الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دولية
الإمارات وفرنسا.. عشر سنوات من شراكة استراتيجية نوعية
زيارة مهمة لولي عهد أبوظبي إلى باريس لبحث ملفات إقليمية أبرزها ملف أفغانستان ومكافحة الإرهاب

كيوبوست
وصل ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى باريس في زيارةٍ يلتقي خلالها الرئيسَ الفرنسي إيمانويل ماكرون، لبحثِ عديد الملفات الإقليمية، والتي تتشارك باريس وأبوظبي وجهاتِ النظر حولها، في وقتٍ تنظر فيه فرنسا إلى علاقتها مع الإمارات العربية المتحدة نظرة الشريك الاستراتيجي في منطقة الخليج، وهي المنطقة التي تحظى باهتمام فرنسا البالغ خلال العقدين الأخيرين.
اتخذتِ العلاقةُ الاستراتيجية، بين باريس وأبوظبي، بعداً آخر منذ 17 أغسطس الماضي، حيث استخدمت فرنسا قاعدتها العسكرية في أبوظبي لإقامة جسرٍ جوي طارئ بين كابول وباريس، الهدف منه إجلاء العديد من الرعايا الفرنسيين، والمواطنين الأفغان، المهددين من قبل حركة طالبان، بسبب تعاونهم مع فرنسا. وقد أتاح هذا التعاون العسكري بين فرنسا والإمارات العربية المتحدة إجلاء أكثر من 2000 شخص إلى باريس، غالبيتهم العظمى من الأفغان.
اقرأ أيضًا: الإمارات وبايدن.. نحو احتواء رئيس جديد متحمس لمحو بصمة سلفه
بحسب مراقبين فرنسيين، فإن استخدام القاعدة الفرنسية في أبوظبي لإجلاء هؤلاء المواطنين الأفغان، ومواطني التحالف المعرضين للخطر، هو تتويج لعقدٍ من الشراكة بين فرنسا والإمارات العربية المتحدة، تلك الشراكة التي بدأت في العام 2009 حين زار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هذا البلد الخليجي لافتتاح أول قاعدة عسكرية فرنسية في المنطقة. في ذلك الوقت، قال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد إن الشراكة مع فرنسا “أولوية قصوى”.

منذ ذلك الحين، أصبحتِ الإمارات إحدى الركائز الرئيسية في تمكين الجيش الفرنسي، وتوسيع قدراته على الانتشار في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وما الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية جان إيف لودريان، ووزيرة الجيوش فلورنس بارلي، إلى أبوظبي، إلا أكبر دليل على ذلك، حيث تم الإعلان عن نشر تعزيزاتٍ عسكرية في القاعدة الفرنسية لتسهيل جهود الإجلاء من أفغانستان.
اقرأ أيضًا: صعود الإمارات ومعنى محمد بن زايد
لكن الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات العربية المتحدة وفرنسا لا تقتصر فقط على الشراكة العسكرية والدفاعية، بل تمتد إلى العديد من القضايا الجيوسياسية والتي يتشارك البلدان وجهاتِ النظر حولها. فالبلدان، مثلاً، يدافعان عن حرية الملاحة في مياه الخليج، بعد التهديدات الإيرانية لمضيق هرمز، حيث عرضت فرنسا نشر فريق أوروبي انطلاقاً من قاعدتها البحرية في الإمارات، لاستقصاء معلومات حول سلامة الملاحة في المياه الإقليمية، وكان من المفترض أن تنطلق هذه المهمة البحرية في موعد أقصاه ربيع هذا العام، بمشاركة إماراتية.
كما تتعاون الإمارات مع الأجهزة الفرنسية في ملف مكافحة الإرهاب المرتبط بالتطرف الديني، وهو الملف الذي عانت منه فرنسا خلال العقد الماضي، حيث تجد باريس أن التوجه الإماراتي في مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين يلتقي إلى حد كبير مع المقاربة الفرنسية لهذا الملف، حيث تسعى باريس إلى الحد من الانفصالية الإسلامية، ويتفق الجانبان على رؤية معتدلة لإسلام مندمج في المجتمع.

الأمر لا يقتصر على محاربة التطرف في الشرق الأوسط فقط، بل إن التعاون بين باريس وأبوظبي قد وصل إلى إفريقيا، حيث يعد الدعم المالي المقدم من دولة الإمارات العربية المتحدة للمهمة العسكرية في منطقة الساحل، علامة ملموسة على دعم دولة الإمارات العربية المتحدة لكل الجهود الرامية لمحاربة التطرف الديني في القارة الإفريقية.
اقرأ أيضًا: ترحيب دولي بانضمام الإمارات إلى جهود مكافحة الإرهاب في إفريقيا
وعلى صعيدٍ آخر، تعارض كلٌّ من فرنسا والإمارات العربية المتحدة التوسعَ التركيَّ في المنطقة الأورومتوسطية. لهذا، قدَّمت فرنسا دعمها الكامل؛ دبلوماسياً وعسكرياً، لليونان التي تطالب أنقرةَ باحترام سيادتها البحرية في شرق المتوسط.
الإمارات، بدورها، قدَّمت دعمها لليونان في هذا الملف، وكان لحصول الإمارات العربية المتحدة على صفة مراقب في “منتدى EastMed “، أهميةٌ بالغة سمحت لأبوظبي بتطويرِ علاقات أقوى مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي؛ مثل قبرص واليونان وفرنسا، والتي تشاركها المخاوف بشأن تركيا.