الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

الإمارات تقرع الجرس بوجه التدخلات الإيرانية في شؤونها السيادية

لا تختلف إيران عن تركيا في محاولة التكسب من وراء اتفاق السلام التاريخي المبرم بين الإمارات وإسرائيل.. والسعي لكسب الشعبوية عبر تنصيب نفسها راعية رسمية للقضية الفلسطينية

كيوبوست

ردَّت الإمارات، بشكلٍ حازم، على تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني الأخيرة، بشأن اتفاقية السلام بين أبوظبي وتل أبيب؛ حيث استدعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية بأبوظبي، وسلمته رسالة احتجاج شديدة اللهجة على خلفية ما تضمنه خطاب روحاني من تهديدات.

وأكدتِ الخارجية الإماراتية أن الخطاب غير مقبول وتحريضي، ويحمل تداعيات على الأمن والاستقرار في المنطقة، مشددةً على مسؤولية إيران تجاه حماية بعثة الإمارات في طهران ودبلوماسييها؛ وفقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، وبناءً على سوابق الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية الأجنبية في إيران.

اقرأ أيضًا: اتفاق إسرائيلي- إماراتي يخلق واقعاً جديداً لصعود قوة إقليمية

الشيخة نجلاء القاسمي

“ما صدر من الرئيس الإيراني أحد أسباب الاعتراض الإماراتي الدائم على سياسات إيران”، حسب الشيخة نجلاء القاسمي، رئيس قسم الشؤون الدولية بمركز دبي لبحوث السياسات العامة، والتي أكدت لـ”كيوبوست”، أنه يأتي استمراراً لنهج التدخل في الشؤون الداخلية للدولة، وبحق الإمارات السيادي في إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الدول، مشيرةً إلى أن تصريحات روحاني لا يمكن أن تعتبر حديثاً دبلوماسياً؛ ولكنها ارتبطت بشكل وثيق بالهجوم على الإمارات بصورة غير مقبولة.

وأضافت القاسمي أن إيران لديها حدود وعلاقات مع دول تُقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل، ولم نسمع في أية مرة انتقاداً إيرانياً لأي من هذه الدول؛ وهو عكس ما حدث مع الإمارات، مؤكدة أن التصريحات الإيرانية لا تبشر بالخير للإمارات التي لديها تخوفات من احتمال تعرض بعثتها الدبلوماسية في طهران إلى مضايقات على غرارِ ما حدث مع البعثة السعودية في وقتٍ سابق؛ وهو ما جرى التعبير عنه صراحةً في الرسالة التي تسلمها القائم بالأعمال الإيراني في أبوظبي.

 اقرأ أيضًا: كيف تعاملت الصحافة الإسرائيلية مع اتفاق السلام الإماراتي- الإسرائيلي؟

حسن روحاني – أرشيف

موقف سياسي

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، في تغريدة عبر حسابه على “تويتر”: “معاهدة السلام الإماراتية- الإسرائيلية قرار سيادي ليس موجهاً إلى إيران، نقولها ونكررها. ولا نقبل التدخل في قراراتنا، كما نرفض التهديد والوعيد؛ سواء كان مبعثه التنمر أو القلق. القرارات الاستراتيجية تحولية ولها وقعها وتأثيرها، وقرارنا مستقبلي يعزِّز موقعنا وتنافسيتنا”.

غسان العطية

“الموقف الإيراني يعكس رغبة سلطة تسعى إلى البقاء في الحكم”، حسب الأكاديمي والدبلوماسي العراقي السابق الدكتور غسان العطية، الذي يؤكد، في تعليق لـ”كيوبوست”، أن القضية الفلسطينية غالباً ما استخدمت من قِبل كثير من السياسيين كورقة من أجل الاستغلال السياسي؛ لتحقيق المكاسب، في الوقت الذي تعززت فيه الخلافات بين الفلسطينيين أنفسهم.

وأضاف العطية أن الموقف العربي لفترات كان يعبر عن استهلاك سياسي، وهو ما تكرر أكثر من مرة، وعندما طرح على العرب التقسيم عام 1949 ورحب الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، كان الفلسطينيون سيحصلون على 49% من الأرض؛ لكن مع الرفض أصبحنا اليوم نتحدث عن مساحات أقل بكثير، وهذا الأمر بسبب تراكم الأخطاء؛ فالرئيس المصري أنور السادات عندما وقَّع اتفاقية كامب ديفيد، استطاع استرداد الأرض، بينما سوريا التي رفضت لم تسترد الجولان حتى اليوم.

اهتمام إعلامي كبير بالاتفاق- وكالات

وأكد العطية أن إيران التي تطلق تصريحات ضد إسرائيل اليوم بعد الاتفاقية المعلن عنها بين الإمارات وإسرائيل، “هي نفسها التي كانت تحصل على السلاح من تل أبيب خلال حربها مع العراق؛ وهو أمر موثق بشهادات دبلوماسيين؛ مما يعني أن تصريحات روحاني لا تتجاوز مناورة سياسية من أجل كسب تأييد الشارع”.

محمود حمدي أبوالقاسم

من جهته، يرى الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية في الرياض محمود حمدي أبو القاسم، أن إيران تراهن على تحقيق عدة مكاسب من موقفها المعلن حيال الاتفاقية، مؤكداً، في تصريحه لـ”كيوبوست”، أن طهران تسعى لتوظيف الموقف من أجل إظهار نفسها باعتبارها الدولة الأهم إقليمياً المدافعة عن فلسطين، “في محاولة لإعادة تحسين صورتها وكسب تعاطف قطاعات شعبية في المنطقة التي تعتبر القضية الفلسطينية ضمن أهم القضايا العقائدية التي تهمها”، فضلاً عن محاولتها تنصيب نفسها كقيادة للعالم الإسلامي تعبر عن قضاياه الرئيسية بشكل  يخدم مشروعها التوسعي.

وأكد أبو القاسم أن هناك تخوفات جيوسياسية لدى إيران “حيث سيسمح وجود علاقات مباشرة بين أبوظبي وتل أبيب بوجود إسرائيلي في الخليج، وعلى الضفة المقابلة لإيران”، وربما يمتد التحالف الإماراتي- الإسرائيلي ليشمل علاقات ذات طبيعة أمنية وعسكرية؛ وهو ما تراه طهران تهديداً لها ولنفوذها في الخليج، مشيراً إلى أن نقل إسرائيل المعركة إلى حدود إيران البحرية المباشرة قد ينتج عنه تحالف أمنى ما؛ حيث كانت تل أبيب مرشحة من الولايات المتحدة لتكون ضمن التحالف الدولي لحماية الملاحة في الخليج.

وختم الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية في الرياض، بأن التصريحات المتبادلة والتصعيد لن تتعدى الأطر الدبلوماسية؛ نظراً إلى أن المصالح الاقتصادية والتجارية بين البلدين واسعة النطاق، مؤكداً أن طهران ستركز إعلامياً على الخطوة الإيرانية؛ لكسب التعاطف ووضع أطر للتغيرات المحتملة لهذه الخطوة من الأبعاد كافة.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة