المملكة العربية السعودية وإيران والصين صفقات جديدة.

لقد هدَّد خطر الغزو بقاء إسرائيل في القرن العشرين. أما في القرن الحادي والعشرين، فيكمن الخطر في أن تستنزف الانقسامات الداخلية من القوة وسرعة الحركة التي تحتاج إليها للازدهار.
تحديات ثلاثة
براعة إسرائيل وقدرتها على الصمود سوف تُختبر مرة أخرى من خلال ثلاثة اتجاهات جديدة؛ أولاً: الديموغرافيا؛ فهذه الدولة الفتية يمكن أن يرتفع عدد سكانها من 10 ملايين الآن إلى 20 مليون نسمة بحلول عام 2065، لكنها تزداد انقساماً.
يعتمد ائتلاف نتنياهو على الأحزاب الدينية اليمينية المتطرفة المتورطة في حركة الاستيطان المتنامية. وانعكاساً لذلك، تريد الحد من استقلال المحاكم، التي تعتبرها غير تمثيلية. في الوقت نفسه، سترتفع نسبة المواطنين الأرثوذكس المتطرفين -وهي مجموعة أقل احتمالاً أن تعمل أو تؤدي الخدمة العسكرية أو تلتحق بالمدارس التقليدية- من 13% الآن إلى 32% بحلول عام 2065. وهذا من شأنه أن يزيد من تفتيت الناخبين، ويحوِّل دفة السياسة نحو اليمين؛ ما يُشكِّل خطورة على الطابع الديمقراطي الليبرالي لإسرائيل. وإذا استمر ابتعاد إسرائيل عن القيم الليبرالية؛ فإن ذلك سيعرض الازدهار إلى الخطر. قد يضطر المبرمجون والرأسماليون والمبدعون للانتقال إلى مكان آخر.
اقرأ أيضًا: تأثيرات اليمين المتطرف على الحكومة الإسرائيلية الجديدة
ثانياً: تلاشي الأهمية العالمية للفلسطينيين، الذين يعيش 3 ملايين منهم في الضفة الغربية تحت الاحتلال الإسرائيلي “المؤقت”، و2 مليون منهم محاصرون في غزة. في القرن العشرين، بذل الرؤساء الأمريكيون جهوداً حثيثة في محاولة للتوصل إلى اتفاق سلام، على افتراض أنه المفتاح لجعل إسرائيل آمنة وإطلاق العنان لإمكانات الشرق الأوسط. لكن الآن، استسلم العالم ومضى قدماً. بالنسبة إلى إسرائيل قد يبدو هذا وكأنه نعمة. ومن غير المرجح أن تجبرها قوى خارجية على تقديم تنازلات كبيرة بشأن الأراضي أو بناء المستوطنات، حتى في الوقت الذي أقامت فيه علاقات سياسية ودفاعية واقتصادية مع المزيد من الدول العربية من خلال اتفاقيات إبراهيم، الموقعة في عام 2020.
ولكن على المدى الطويل، من الصعب أن يصب تجاهل الفلسطينيين في مصلحة إسرائيل. الفجوة الاقتصادية تزداد اتساعاً: الناتج المحلي الإجمالي للفرد في الضفة الغربية أقل بنسبة 94% منه في إسرائيل، ويعادل مثيله في بابوا غينيا الجديدة. السلطة الفلسطينية تنهار، بعدما علَّق قادتها الطاعنون في السن الانتخابات وفقدوا شرعيتهم.
ذات يوم، قبل المتشددون الإسرائيليون على مضض فوائد التنمية الاقتصادية المتبادلة، حتى عندما حرموا الفلسطينيين من حقوقهم السياسية. والآن تريد الأحزاب اليمينية الصاعدة في إسرائيل عزل الضفة الغربية وإفقارها. وقد ينتهي بها المطاف هي وغزة الأكثر بؤساً إلى دويلات فاشلة؛ ما يُعرِّض سلامة إسرائيل ومكانتها الأخلاقية للخطر.
التحوُّل الثالث والأخير يتمثل في ظهور عالم متعدد الأقطاب؛ لقد كانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف بإسرائيل في عام 1948، وكذلك حليفها القوي. لكن توازن القوى العالمي الأكثر توزيعاً سيخلق فرصاً جديدة لإسرائيل؛ بما في ذلك الروابط مع الجيران العرب ومع الصين والهند، اللتين لا تهتمان كثيراً بالفلسطينيين. وبالفعل أصبح التبادل التجاري الإسرائيلي مع آسيا أكبر من نظيره مع الولايات المتحدة. لكن المعضلة هي أن واشنطن لا تزال توفر 66% من وارداتها من الأسلحة وضمانة أمنية بحكم الأمر الواقع تردع الهجمات؛ بما في ذلك من إيران. وعلى المسار السياسي الحالي غير الليبرالي لإسرائيل، فإن الدعم الشعبي لها في الولايات المتحدة سوف يتراجع ويزداد تحزباً: واحد من كل أربعة يهود أمريكيين يقولون إنها دولة فصل عنصري.
اقرأ أيضًا: من يهدد الديمقراطية الإسرائيلية؟
خطة لعام 2048
لقد كتب أول رئيس وزراء إسرائيلي، ديفيد بن غوريون، في مذكراته، أن “مصير إسرائيل يكمن في أيدي قواتها الدفاعية”. اليوم يكمن أيضاً في نظامها السياسي.

الحل الآن يتمثل في إيجاد تسوية سياسية جديدة تقلل من قوة المتطرفين، ومرنة بما يكفي لاستيعاب الضغوط الناجمة عن التحولات الديموغرافية. ولهذا السبب؛ يجب على إسرائيل أن تعد وثيقة دستورية تُقنن سلطات البرلمان والمحاكم، وتُشجِّع على إعادة التنظيم الحزبي بما يمنح أغلبيته الوسطية وزناً أكبر؛ الأمر الذي يتطلب خروج نتنياهو المثير للانقسام. ومن شأن السياسات الأكثر اعتدالاً في الداخل أن تُبقي المجال مفتوحاً أمام إمكانية اتخاذ موقف أكثر عدلاً وبرجماتية تجاه الفلسطينيين، وتقلِّل من خطر القطيعة مع واشنطن. إسرائيل تتحكم في مصيرها.
المصدر: الإيكونوميست